موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٥
الكاردينال بيتسابالا يحتفل بعيد كنيسة العائلة المقدسة في رام الله
رسالة أمل وصمود للمسيحيين في فلسطين

سند ساحلية / نبض الحياة :

 

"المسيحيون في الأرض المقدّسة لم يتوقفوا عن الحياة… الميلاد يشكّل مصدر الرجاء لشعب يرزح تحت ضغوط مستمرة، والناس بحاجة إلى أن يتنفّسوا، وأن يروا الحياة، وأن يخلقوا أجواءً من الفرح والأمل". بهذه الكلمات افتتح بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، كلمته خلال استقباله في كنيسة العائلة المقدّسة في رام الله بمناسبة عيدها، مسلطًا الضوء على أهمية الصمود والإيمان في مواجهة التحديات اليومية التي يواجهها المجتمع المسيحي في فلسطين.

 

وكان في استقباله وفد من كهنة وقساوسة مجلس كنائس رام الله، يتقدمهم الأب يعقوب رفيدي، كاهن الرعية، ورئيس بلدية رام الله عيسى قسيس، إلى جانب عدد من كهنة البطريركية اللاتينية والراهبات وشخصيات من مدينة رام الله ومؤسساتها، إضافة إلى فعاليات رعيّة كنيسة العائلة المقدّسة وأبناء الرعيّة، فيما رافقه المطران بولس ماركوتسو والمطران إيلاريو انتونيتزي خلال الزيارة.

 

بعد الاستقبال الرسمي، توجه الجميع إلى ديوان الرعية، حيث أُلقيت كلمات ترحيب بالكاردينال من قبل رئيس بلدية رام الله، أعقبها كلمات مجلس كنائس رام الله والمجلس الرعوي، قبل أن يلقى الكاردينال كلمته، معبرًا عن فرحته بالتواجد بين أبناء الرعية، ومؤكدًا على أهمية الصمود والإيمان والوحدة المجتمعية في مواجهة التحديات اليومية التي تواجه المسيحيين في الأرض المقدّسة. وبعد ذلك، ترأس الكاردينال قداسًا احتفاليًا في كنيسة العائلة المقدسة بهذه المناسبة.

 

كلمة الكاردينال بيتسابالا

 

خلال كلمته، أكد الكاردينال بيتسابالا أن الاحتفال بعيد الميلاد، رغم الظروف الصعبة، هو فعل إيمان ورجاء، مضيفًا أنّ المسيحيين في الأرض المقدسة "لم يتوقّفوا عن الحياة". وأوضح أنّ الميلاد يشكّل مصدر الرجاء الحقيقي لشعب يعيش تحت ضغوط متواصلة، مشددًا على ضرورة أن "يتنفس الناس ويشهدوا الحياة ويخلقوا أجواء من الفرح والأمل"، لما تمنحه هذه الأجواء من قوة وصمود لمواجهة السنة الجديدة، التي وصفها بأنها ستكون مليئة بالتحديات، خصوصًا في الضفة الغربية.

 

ورفض الكاردينال أي توصيف شخصي له كبطل أو قديس، في أعقاب زيارته الرعوية الأخيرة إلى قطاع غزة وما سبقها من زيارات خلال الحرب، معتبرًا نفسه "راعٍ يقوم بما هو مطلوب منه، لا أكثر ولا أقل".

 

وأشار إلى أن الحضور الميداني للكنيسة، رغم محدودية قدرتها على حل جميع الأزمات، يظل علامة أساسية وشهادة حيّة، ووسيلة لمواجهة الواقع كما هو، لا مجرد الاكتفاء بالرمزية. وأكد أنّ دور القيادة الكنسية يشمل التنسيق والعمل المشترك، داعيًا إلى التمسك بالوحدة والوجود المستمر في الفضاء العام، ومُحذرًا من الانغلاق داخل المنازل أو الكنائس.

 

وختم الكاردينال كلمته بالربط بين عيد الرعيّة ومعنى العائلة المقدسة، معتبرًا أن العائلة المتماسكة هي الأساس لأي مجتمع حيّ، وقال: "من دون العائلة لا توجد جماعة، ومن دون الجماعة لا توجد حياة"، داعيًا إلى الصلاة من أجل جميع العائلات للحفاظ على وحدتها وقدرتها على الصمود.

 

وفي عظته، أوضح أن الله يختار أن يدخل عالمنا في صورة طفل ضعيف ومعرّض للخطر، على خلاف منطق هيرودس الذي يمثّل سلطان الموت والعنف والخوف على السلطة، ليكشف عن ذاته عبر الضعف ويجعل الإنسان شريكًا في حمايته ورعايته. كما شدّد على القديس يوسف كنموذج للحماية والإصغاء والطاعة، مشيرًا إلى أن حضور الله اليوم يعتمد على إصغائنا، وطاعتنا، وجعل حياة الآخر أولوية.

