موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٥ ابريل / نيسان ٢٠٢٣
البطريرك ساكو: المسيحيون في الشرق الأوسط ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية
وفد الكنيسة الكلدانيّة المشارك في المؤتمر (تصوير: أسامة طوباسي / أبونا)

وفد الكنيسة الكلدانيّة المشارك في المؤتمر (تصوير: أسامة طوباسي / أبونا)

فاتيكان نيوز :

 

على هامش أعمال المنتدى الذي عُقد في العاصمة القبرصية نيقوسيا وأنهى أعماله يوم أمس الأحد حول موضوع "متجذرون في الرجاء" وقد نظمته هيئة رواكو، المعنية بمساعدة الكنائس الشرقية في الذكرى السنوية العاشرة لصدور الإرشاد الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط"، أجرت مراسلة موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع بطريرك بابل للكلدان الكاردينال روفائيل الأول ساكو تحدث خلالها عن التهديدات المحدقة بكنائس المنطقة التي تحتاج إلى الإصغاء والاحترام.

 

اتفق المشاركون في المنتدى على أن المسيحيين في الشرق الأوسط يحتاجون إلى المساعدة كي يتمكنوا من البقاء في أرضهم وكي يعيشوا فيها كمواطنين كاملي الحقوق والواجبات أسوة بالجميع. وقد عبر للمناسبة البطريرك روفائيل ساكو عن ألمه وقلقه حيال مصير الحضور المسيحي في الشرق الأوسط، كما سلطت مداخلات ممثلي مختلف الكنائس المحلية الضوء على التبدلات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات العشر الماضية، إذ بات الواقع مختلفا وأكثر مأساوية، وقد برزت تحديات ومشاكل جديدة، في طليعتها الحضور المسيحي والإسهام الذي تقدمه الجماعات المسيحية في تلك البلدان.

 

استهل غبطته حديثه مؤكدًا أن التواجد المسيحي في الشرق الأوسط ليس وليد الصدفة، وقال إن للمسيحيين دعوتهم، لكنهم يحتاجون إلى المساعدة والإصغاء والمرافقة من قبل الكنيسة الأم. وأضاف ساكو: لا بد من دعم المسيحيين كي لا يغادروا، يجب أن يُساعدوا كي لا يختاروا الهجرة، محذرا من مغبة أن يفرغ الشرق الأوسط من المسيحيين وأن يفقد جذور المسيحية.

 

وأكد البطريرك الكلداني أن حضور الكنائس الشرقية في المنطقة بات مهدّدًا اليوم، فالمسيحيون لا يجدون مستقبلا لهم في العراق وسورية ولبنان وفلسطين، نتيجة التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها. وأشار إلى أن الغرب بات يفتقر إلى القيم الدينية والإنسانية، إزاء انتشار العلمنة، وفي الشرق توجد الأصولية التي تتحول إلى رعب وإرهاب، ويصبح المسيحيون مهددين ومهمشين، ولفت إلى احتلال أراضي المسيحيين وقراهم، فضلا عن المسألة الديمغرافية.

ردًا على سؤال بشأن الأحداث التي شهدتها المنطقة منذ انعقاد سينودس الأساقفة الخاص بالشرق الأوسط وصدور الإرشاد الرسولي، قال البطريرك ساكو إنه زار البابا بندكتس السادس عشر في العام 2009 وطلب منه أن يُعقد السينودس، كي يعطي الرجاء للكنائس المسيحية الصغيرة والمهددة. وأشار إلى أنّ كل شيء تغيّر اليوم، ومع أن الإرشاد الرسولي جميل، فالواقع بات مختلفًا تمامًا.

 

وذكر غبطته بزيارة البابا فرنسيس إلى العراق، وبقربه وصداقته مع المسلمين اللذين نتجت عنهما وثيقة الأخوة الإنسانية، فضلا عن اللقاء الهام الذي جمع البابا مع آية الله السيستاني، عندما قال هذا الأخير إننا جميعًا أخوة. واعتبر ساكو أنه لا بد من السعي إلى الإفادة من كل ذلك كي يتمكن المسيحيون من العيش كأخوة ومواطنين طبيعيين، وكي تتغير ذهنية من يعتقد أن المسلمين هم متفوقون على المسيحيين ليُعامَل هؤلاء كمواطنين من الدرجة الثانية. وذكّر بأن المسيحيين كانوا متواجدين في العراق قبل مجيء الإسلام، لكنهم اليوم أقلية وهم بالتالي يحتاجون إلى الآخرين.

بعدها لفت بطريرك بابل للكلدان إلى وجود حوار مع السلطات المسلمة، لكن لا بدّ من العمل على تطبيق هذا الحوار، وأكد أن ما يمنح الرجاء والأمل لمسيحيي الشرق الأوسط هي زيارات وفود من الأساقفة والكرادلة الغربيين، لأن الكنيسة تبقى بحاجة إلى مبادرات القرب والصداقة، قولا وفعلا. هذا ثم قال البطريرك ساكو إن الجميع يتحدثون عن حقوق الإنسان، بيد أن المسيحيين لا يعاملون بالطريقة نفسها أسوة بالمسلمين، ولا يتمتعون بالحقوق والواجبات نفسها.

 

وأوضح ساكو أنه عوضًا عن السعي إلى بناء دول ديمقراطية ومتحضرة، رُفعت الحواجز، لافتًا إلى أهمية العمل من أجل فصل الدين عن الدولة، وهذا الأمر يتطلب دعمًا دبلوماسيًا وسياسيًا، من الخارج أيضا، تجاه المسيحيين الذين يواجهون اليوم الاضطهاد ولو بشكل غير معلن، ما يعني أنه من المستحيل أن يصبح مسيحي وزيرًا، وثمة بعض المسيحيين الذين تُصادر بيوتهم، ويتعرضون للتهديد بالخطف.

في الختام توقف البطريرك ساكو عند أوضاع المسيحيين في لبنان، قائلا إنهم كانوا أكثرية، وتساءل كم بات عددهم اليوم؟ فكلهم يفكرون بمغادرة الشرق الأوسط الذي هو أرضهم. وأكد أن التاريخ يعلمنا أن المسيحيين أعطوا الكثير لبلدانهم، وهم يدفعون اليوم ثمن سياسات غربية خاطئة، ويعانون من الضياع والخيبة والضعف.