موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٢
الاحتفال باليوبيل الماسي لتأسيس كنيسة سيدة البشارة للاتين في اللويبدة

أبونا :

 

احتفلت كنيسة سيّدة البشارة للاتين في منطقة جبل اللويبدة، بمرور 60 عامًا على تأسيسها.

 

جاء ذلك خلال القداس الاحتفاليّ الذي ترأسه النائب البطريركي للاتين في الأردن المطران جمال دعيبس، مساء اليوم الجمعة 30 أيلول 2022، بمشاركة كاهن الرعيّة الأب عدنان بدر، وعدد من الكهنة، ولفيف من عائلات الرعيّة، وكافة فعالياتها الرسوليّة، وحشد من الراهبات والمؤمنين من مختلف المناطق.

 

وألقى الأب بدر كلمة في بداية القداس رحّب فيها بالمطران دعيبس في زيارته الراعويّة الأولى لكنيسة سيّدة البشارة في اللويبدة بعد سيامته الأسقفيّة وتسلمه مهام النيابة البطريركيّة اللاتينيّة في الأردن، مشيرًا إلى أنّها تتزامن مع الاحتفال باليوبيل الماسي للكنيسة.

 

مع وفي ومن أجل الكنيسة نصلي

 

وقال: "الفرحة تملأ قلوبنا شاكرين الرب تعالى على نعمه وعطاياه ومكرّمين الأم العذراء سيّدة البشارة، ومعظمين الرّب معها؛ فكم من صلوات رُفعت إلى الرب في هذه الكنيسة بالذات، وكم من احتفالات زيّنت نفوس أبناء هذه الرعيّة، وكم من نعم وافرة ملأت قلوبهم خلال سنوات مضت، خاصة أولئك الكهنة والراهبات الذين تشّرفوا بخدمتها ورعايتها، إلى جانب أولئك الذين نالوا الأسرار المقدّسة فيها.. أجيال وأجيال مرّت على هذه الكنيسة، فكانوا حجارة حيّة، أحبّوا الرّب، وعشقوا بيته هذا".

 

أضاف: "الكنيسة هي حضور المسيح الدائم، وبالتالي هي المكان المناسب للصلاة وإعلان الإيمان. وما الحضور اليوم إلا شهادة حيّة على محبّة هؤلاء المؤمنين لرعيّتهم، وصورة جليّة لانتمائهم لكنيستهم. واليوم فمع الكنيسة نصلي، وفي الكنيسة نصلي، ومن أجل الكنيسة نصلي، ومع أبناء هذه الرعيّة نصلي". وذكر الأب بدر في كلمته جميع الكهنة والراهبات الذين خدموا الكنيسة، والرحمة للمتوفين، كما رافع الصلاة لمن تبنوا فكرة بناء الكنيسة وسهروا على تحقيقها لكي تبقى معلمًا على سفح اللويبدة العريق، خاصًّا بالذكر المرحوم واصف باشا البشارات وزوجته سلمى سلطي البشارات، وابنته نجلاء واصف البشارات.

اليوبيل.. شباب متجدّد

 

وبعد إعلان "إنجيل البشارة"، ألقى المطران دعيبس عظة أشار فيها إلى أنّ الاحتفال بيوبيل الكنيسة يعني أنّها في شباب متجدّد، وما حضور أبناء الرعيّة في هذه المناسبة اليوبيلية إلا دليل على أنّ الكنيسة ما تزال، بنعمة الرّب، تمنح الشباب الروحيّ لجميع أبنائها. وقدّم في هذا السياق الشكر لكاهن الرعيّة والراهبات والعائلات، طالبًا حماية سيّدة البشارة التي اختارها الرّب لتكون أمًا للمسيح.

 

ولفت إلى أنّ حدث البشارة هو تذكير ببداية الخلاص؛ بتجسّد المسيح فيما بينما، حيث أصبح ابن الله إنسانًا، وأنّ الرّب قريب منا، ويسعى دائم لخلاصنا. ومع تجسّد يسوع في أحشاء الأم البتول قد أصبح واحدًا منا، وجاء لكي يعيش معنا، ويكون حاضرًا فيما بيننا، وهذا الحضور هو حضور النور الأزلي الذي لا يغيب، ويبقى منيرًا حتى في أحلك الظلمات.

