موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٠ يونيو / حزيران ٢٠٢٠
الكنائس الكاثوليكية في مصر معالم ومعاني: كنيسة قلب يسوع الاقدس للأقباط الكاثوليك بمصر الجديدة

دراسة وتحقيق ناجح سمعـان :

 

تحمل كنيسة الأقباط الكاثوليك بمنطقة مصر الجديدة، في العاصمة المصرية القاهرة، اسمًا فريدًا بين سائر الكنائس القبطية الكاثوليكية بمصر "قلب يسوع الاقدس". هذا هو اسم الكنيسة حيث تعود تسميتها إلى الاحتفاء بعبادة قلب يسوع الاقدس التي أعلنها الرب يسوع إلى راهبته القديسة مرغريتا ماري أواخر القرن السابع عشر داعيًا إياها إلى حثّ المؤمنين على تقديم الإكرام نحو قلبه الاقدس.

 

وقد كانت الكنيسة القبطية الكاثوليكية سبّاقة في تقديم العبادة اللائقة للقلب الأقدس منذ أعلن طيب الذكر الأنبا كيرلس مقار، بطريرك الأقباط الكاثوليك، تكريس كنيسة الأقباط الكاثوليك لقلب يسوع الأقدس. ويبدو أن اسم الكنيسة قد ترجم عبر خدماتها الروحية المتنوعة إلى أفعال قوية وأنشطة ثرية ساعدت على تربية الإيمان في القلوب، وهو ما أعطى للكنيسة عبر العصور دورها المتميز في الرسالة الروحية.
 

مبنى الكنيسة

 

تقع كنيسة قلب يسوع الأقدس للأقباط الكاثوليك بميدان الاسماعيلية، في حي مصر الجديدة. تأسست عام 1927، وتم افتتاح الكنيسة للصلاة عام 1929. والكنيسة مبنية على النمط البازيليكي حيث بها سبعة مذابح، وقد أضيف إليها حامل الأيقونات حديثًا تماشيًا مع الطقس القبطي لكنيسة الإسكندرية.

 

يعبّر مبنى الكنيسة الفخم عن روعة التصميم، فمدخل الكنيسة يشبه القصور الرومانية، ويوجد على الجانبين عمودين كبيرين من الرخام، ولكل عمود قاعدة مربعة ورأس كورنثي مزخرف بأوراق الأشجار وعناقيد الكروم، وفي وسطه صليب ذهبي بارز. يجمع العمودان قوس خرساني مدهون بلون الحجر الأبيض ويعلو الأرش صليب قبطي كبير.

مدخل الكنيسة

 

أعلى الباب الرئيسي للكنيسة تمثال قلب يسوع الأقدس بين نافذتين مستطيلتين، وفوق التمثال دائرة منقوش عليها أوراق الأشجار وعناقيد الكروم في إشارة إلى سر الافخارستيا. على جانبي المدخل يمينًا يوجد تمثال القديس يوسف البتول، وفي الجانب الأيسر تمثال مريم العذراء، واهبة النعم. وأمام الباب الرئيسي للكنيسة درج من الرخام الأبيض لاستقبال المصلين. وبفناء الكنيسة الصغير يوجد مقصورة خشبية بديعة بها تمثال للسيدة العذراء، وفي يديها المسبحة الوردية، وأمام المقصورة الزروع وباقات الورود ونبات الصبّار.

نوافذ المدخل

 

في واجهة الكنيسة ثلاثة نوافذ على جانبي المدخل توجد نافذة مستطيلة في كل جانب، ومحاطة بإطار بارز من النقوش. ويظهر في خارجها صليب كبير من الجس الملون باللون الذهبي. والنافذة الأخيرة توجد أعلى تمثال قلب يسوع الأقدس، وهي دائرية الشكل ومكسوة بالحديد والزجاج الملون.

 

صحن الكنيسة

 

إذا كان مدخل الكنيسة يشير إلى فخامة المبنى، فإن الداخل يبرز روعة التصميم وبهاء الموقع، فصحن الكنيسة شاسع الاتساع تصطف به مقاعد المصلين وتتزين جدرانه بالصور والأيقونات والتماثيل، وتعكس الثريات بنورها الساطع جمال المحتويات.

