موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٨ مايو / أيار ٢٠٢٤
الجامعة الكاثوليكية بأربيل تنظم مؤتمرًا حول قانون الأحوال الشخصيّة للمسيحيين
كلمة البطريرك ساكو في المؤتمر

البطريركية الكلدانية :

 

نظّمت الجامعة الكاثوليكية في أربيل مؤتمرًا حول قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، من 27 وحتّى 30 أيار 2024، بحضور رئيس إقليم كوردستان العراق نيجرفان بارزاني، وعدد من الوزراء والأساقفة، وممثّل عن القضاء الأعلى في بغداد، ومتخصّصون من لبنان والأردن وسورية ودولاً أخرى.

 

وألقى البطريرك الكلداني الكاردينال لويس ساكو كلمة أكد فيها أنّ "موضوع الأحوال الشخصية بالغ الأهمية، إذ يعالج قضايا الزواج، والطلاق، والبطلان وحضانة الاطفال، والوصاية، والنفقة والتبنّي والميراث، عبر معايير شرعة حقوق الإنسان العالمية، والمبادىء الوطنية والأخلاقية".

 

وقال: "من المفترض أن يسعى هذا القانون لاحترام حرية الإنسان في ممارسة حياته وحقوقه، وأن يُساوي بين جميع المواطنين، وبين الرجل والمرأة، في مجتمع متنوع كالمجتمع العراقي. هذا حق مقدس لكل مواطن، ولا ينبغي استنكاره، لأن إحترام الآخرين وإيمانهم وقناعاتهم هي قيم أساسية للمحافظة على التنوع المجتمعي وترابطه، والعيش المشترك المتناغم".

 

وشدّد على أنّ" المشرّعين العراقيين أن يُدركوا أن مجتمع اليوم تغيّر كثيرًا، وأن عليهم التعامل بشجاعة مع هذا الموضوع، ليجدوا حلاً عادلاً لمعاناة المواطنين، ويرعوا خصوصيتهم كما جاء في الدستور العراقي (المادة 2، الفقرة 2): "يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة، والممارسة الدينية، كالمسيحيين، والإيزديين، والصابئة المندائيين".

 

ولفت إلى أنّ "الحلّ الذي يُعيد الأمل إلى المواطنين أيًّا كانت انتماءاتهم هو: قيام دولة ديموقراطية مدنية، سيادة مستقلّة، تحترم حقوق مواطنيها، ولا تفرّق بين هذا وذاك، وبين الديانات والمذاهب والقوميات. دولة تعتبر الحرية والعدالة والكرامة حقًا لا مطلبًا، وتوفّر سبل العيش الكريم لأبنائها"، معربًا عن أسفه بأنّ "ما تمّ منذ سقوط النظام السابق الى اليوم هو خجول".

 

 

معاناة المسيحيين

 

وأشار إلى أنّ "المشاكل التي يُعاني منها المسيحيون في العراق، وهم سكانه الاصليون، كثيرة، منها التهميش والإقصاء، مخاوف المستقبل، خصوصًا أسلمة القاصرين وفقًا للمادة 18 من قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بالقاصرين، والتي تجبرهم على إعتناق الإسلام بمجرد أن تشهر الزوجة (الأم) إسلامها، والقانون نفسه يسري على الزوج (الأب). هذا النص يتعارض مع المادة 37/2 من الدستور العراقي التي تضمن حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني. سؤالي لماذا لا يُتركون على دينهم؟".

 

وشكر غبطته "عضو المجمع الفقهي العراقي، الشيخ عبد الله السعدي، على تعليقه على مقال لي سابق بهذا الخصوص في صحيفة العربي الجديد حيث قال: "الإسلام نصّ على أن (لا إكراه في الدين)، الأمر الذي يؤكّد أنّ الدين الإسلامي يرفض رفضًا قاطعًا مبدأ الإكراه والإجبار في اختيار الدين، كما يشير النص على أنّ كل ما رفضه العقل مرفوض، من خلال رفض الإكراه، ما يعني أنّ الشخص له حرية الاختيار، وفقًا لما يختاره عقله، ولا يجبر على ما خالف ذلك"، متمنيًا "أن يتبنى القضاء العراقي هذا التفسير المستنير، وبالتالي على الدولة أن تراعي حقوق كل مواطن وتحترم حريته وكرامته من دون تمييز".

 

وبناءً على هذا التباين، اقترح البطريرك ساكو صيغتين للمعالجة:

 

"1. في العالم الحديث هناك ديانات متعددة وثقافات مختلفة ومجتمعات متنوعة علمانيّة شبه مطلقة مع تحولات عميقة للقيم الروحية والاخلاقية خصوصًا في الغرب، واعتقد أن الدول الدينية بالمعنى الحصري سوف تختفي أمام سرعة التحولات في المجتمعات. لذا اقترح أن تصدر الدولة قانونًا موحدًا مدنيًا عامًا للأحوال الشخصية لمعالجة هذه التعددية الدينية والمذهبية والثقافية. هكذا قانون يُخرج البلد من انقساماته الطائفية، ويُعزز الحسّ الوطني والانساني، والعيش المشترك. أما بالنسبة للقوانين الخاصة فبإمكان كل فرد أن يعود الى دينه في إختيار الطريقة التي يرغب في إتباعها في الزواج الديني وتبعاته.

 

2. في سبيل الوصول إلى المستوى الإيجابي من حقوق المواطنة للمسيحيين مع إخوانهم المسلمين في هذا الوطن، في غياب قانون موحد للجميع، هناك ضرورة لتشريع جديد يخص مسائل الأحوال الشخصية للمسيحيين في العراق انطلاقًا من نص المادة (41) من الدستور العراقي النافذ، يعدّه رؤساء كنائسهم وفق القوانين الكنسيّة المعتمدة لديهم، هكذا تُضمن حقوقهم وتستقر حياة عائلاتهم".