رئيس بلدية رام الله

 

من جانبه، أكّد رئيس بلدية رام الله، عيسى قسيس، خلال استقبال الكاردينال، أن حضوره يمثل رسالة أمل ودعم للمجتمع المسيحي في الأرض المقدّسة، خصوصًا في قطاع غزة، الذي يعيش تحت ضغوط يومية وصعوبات متعددة. وأوضح قسيس أنّ حضور الكاردينال ليس زيارة رمزية فحسب، بل تعبير ملموس عن الالتزام بالسلام والعدالة ومساندة المسيحيين في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والوجودية.

 

وأشار إلى أنّ فلسطين تمثل فسيفساء دينية ومذهبية تجمع بين مختلف الكنائس المسيحية والأديان الأخرى، ما يعكس الإرث التاريخي المشترك وروح التعايش بين الشعوب على مدى قرون. وأضاف أنّ الكنيسة لا تقتصر مهمتها على الطقوس الدينية، بل تلعب دورًا محوريًا في توحيد المجتمع وتعزيز روح التعاون والتضامن بين أفراده، بما يضمن استمرار النسيج الاجتماعي وتماسك المجتمع. واختتم كلمته بالشكر للكاردينال على حضوره واهتمامه المستمر بقضايا الشعب المسيحي في فلسطين، مؤكّدًا أنّ هذه الزيارة تعزز الروابط بين الكنيسة والمجتمع المدني وتدعم مسيرة العيش المشترك.

كلمة مجلس كنائس رام الله

 

ألقى القس فادي دياب، نيابة عن كهنة وقساوسة مجلس كنائس رام الله، كلمة خلال استقبال الكاردينال، عبّر فيها عن الفرح والامتنان لوجوده بين أبناء الرعية، واصفًا حضوره بأنه "نعمة حقيقية وعلامة قوية على الشغف والقرب الروحي، يعزّز إيماننا ويقوي رجاءنا".

 

وقال دياب إن الكاردينال "جاء كراعٍ يهتم بمرافقة مجتمعه في هذه الأوقات الصعبة، واقفًا بشجاعة أمام الظلم والمعاناة، ومعطيًا صوتًا للشعب الفلسطيني ومواساة للمتألمين". وأضاف: "لقد ذكرنا العالم أن الكنيسة لا يمكن أن تكون محايدة أمام الظلم والمعاناة، وأن الحياد في مثل هذه اللحظات يعني خيانة رسالة المسيح".

 

وأشار إلى زيارة الكاردينال الأخيرة إلى غزة خلال عيد الميلاد، واصفًا إياها بأنها "إشارة واضحة على التضامن مع مجتمع يواجه الحزن والآلام، حيث جسد حضور يسوع بين الناس المثقلين بالمعاناة، حاملاً رسالة الأمل التي تولد من جديد". وختم القس دياب كلمته بالشكر للكاردينال على خدمته المخلصة، مؤكدًا أن قيادته "تذكّر الجميع بأن الإيمان الحقيقي يتطلّب الوقوف مع المظلومين والعمل بلا كلل من أجل المصالحة والكرامة والأمل، وأن حضوره يعزز الروابط بين الكنيسة والمجتمع المسيحي ويدعم صمودهم في مواجهة التحديات اليومية".

كلمة المجلس الرعوي

 

وألقى عدنان فرمند، نيابة عن مجلس رعاوي كنيسة العائلة المقدسة في رام الله، كلمة رحّب فيها بالكاردينال، معربًا عن الامتنان والفرح بهذه الزيارة التي تتزامن مع أعياد الميلاد ورأس السنة، ومشددًا على أهمية الحفاظ على الوجود المسيحي في فلسطين وحماية الهوية والتراث والكنائس.

 

وأشار فرمند إلى التحديات التي تواجه العائلات المسيحية، ولا سيما إقناع الأبناء بالبقاء في الوطن، مؤكدًا دور الكنيسة والمجتمع في العمل المشترك مع البلديات والمؤسسات المحلية والدولية لدعم صمود المسيحيين وتأمين مقومات الحياة الكريمة.

 

كما عبّر عن التضامن مع أهل غزة، مشيرًا إلى استمرار الدعم والصلاة من أجلهم في ظل ما يعانونه من صعوبات، وأكد على أهمية الوحدة بين أبناء المجتمع والعمل المشترك من أجل السلام والعدالة. وفي ختام كلمته، شكر فرمند الكاردينال على حضوره ودعمه المتواصل، معتبرًا زياراته ومواقفه تعبيرًا صادقًا عن رسالة الكنيسة والتزامها القوي تجاه المجتمع المسيحي في فلسطين.

الأب يعقوب رفيدي

 

وقدّم الأب يعقوب رفيدي، كاهن الرعية، كلمة ترحيبية في مستهل القداس بالكاردينال والحضور، مبرزًا أهمية مناسبة عيد العائلة المقدّسة التي تحمل الكنيسة اسمها، والتي تجمع أبناء الرعية تحت مظلة واحدة. وأكد رفيدي أنّ هذا العيد يتجاوز كونه احتفالًا دينيًا، ليكون فرصة لتجديد القيم الأسرية، وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع المسيحي، وتسليط الضوء على الدور الحيوي للكنيسة في دعم الإيمان والحفاظ على التراث المسيحي الغني في فلسطين، فضلًا عن تشجيع التكاتف والتضامن بين جميع أبناء الرعية في مواجهة التحديات اليومية.