 

الهيكل

 

قدس أقداس الكنيسة، وبه المذبح الرئيسي الذي تقام عليه صلوات القداس الإلهي. والمذبح مائدة من الرخام الأبيض ذات أربعة أرجل، كل واحدة منها على شكل عمود صغير زيتي اللون، وينتهي بقاعدة مربعة. يوضع على المذبح الأواني المقدسة "الكأس والصينية والصليب"، إلى جانب كتاب القداس والإنجيل المقدس. ويحاط المذبح بالشموع وقناديل للإضاءة فضلاً عن الورود الطبيعية.

الحنية وصورة القلب الأقدس

 

الحنية، أو الشرقية، تحتضن المذبح الرئيسي للكنيسة، وهي تشير إلى حضن الآب السماوي. شكل الحنية نصف دائري ومقسمة عرضيًا إلى جزءين أساسيين، الجزء السفلي به بيت القربان، والجزء العلوي به القبة السماوية. ويتوسط الشرقية على مدار قطرها إطار مذهب أرضيته زرقاء اللون، ومنقوش عليه بالجبس البارز أوراق الأشجار ذهبية اللون. أما صورة قلب يسوع الأقدس فتقع في مركز الحنية، وهي صورة فوتوغرافية كبيرة للرب يسوع فاتحًا ذراعية المقدسين، ويظهر بصدره القلب الأقدس، وبه شعلة من النار علامة حبه الملتهب للبشر.

 

 

القبة الزرقاء

 

في الجزء العلوي من الحنية توجد لوحة فنية بديعة تصور قبة السماء حيث اللون الازرق يغطي مساحة القبة، فيما تنتشر النجوم الذهبية في محيط القبة. وبداخل القبة السماوية بالحنية رسم فني لقلب يسوع الأقدس مجروحًا، فيما تنطلق من القلب الأقدس أشعة الحب الإلهي ذهبية اللون. ويحيط بقلب يسوع الأقدس إكليل شوك كبير، تعبير عن آلام المخلص من إهانات البشر. بنهاية الحنية يظهر رسم فني يصوّر الروح القدس على هيئة حمامة، محاط بدائرة مزخرفة تنطلق منها أشعة ذهبية اللون أشبه بأشعة الشمس، تعبيرًا عن مواهب الروح القدس الفائقة الطبيعة.

بيت القربان

 

بيت القربان وفيه يحفظ القربان الأقدس وهو صندوق مربع من الرخام الابيض ذو باب حديدي مذهب ومحاط بشمعدانين للإضاءة، علامة لحضور الله الدائم في السر المقدس. ويوجد أعلى بيت القربان تمثال يسوع المصلوب.

 

حامل الأيقونات

 

خارج الهيكل يوجد حامل الأيقونات وهو حاجز خشبي تتوسطه صورة العشاء السري، ويحيط بجانبي لوحة العشاء السري صور التلاميذ الاثني عشر، وأمام كل تلميذ قنديل للإضاءة، ومن ثم تقديم الإكرام. كما يعلق على حامل الأيقونات من الناحية اليمنى صورة مريم العذراء، ثم صورة مار يوسف البتول، ومن الجهة اليسرى صورة الرب يسوع، والبابا القديس يوحنا بولس الثاني.

 

بيضة النعام

 

يتدلى من حامل الأيقونات أمام الباب الملوكي للهيكل بيضة نعامة، وهي أحد التقاليد القبطية المنتشرة بالأديرة القديمة. ومن خلال الرمز تدعو الكنيسة أبنائها إلى النظر الدائم للذبيحة الإلهية على مثال النعامة التي لا يحيد بصرها عن البيضة حتى خروج صغيرها للحياة.

حائط الهيكل

 

يعلق على حائط الهيكل عدد من الصور النادرة، أبرزها صورة قلب يسوع الأقدس وصورة قلب مريم الطاهر. كما يعلق على يمين المذبح الرئيسي صورة زيتية قديمة للقديس يوسف البتول، وعلى اليسار صورة زيتية للقديسة تريزا الطفل يسوع. وعلى جانبي حائط الهيكل يمينًا ويسارًا توجد لوحة فنية تصور الكتاب المقدس مفتوحًا فوق الكرة الارضية، رمزًا لانتشار كلمة الله حول العالم.

