موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
راهبات يستقبلن المطران دعيبس قبيل قداس تنصيبه أسقفًا لأبرشية جيبوتي
تحية في المسيح يسوع،
تلقيت العديد من الرسائل من المؤمنين يطلبون الاطمئنان عليّ في رسالتي الجديدة. وقد برز اسم جيبوتي للعديدين الذين لم يعرفوا يوماً عن هذا البلد شيئاً! ولم يكن احد يعلم بوجود كنيسة فيها! لذلك رايت مناسبا أن اعرّفكم على واقع الكنيسة هنا ، فنبقى على تواصل روحي ، ونصلي واحدنا من آجل الاخر.
جيبوتي بلد افريقي عضو في جامعة الدول العربية، صغير نسبيا اذا قارناه بالبلدان المجاورة له: ارتريا من الشمال، واثيوبيا من الغرب، والصومال من الجنوب. ويقع على البحر الاحمر. قد تكون طبيعة البلاد قاسية في مناخها وفي طبيعتها الجغرافية، ولكن فيها شعب مسالم استطاع العيش بتناغم بين كل مكوناته. ففي هذا البلد قبيلتان رئيسيتان: العيسى وهي قبيلة صومالية، والعفر والتي تمتد الى خارج حدود جيبوتي. وفي عاصمتها الكثير من اليمنيين والاثيوبيين والجنسيات الافريقية المختلفة.
منذ لحظة وصولي الى المطار، تم استقبالي بحفاوة كبيرة من قبل المطران جيورجيو برتين اسقف جيبوتي المتقاعد واكليروس الابرشية المكون من تسعة كهنة والراهبات (وهن خمس جماعات رهبانية) والمؤمنين، بالاضافة الى السفير البابوي في جيبوتي والمقيم في اديس ابابا. وظهر هذا الاستقبال جلياً في قداس الاستلام يوم الاحد، في هذه الكنيسة الصغيرة الحجم، العظيمة في رسالتها.
وفي كلمات السفير البابوي أنطون كاميليري في قداس الاستلام نقرأ: "هي كنيسة جميلة لأنها تعكس وجه كاثوليكية الكنيسة، لانها تشكل صورة مصغرة للكنيسة، بالمعنى الاصيل لهذه الكلمة والتي تعني انها تجمع البشر من الجهات الاربع تعلن نفس الايمان، في وحدة محبة اعضائها بعضهم لبعض وخاصة في شركة مع قداسة البابا، البابا فرنسيس. هي كنيسة التضامن مع الاضعف في المجتمع، مع كل من لم تتح له فرصة في الحياة لتنمية مواهبه، لاصحاب الاحتياجات الخاصة، لمن يعيشون في الشارع ويواجهون مخاطر العنف وحياة بلا هدف. هي كنيسة جميلة لانها كنيسة تحاول العيش، من خلال الحوار باحترام للمجتمع، انجيل يسوع المسيح بكل عمقه، مدافعة وداعمة لكرامة كل انسان بشري، مخلوق على صورة الله ومثاله.
ان كنيسة جيبوتي ليست ذات اهمية عددية ولكنها كبيرة في تواضعها وفي روح الخدمة من خلال حماسها وشهادتها للانجيل، ومساهمتها في تطور المجتمع في جيبوتي. ما يصنع عظمة كنيسة جيبوتي هم اولئك الذي يبذلون الكثير يوميا ليعلنوا كلمة الله من خلال اعمال الخير والمحبة".
اهم ما يميز هذه الكنيسة هي المدارس التي تديرها الابرشية بمساعدة الراهبات، اربع منها في العاصمة، بالاضافة الى مراكز محو الامية للاولاد والبنات و"مدارس للجميع" التي تدمج اصحاب الاعاقات. بالاضافة الى الذراع التربوي، تمثل كاريتاس الذراع الانساني في خدمة الاكثر حاجة، خاصة المهاجرين من البلدان المجاورة، وخاصة الاطفال منهم. على عكس العاصمة، ففي المدن الاربع التي تتواجد فيها مؤسسات الكنيسة، لا يوجد مسيحيون عمليا. خدمة مجانية هدفها الانسان المخلوق على صورة الله، والذي منحه الله كرامة سامية.
وعن العلاقة بين كنيسة جيبوتي وكنيسة القدس، قال السفير البابوي: "في كل سنة تقوم ابرشية جيبوتي بارسال العطايا الى الارض المقدسة لصالح الجماعات المسيحية التي تعيش هناك في اوضاع صعبة. انتم تأتون من قلب هذه الارض. وكما قبلت الارض المقدسة هذه العطايا الكريمة، فان هذه الارض تعمل الشئ نفسه وتبادر الى إعطاء جيبوتي، ليس مالاً، ولكن عطية اكثر قيمة: اسقفاً له مسيرة تؤهله لممارسة المسؤوليات في سياق جديد، في جماعة مسيحية جديدة. في الوقت الذي علينا جميعا ان نواجه تحديات عالم منقسم وعنيف، فان تعيينكم يمنحنا رجاءً عظيماً".
وفي كتاب التعيين الرسمي من قداسة البابا، والذي تمت قراءته في قداس الاستلام، كتب قداسة البابا فرنسيس: "نختار مرسلين أهلا لاعلان الخبر السار، وليستطيعوا تغذية شعب الله دون تعب او كلل من فرح الانجيل. نرغب في اسناد هذه المهمة لك، ايها الاخ المكرم، بسبب عملكم وحكمتكم وخبرتكم في الادارة، مما سيساعدكم في خدمة قطيع المسيح بكل عناية".
اما ابناء الكنيسة في هذا البلد، فهم متنوعون في اصولهم، فمنهم الاوروبي، ومنهم الهندي والاثيوبي والكيني واللبناني. تنوع فريد يعكس كاثوليكية الكنيسة الجامعة. يشاركون في حياة الكنيسة ويجتمعون للصلاة ويسبحون الله بثقافاتهم. اللغة الفرنسية هي اللغة المشتركة، ومحبة المسيح هي ما يوحد الجميع.
قد لا تكون الحياة "مريحة" كما تعودنا عليها، وليس اقلها ضعف التواصل عبر الانترنت وغياب وسائل التواصل الاجتماعي! ولكن هل يجب ان تكون الحياة "مريحة" لكي نكون سعيدين في حياتنا؟ ان لم نجد السعادة في الله وفي العمل بمشيئته وراحة الضمير، لن نجدها في اي مكان اخر. ان الاستقبال الذي خصني به المؤمنون في هذه الكنيسة، والعمل الدؤوب للكثيرين من راهبات ومتطوعين وعلمانيين، وازدهار المدارس على بساطتها والاقبال عليها، والعدد الكبير من اصدقاء الابرشية... كل ذلك يجعلنا نشعر بفرح الانجيل. وعلى المستوى الشخصي، فان المحبة الكبيرة التي اظهرتها كنيسة القدس ممثلة بالبطريرك واساقفة وكهنة البطريركية وجميع المؤمنين المحبين في الاردن وفي كل اماكن البطريركية، وصلوات الكثيرين، تمنحني قوةً وفرحاً ودافعاً لخدمة المسيح وكنيسته.
نعم، انا بخير، و"مبسوط" في رسالتي الجديدة!
اخوكم، ابن كنيسة القدس
المطران جمال خضر