رسالة اليوبيل

 

وأوضح بأنّ كنيسة اللويبدة تحمل اسم البشارة، وفي ذلك رسالة بأنّ تبقى هذه الرعيّة حاملة لرسالة البشارة الحيّة والمتجدّدة في حياة كل المؤمنين، مشدّدًا على أنّ "الكنيسة هي البيت الروحيّ الكبير لجميع أعضاء الرعيّة، فهي التي تجمعهم ليكونوا عائلة واحدة كي ينالوا نعمة الرّب من خلال الأسرار المقدّسة. وهنا، في هذه الكنيسة، نعيش حياتنا المسيحيّة، وهي مرجعيتنا وبيتنا الذي نعود إليه دائمًا؛ إنّنا رعيّة واحدة، وجماعة واحدة، وعائلة واحدة، يجمعنا السيد المسيح الحاضر فيما بيننا، وتبقى العذراء أمًا لنا جميعًا".

 

وأشار سيادته إلى أنّ أمومة السيّدة العذراء هي أمومة دائمة، فهي قدّمت وما تزال السيد المسيح لنا، وتقودنا إلى ابنها. فعندما نظهر التعبّد المريميّ فإننا نعلم جيّدًا بأننا نكون قريبين من ابنها يسوع. وخلص المطران دعيبس عظته في القداس داعيًا أن تبقى هذه الكنيسة "مكانًا حيًّا بنعمة الله، وبحضور المؤمنين، لكي يسيروا معًا كعائلة واحدة"، موضحًا بأنّ رسالة اليوبيل هي "أن نجدّد شبابنا بنعمة الرّب، وأن نجدّد التزامنا في أن نعيش عائلة، ننقل الإيمان المسيحيّ من جيل إلى جيل".

 

في ختام القداس، شكر الأب عدنان بدر المطران دعيبس وكافة الفعاليات الراعويّة والمؤمنين على حضورهم، وقدّم هدايا تذكارية للاحتفال اليوبيلي لمترئس الاحتفال والكهنة الذين خدموا الرعية، ولأخت الأب المرحوم فاروق البصير تقديرًا لخدمته، ولعددٍ من أبناء الرعيّة الذين نالوا الأسرار المقدسة في الكنيسة، وللنائبة العامّة لرهبانيّة الورديّة الأخت مادلين دبابنة، ولراهبات السالزيان على خدمتهنّ للرعيّة.

تأسيس الرعيّة اللاتين

 

كانت رعيّة يسوع الملك في منطقة المصدار تجمّع جميع المسيحيين التابعين للطقس اللاتيني في العاصمة منذ تأسيسها عام 1928. لكن مع نمو السريع للعاصمة، وهجرة المسيحيين من فلسطين عام 1948، لم تستطع هذه الرعيّة استيعاب المؤمنين الجدد، فبدأت بإرسال كهنة مساعدين لخدمة المؤمنين في مناطق المحطة والجبل الهاشمي وماركا، قبل أن يصبح كلّ من هذه الأحياء رعيّة متكاملة مستقلة.

 

وفي عام 1958، ومع توسّع العاصمة غربًا، أنشئت رعيّة مار يوسف العامل في جبل عمّان. كانت الرعيّة الثالثة هي رعيّة البشارة في جبل اللويبدة عام 1963، لاسيّما بعد أن انتقل المونسنيور نعمة السمعان، النائب البطريركي في الأردن، للسكن في حي جبل اللويبدة.

كانت بعض العائلات المسيحية اللاتينيّة تسكن حي اللويبدة، ومنها عائلة البشارات، وكان الملك حسين قد منح كبير العائلة، السيد واصف البشارات، لقب "باشا". كانت تربط عائلة البشارات والمونسنيور نعمة السمعان علاقة صداقة عميقة، فتبرع الباشا بقطعة أرض من ممتلكاته في جبل اللويبدة لبناء كنيسة وقاعة للرعيّة ومبنى (مركز الواصفية سابقًا، كاريتاس والمركز الكاثوليكي حاليًا) ودير للكاهن.

 

بتاريخ 21 أيلول 1960 تمّ في دار نيابة البطريركيّة اللاتينيّة التوقيع على مشروع بناء كنيسة سيّدة البشارة. بارك البطريرك ألبرت غوري حجر الأساس في 14 نيسان عام 1961. استمرّ العمل في الكنيسة إلى نهاية عام 1962، حيث اكتلمت جميع الأعمال الإنشائيّة والتكميلية فيها، وأصبحت جاهزة لاستقبال المؤمنين. تمّ مباركة الكنيسة بتاريخ 14 نيسان 1963. ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا تعاقب على خدمتها 12 كاهن رعيّة، إضافة إلى راهبات السالزيان اللواتي بدأن الخدمة فيها بعد مغادرة راهبات الورديّة منها في العام 2015.