موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
افتتح البابا لاون الرابع عشر، مساء الجمعة 5 أيلول 2025، قرية "كُن مسبَّحًا" في كاستل غاندولفو، على أرض مساحتها 550 دونمًا كانت قديمًا جزءًا من القصور البابوية. ويجمع هذا المشروع، الذي ألهم فكرته البابا فرنسيس، بين الروحانية والتعليم والتاريخ والطبيعة والفن والابتكار المستدام، ليكون شاهدًا حيًّا على التزام الكنيسة برعاية الخليقة وخدمة الفئات الأكثر ضعفًا.
وعند وصوله من البوابة الرئيسية للمجمّع، استقبله القائمون على خدمة الحجاج وزوار القرية يوميًّا. وسار البابا على صول شارع محاط بالأشجار، مُحييًا العائلات، ومشيرًا إلى ما وصفه لاحقًا بالموضوع الرئيسي "الترحيب"، وهو مبدأ يجمع بين رعاية الخليقة والتضامن والكرامة الإنسانيّة.
واصل البابا زيارته في عربة كهربائية، دلالة على التزام المشروع بالتنقل المستدام. وتوقف في حديقة "ليتل مادونا" التاريخية، حيث احتفل في وقت سابق من هذا الصيف بالقداس الأول المكرّس للعناية بالخليقة. ووصفها البابا بأنها "كاتدرائية طبيعية"، داعيًا الجميع مجدّدًا إلى التوبة البيئية، وحاثًّا على التأمل في أنماط حياتنا وتحمّل مسؤولية أكبر في رعاية بيتنا المشترك.
وتجوّل البابا بين الحدائق والآثار القديمة، والتقى بالعمال وعائلاتهم، شاكرًا لهم رعايتهم للأرض ولأكثر من 3000 نوع من النباتات المزروعة في القرية. كما توقّف لإطعام أسماك الكوي اليابانية في بركة مليئة بزنابق الماء، متأملاً في جمال الحدائق. وفي كرم العنب الحيوي، اطلع البابا على أعمال المزارعين والحيوانات، بما في ذلك بعض الخيول الجميلة، مسلطًا الضوء على البيئة المتكاملة كرمز لرعاية الخليقة والإنسان معًا.
وتوّج اليوم في الدفيئة الجديدة، وهي مجمّع متعدّد الاستخدامات وخالٍ من انبعاثات الكربون، يُشكّل القلب النابض لمشروع قرية "كُن مسبَّحًا". ويضم أيضًا مركز التعليم العالي المُصمم لاستضافة جميع المبادرات المُكرّسة للاستدامة البيئية. هناك، ترأس البابا لاون الرابع عشر ليتورجة الكلمة ورتبة البركة، بمرافقة ترنيمة قدّمها أندريا بوتشيلي وابنه ماتيو.
وفي عظته، تطرّق البابا إلى نص إنجيل متى، مُذكرًا بالدعوة إلى "النظر إلى طيور السماء" و"التأمل في زنابق الحقل"، وفيه يدعو يسوع بشكل واضح إلى النظر والتأمّل في الخليقة، موضحًا أنّ هذين الفعلين يقودان إلى فهم التصميم الأصلي للخالق.
وأكد الحبر الأعظم أنّ لكلّ مخلوق دور أساسي ومحدّد في مشروع الله، وكلّ واحد منها "شيء حسن". وأشار إلى أنّ سفر التكوين يوضّح "المكانة الخاصة التي أُعطيت للإنسان في عمل الخلق؛ الكائن الأجمل، المخلوق على صورة الله ومثاله".
ولفت إلى أنّ هذه الميّزة ترافقها مسؤوليّة عظيمة: أن يحافظ الإنسان على جميع المخلوقات في احترام لمخطط الخالق. وشدّد على أنّ الاعتناء بالخليقة دعوة حقيقية لكلّ إنسان، يجب أن يقوم به داخل الخليقة، مع إدراك أنّه مخلوق بين المخلوقات.
وأكد البابا أنّ المشروع يهدف لأن يكون مختبرًا حيًّا للإيمان والاستدام، مضيفًا: "ما نراه اليوم هو مزيج من الجمال الاستثنائي، حيث تتعايش الروحانية والطبيعة والتكنولوجيا في تنناغم. إنّه مكان للألفة والتقارب، وبذرة يمكن أن تُثمر ثمار عدالة وسلام".
واختتمت الطقوس برفع صلاة من أجل الخليقة، طالبين من الله أن يوقظ في القلوب الامتنان لكل مخلوق، وأن يُنير قادة العالم لتعزيز الخير العام، ويقوّي عزيمة البشريّة لحماية الحياة وإعداد "ملكوت من العدالة والسلام والمحبّة والجمال".