موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٣ مايو / أيار ٢٠٢٥
القدس ولندن متحدتان بالإيمان: احتفال مسكوني بالذكرى الـ1700 على نيقية

حراسة الأراضي المقدسة :

 

في 20 أيار 2025، أي بعد 1700 عام بالضبط من بدء مجمع نيقية (325 للميلاد)، اتحدت مدينتا القدس ولندن في صلاة مسكونية واحدة. جمع هذا الحدث مسيحيين من مختلف التقاليد بروح الوحدة والرجاء، في موقعين رمزيين: كونكاتدرائيّة اسم يسوع الأقدس في القدس وكنيسة الهيكل في لندن.

 

بعيدون جغرافيًا، متحدون بالإيمان

 

ترأست الاحتفال شخصيات بارزة من العالم المسيحي المعاصر. في القدس، ألقى الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك اللاتين، كلمةً إلى جانب عدد من ممثلي الكنائس الشرقية. وفي لندن، افتتح الحدث الكاردينال فنسنت نيكولز، رئيس أساقفة وستمنستر، برفقة قادة من الكنائس الأنغليكانية والأرثوذكسية والكاثوليكية.

 

لم تكن هذه الخدمة مجرد لحظة طقسية مهيبة، بل وكانت أيضًا علامة قوية على الأخوة في زمنٍ يتسم بالانقسام والصراع، لاسيّما في الأرض المقدسة. وقد عبّرت رسالة من البابا فرنسيس، تُليت في بداية الاحتفال، عن قرب البابا من المسيحيين في الشرق الأوسط، داعيًا إلى "إنهاء فوري للصراع" و"مستقبل سلمي قائم على التسامح والتضامن الأخوي".

مجمع نيقية: التاريخ والروحانية

 

كان جوهر الاحتفال هو التلاوة المشتركة لقانون الإيمان النيقاوي، والذي قُرئ بلغات مختلفة - اليونانية واللاتينية والإنجليزية والعربية وحتى السلافية الكنسية القديمة - مُظهرًا شمولية الرسالة المسيحية. كانت تلك لحظة رمزية للغاية: فقانون الإيمان نفسه، الذي صيغ في القرن الرابع لتأكيد الإيمان المشترك بالآب والابن والروح القدس، لا يزال يوحّد اليوم أيضاً بين الملايين من المؤمنين حول العالم.

 

كان مجمع نيقية، الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين، أول مجمع مسكوني رئيسي في تاريخ المسيحية. وعن ذلك التجمع لأساقفة جاؤوا حينها من مختلف أنحاء الإمبراطورية، انبثق إعلان إيمان مشترك، يهدف إلى مواجهة الانقسامات اللاهوتية في ذلك الوقت. واليوم، وبعد سبعة عشر قرنًا، لا يزال هذا الدستور أساسًا متينًا للشركة بين الكنائس، على الرغم من الاختلافات الليتورجية والعقائدية.

متحدون في الصلاة من أجل الأرض المقدسة

 

نظمت الشبكة المسكونية "أصدقاء الأرض المقدسة" هذا الحدث، وهو يهدف أيضًا إلى لفت الانتباه إلى الوضع الصعب الذي يعيشه المسيحيون في الشرق الأوسط، والذين يُوصفون أيضاً بـ"الحجارة الحية" التي يجب دعمها بالصلاة وأعمال التضامن الملموسة.

 

في عالم يبحث عن معنى يتعلق به، بيّن هذا الاحتفال المتزامن بين لندن والقدس كيف أن الإيمان لا يزال قادرًا على التوحيد، عابرًا الحدود واللغات لبناء جسور السلام والأخوّة.