موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
الكاردينال بيتسابالا: للإصغاء إلى صوت السلام بدلاً من مجرّد الحديث عنه
تصوير: إعلام البطريركية اللاتينية

تصوير: إعلام البطريركية اللاتينية

أبونا :

 

ترأس الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، اليوم الأربعاء 1 كانون الثاني 2025، القداس الإلهي في كونكاتدرائية البطريركيّة اللاتينيّة، بمناسبة عيد السيدة مريم العذراء والدة الإله، واليوم العالمي للسلام، وبدء السنة الميلاديّة الجديدة.

 

وفي عظته، أشار الكاردينال بيتسابالا إلى الدعوة، مع بداية العام الجديد، للصلاة من أجل السلام، لاسيمّا هنا في الأرض المقدّسة، "الأرض التي لا تعرف سلامًا"، و"تعاقبت عليها أجيال كثيرة دون أن تعرف هذا السلام"، و"تمرّ اليوم بأسوأ الأوقات فيما يتعلّق بآفاق السلام الممكنة"، وحيث "يظهر الحديث عن السلام بعيدًا جدًّا ومنفصلًا عن الواقع"، وبأنّ "التّطلعات إلى حلولٍ عادلة وحقيقيّة من أجل السلام لشعوب هذه الأرض تتعرّض باستمرار للإحباط بفعل أحداثٍ تؤدّي إلى عكس ذلك تمامًا".

 

إلا أنّ غبطته أشار إلى أنّ هذا اليوم "لا يقتصر على التأمل أو النقاش حول آفاق السلام، بل هو مكرّس قبل كلّ شيء للصلاة من أجل السلام. وهذا ينقلنا إلى بُعد آخر. فبدون أن نرفع أنظارنا نحو السماء، وبدون أن نستقبل النعمة التي منحها الله للبشريّة، من خلال يسوع، سيكون من الصعب أن نجد الأدوات التي تساعدنا على فهم هذا الوقت العصيب، وأن نُبقي أبواب قلوبنا مفتوحة للرغبة الصادقة في السلام والإيمان بإمكانيّة تحقيقة، لا بل سنجد أنفسنا مُثقلين بعبء الخوف والاستسلام".

 

على مثال الرعاة.. الإصغاء إليه والبحث عنه

 

وعلى مثال الرعاة الذين ذهبوا من دون تأخير إلى بيت لحم ليعاينوا الكلمة المتجسّد، أكد البطريرك بيتسابالا بأنّ السلام الحقيقي ينبع أولاً، وقبل كلّ شيء، من الإصغاء إلى الكلمة التي يُرشدنا إليها الله، ومن الذهاب لرؤية وقبول يسوع، والالتزام بأنّ نكون من تلاميذه.

 

وأشار إلى أنّنا نعيش في أوقات يتحدّث فيها الجميع عن السلام، عبر الصحف وقنوات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد أحدثت فينا جميع هذه التحليلات والتفسيرات والاستراتيجيات "الأوهام وخيبات الأمل". وشدّد على أنّ "الجميع يتحدّث عن السلام، لكن القليل يصغون إليه"، فـ"السلام يتحدّث، لكن لا أحد أو قليل فقط يصغون إلى صوته. فالسلام يتحدّث باللغة التي لا يفهمها إلا أولـئك الذين يقرّرون، دون تردّد، الذهاب لرؤيته، تمامًا كما فعل الرعاة".

 

وقال إنّ "صوت السلام يُسمع فقط لأولـئك الذين يبحثون عنه، الذين ينطلقون في الطريق، والذين هم على استعداد للاعتراف بطفل يجب أن يُحتضن ويُحبّ كالقوّة الحقيقيّة التي تنقّذ العالم"، وبأنّ "السلام لا يُدرك إلا من قبل الذين يفتحون قلوبهم لما يُعلّمه الرّب، وليس لما يُمليه تفكيرهم الخاص أو رغباتهم في السلطة. الرعاة أرادوا الذهاب، أرادوا رؤية الجديد الذي يُعدّه الله".

على مثال الرعاة.. العثور عليه واتبّاع أسلوبه

 

ولفت البطريرك بيتسابالا إلى أنّ الرعاة قد "ذهبوا في طلب الفهم، فمهّدوا السبيل للاعتراف"، وبالتالي "امتلأوا فرحًا عندما أدركوا في يسوع عطيّة الله، وهكذا نالوا السلام!"، مشيرًا إلى أنّ سنة اليوبيل تقدّم لنا دعوة، في الحياة الشخصيّة والاجتماعيّة والكنسيّة، إلى "التقدّم من المعرفة إلى الاعتراف".

 

وقال: "نحن نعرف يسوع، ونعرف الطريق الذي هيأه لنا، لكن ربّما لا نعترف به بما يكفي... العثور على يسوع يعني الاعتراف بأنّ نعمته يجب أن تكون مغفرةً للآخرين. العثور على يسوع هو السير في طريقه، وهو حمل صليبه، أي اتّباع أسلوبه في العمل والمحبّة".

وأشار إلى أنّ "السلام الحقيقي هو نعمة، ولكنه أيضًا مهمّة تتطلّب الصبر والمثابرة، مبنيّة على التخلّي عن الأنانيّة والطّموح الفرديّ، للدخول في منطق الملكوت. فبدون هذه الاستعدادات لأن نكون تلاميذ المسيح، سنكون قادرين على تحقيق هدنة أو تسويات، ولكننا لن نختبر السلام الحقيقيّ"، لافتًا إلى أنّ السلام الحقيقيّ لن يكون أبدًا ثمرة مجرّدة لاتفاقيات بشريّة"، بل من الصليب، ذلك "الحبّ الحقيقيّ، الذي هو كمال العدل"، من خلال "تقديم الذات حتّى النّهاية".

 

وخلص الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا في عظته رافعًا الدعاء: "ليجدّد طفل بيت لحم، بشفاعة العذراء والدة الإله ووالدتنا، في كلّ واحدٍ منا، وفي جماعتنا الكنسيّة، ذلك الحبّ القادر على منح القوّة والشّجاعة للبدء من جديد: للإِصغاء إلى صوت السّلام، للتعرّف عليه في شخص يسوع، وللعمل على تحقيقه دائمًا، دون يأس، هنا، وفي جماعتنا ومجتمعنا المدنيّ".