 

الخورس

 

ما بين الهيكل وصحن الكنيسة يقع الخورس، وهو المكان المخصص للشمامسة والمرتلين أثناء صلاة القداس، فيما يقابلهم موقع كرسي الأسقف، ويحيط به مقعدين لجلوس الكهنة المعاونين في الخدمة. على الخورس أيضًا توجد المنجلية، وهي على هيئة كتاب خشبي، وعلى قائمتها صليب قبطي، وتستخدم في التعليم والوعظ أثناء أداء الصلوات الطقسية والاجتماعات.

المذابح الجانبية

 

إلى جانب المذبح الرئيسي بهيكل الكنيسة يوجد ستة مذابح جانبية بصحن الكنيسة، يحمل كل مذبح اسم قديس. أما ترتيب المذابح بدءًا من الناحية اليمينى عند دخول الكنيسة، فهي كالآتي: مذبح يوحنا المعمدان، ومذبح العذراء مريم، ومذبح القديسة تريزا الطفل يسوع، ومذبح القديس مرقس الإنجيلي، ومذبح القديس يوسف البتول، ومذبح القديسة ريتا.

 

جرن المعمودية

 

يوجد جرن المعمودية داخل مذبح يوحنا المعمدان، وهو المذبح الأول عند الدخول إلى الكنيسة من الناحية اليمنى. إن موقع جرن المعمودية عند مدخل الكنيسة يعلن عن إيمان الكنيسة القبطية بأن سر المعمودية هو بوابة الدخول إلى الإيمان المسيحي.

 

درب الصليب

 

يزين صحن الكنيسة عدد 14 صورة تروي طريق الصليب الذي اجتازه يسوع، من المحاكمة حتى الجلجثة. وتستخدم الصورة الأربعة عشرة في التأمل والصلاة خلال رياضة درب الصليب، وهي من العبادات التقوية المنتشرة في الكنائس الكاثوليكية حول العالم.

نوافذ الكنيسة والثريات

 

بصحن الكنيسة ست نوافذ مستطيلة الشكل. توجد ثلاثة فى كل جانب، وهي نوافذ حديدية كبيرة وممتلئة بالزجاج الملون والأخشاب، وتنتهي النافذة في شكل دائرة يتوسطها صليب قبطي. كما تحتوي الكنيسة على عدد كبير من الثريات مختلفة الأحجام. في منتصف صحن الكنيسة توجد ثلاثة ثريات كبيرة، وعند مدخل الكنيسة توجد ثلاثة متوسطة الحجم. فيما تعلّق على حوائط الصحن عشر ثريات صغيرة الحجم، تعطي الإضاءة القوية لأركان المكان، مظهرة ما به من مقتنيات ثمينة، فضلاً عن الرونق البديع.

 

النشاط الروحي والاجتماعي

 

تزخر كنيسة قلب يسوع الأقدس للأقباط الكاثوليك بمصر الجديدة بالعديد من الصوات الطقسية والعبادات التقوية، إلى جانب الأنشطة الروحية. حيث يمثل القداس الإلهي العمود الفقري في الحياة الدينية لأبناء الكنيسة، وإلى جانبه هناك ساعات السجود للقربان الأقدس وصلوات الشهر المريمي وصلوات شهر قلب يسوع الأقدس. إلى جانب الاهتمام الخاص بإكرام القديسين الكاثوليك على مدار العام، وهو ما يلقي بأنواره الروحية على أنشطة الكنيسة في خدمة الفقراء والمرضى والمسنين فضلاً عن مدارس الأحد وخدمة الشباب والعائلات. أما على المستوى المجتمعي، تلعب مدرسة سان جورج التابعة لبطريركية الأقباط الكاثوليك، والمجاورة لمبنى الكنيسة، دورًا رائدًا في ازدهار تعليم أبناء المنطقة، فضلاً عن رسالتها في العمل الاجتماعي.