موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١١ فبراير / شباط ٢٠٢٥
الكاردينال بيتسابالا في قانا الجليل: زيارة راعوية تجمع الإيمان والمحبة والتحديات

إعلام البطريركية اللاتينية :

 

قام الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا بزيارة راعوية إلى قانا الجليل، من 6-9 شباط 2025.

 

تحمل كل زيارة راعوية طابعها الخاص، إذ يرى غبطته أن هذه الزيارات تشكل جزءًا أساسيًّا من خدمته الراعوية، وفي العديد من زياراته السابقة أشار إلى ذلك، متسائلًا كيف له أن يخدم شعبًا لم يلتقِ به ولم يسمع منه مباشرة، ومؤكدًا أن الأيام التي يقضيها بين أبناء الرعيّة تتيح له فرصة التعرّف على تفاصيل حياتهم اليوميّة، وهي أمور لا يمكن إدراكها عن بُعد.

 

اليوم الأول: استقبال رسميّ يعكس روح المحبة

 

احتشد المؤمنون أمام كنيسة عرس قانا الجليل، حيث أُقيم استقبال رسمي على أنغام معزوفات كشافة اللاتين - الرينة وكشافة عرس قانا الأرثوذكسيّة. تقدّم المستقبلين النائب البطريركي في الجليل المطران رفيق نهرا، وكاهن الرعيّة الأب هيثم حنو الفرنسيسكاني، بحضور كهنة من مختلف كنائس المدينة، إضافة إلى إمام وشيخ البلدة ورئيس البلدية، في مشهد يعكس روح المحبة والأخوة التي تجمع أبناء المجتمع.

 

ثم قام الجميع بالتوجه إلى الكنيسة، حيث ألقى الأب هيثم كلمة ترحيبية متمنيًا فيها أن تكون الزيارة مثمرة. بدوره، أكد غبطته في كلمته على أهميّة هذه الزيارة، مشدّدًا على ضرورة تعزيز وحدة المجتمع رغم التحدّيات، ومذكّرًا بأهمية قانا كمركز للحج والتجديد الروحي.

اليوم الثاني: لقاءات تعليميّة وإنسانيّة

 

بدأ غبطته اليوم الثاني بزيارة مدرسة راهبات الفرنسيسكان في كفر كنا، حيث استقبلته الأخت رينيه موسى، مديرة المدرسة، إلى جانب السيدة شيرين ناطور، مديرة التعليم العربي في وزارة التربية والتعليم. وخلال اللقاء، استمع غبطته إلى التحديات التي تواجه المدرسة، ثم جال في أقسامها المختلفة.

 

وعبّر البطريرك عن سعادته بلقاء الطلاب والهيئة التعليمية، وقال: "لقد لفت انتباهي الابتسامة المشرقة على وجوه الأطفال، وهو أمر في غاية الأهمية لضمان نموهم في بيئة مشجعة. فالمدرسة ليست مجرد مكان للتعليم، بل هي مساحة تُغرس فيها القيم والمبادئ التي تشكّل شخصية الأجيال القادمة". كما شدد على الدور المحوري للمدارس في تعزيز التنشئة الأكاديميّة والروحيّة".

 

تبع ذلك زيارة إلى مسجد المدينة، حيث التقى بالشيخ محمد دهامشة، تلاها زيارة إلى مؤسّسة كفركنا لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث استقبله مدير المؤسّسة إبراهيم خلايلة، بحضور الأهالي وطاقم العمل. وقال غبطته خلال الزيارة: "لهذا المكان أهميّة خاصة، فهو يعكس مدى اهتمام المجتمع برعاية الأكثر ضعفًا. ليبارك الله خدمتكم، وواصلوا لأن تكونوا نورًا يشع في مجتمعكم". كما زار غبطته عددًا من العائلات، ومنح مسحة المرضى لبعض كبار السِّن والمرضى في بيوتهم.

اليوم الثالث: تعزيز الوحدة المسيحية وزيارة المؤسسات المحلية

 

زار غبطته كنيسة الروم الأرثوذكس، حيث استقبله كاهن الرعيّة الأب ليونديوس، ولجنة وكلاء الكنيسة. وأكد الأب ليونديوس في كلمته على أهميّة الوحدة المسيحيّة، مستشهدًا بأول معجزة أجراها المسيح في قانا، حيث حوّل الماء إلى خمر كرمز للتجديد الروحيّ.

 

بعد ذلك، توجه غبطته إلى كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، حيث استقبله الأب سيمون خوري، ثم التقى بأبناء الرعيّة وأكد على أهمية الصلاة والوحدة في الكنيسة. ثم تابع زيارته إلى بلدية كفر كنا، حيث التقى بمدير عام المجلس البلدي إسلام إمارة، وأعضاء المجلس، وأشاد بأجواء التعايش في المدينة، مشدّدًا على ضرورة تعزيز قانا كموقع حج ديني. وقد مُنح غبطته شهادة مواطنة من قبل المجلس تقديرًا لدوره في تحقيق السلام والتقارب بين مختلف فئات المجتمع.

 

كما زار غبطته مدرسة البيادر الابتدائية، والتي تعد أقدم مدرسة في كفر كنا، حيث التقى بالطاقم الإداري والتعليمي، وأكد على أهميّة التعليم في بناء المجتمع، مشيرًا إلى تحدّيات العصر الحديث، خاصة الذكاء الاصطناعي وتأثير الإنترنت على الطلاب.

 

واختتم البطريرك يتسابالا يومه بلقاء أبناء الرعيّة وفعالياتها المتعدّدة، حيث استمع إلى التحدّيات التي تواجههم، خاصة في مجال التنشئة الروحيّة والهجرة، وشجّعهم على الاستمرار في الإيمان، مشددًا على أن التغيير يتطلب الصبر والجهد والأمل.

اليوم الرابع: قداس احتفالي وختام الزيارة

 

اختتم البطريرك زيارته الراعويّة بالاحتفال بقداس الأحد، حيث منح سرّ التثبيت لسبعة طلاب وأربع طالبات. وقال في كلمته الختامية: "لقد بلغنا ذروة هذه الزيارة الراعوية، وأودّ أن أشكركم على الأيام الجميلة التي قضيناها معًا وعلى حسن استضافتكم. سأحمل معي إلى الأساقفة في القدس أمنياتكم وطلباتكم. وكما هو الحال في كل زيارة راعويّة، أعود بغنى كبير، فالزيارات ليست مجرد لقاءات، بل فرصة لبناء روابط متينة مع الجماعة المسيحيّة في الأرض المقدّسة".

 

ووجه غبطته رسالة إلى الذين نالوا سر التثبيت، قائلاً: "الآن، بعد نيلكم سرّ التثبيت، أنتم تدخلون مرحلة النضوج الروحي، وعليكم اتخاذ قراراتكم بروح المسيح. تمامًا كما ألقى بطرس شبكته بناءً على كلام يسوع ونال فيضًا من النِعَم. أنتم مدعوون لأن تكونوا مسيحيين حقيقيين، تميّزون بين كلام العالم وكلام يسوع، وتمنحون الأولوية لكلمته في حياتكم".

 

وقام كاهن الرعيّة بتقديم درع شكر وصليب باسم الرعيّة لغبطته تعبيرًا عن تقديرهم للرعاية التي يوليها للكنيسة. هذا وغادر البطريرك بيتسابالا قانا الجليل محمّلًا بالذكريات، وتاركًا أثرًا روحيًّا في قلوب أبناء الرعيّة، مؤكدًا على أهميّة التلاقي والحوار والتعاون من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا لمجتمعاتنا.