موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الجمعة، ٢٤ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
الأب بشار فواضلة حول نقاط التفتيش: لم نشهد وضعًا صعبًا كهذا منذ الانتفاضة الثانية
نقاط التفتيش الإسرائيلية تشلّ الضفة الغربية

أ ف ب وأبونا :

 

كان الأب بشار فواضلة يتحرّك بحريّة داخل وخارج بلدة الطيبة، في الضفة الغربية المحتلة، حتّى قامت القوات الإسرائيلية بتركيب بوابات عند مدخل البلدة بين عشية وضحاها، بعد ساعات فقط من سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

 

يقول الأب فواضلة، من كهنة البطريركيّة اللاتينيّة، وراعي كنيسة اللاتين في بلدة الطيبة المسيحيّة، شمال رام الله: "بدأ الأمر ليل الأحد الإثنين، استيقظنا لنكتشف وجود حواجز معدنيّة عند مدخل قريتنا الطيبة، وعلى الطرق المؤديّة إلى أريحا والقدس ونابلس".

 

وفي مختلف أنحاء الضفة الغربيّة، وجد المسافرون أن رحلتهم إلى العمل تستغرق وقتًا أطول بكثير منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة. ويقول الكاهن "مساء الإثنين، بقي الناس العائدين من رام الله" بعد عملهم "في سياراتهم من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الثانية صباحًا"، موضحًا أنّ كلّ سيارة خضعت للتفتيش من قبل الجيش الإسرائيلي.

 

ويُشير الأب فواضلة، لوكالة فرانس برس، إلى أنّ الكثير من السكان قد غادروا عملهم في وقت مبكر الثلاثاء والأربعاء تحسبًا لرحلة شاقّة سيخوضونها وينتظرون خلالها في طوابير طويلة، مع عدم إمكانية العودة قبل الوصول إلى نقاط التفتيش.

 

ويضيف أنّه اعتاد على نقاط التفتيش المنتشرة على طوال الجدار العازل الذي يخترق أجزاء كبيرة من الضفة الغربيّة وعند مداخل المدن والبلدات الفلسطينيّة. لكنه يتابع "لم نشهد وضعًا صعبًا كهذا منذ الانتفاضة الثانية" بين العامين 2000 و2005.

 

كتل خرسانيّة وبوابات معدنيّة

 

أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيليّة، ذات الميول اليساريّة، أنّ السلطات الإسرائيليّة أمرت الجيش بتفعيل العشرات من نقاط التفتيش حول الضفة الغربيّة خلال الأيام المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتي تستمرّ 42 يومًا.

 

ووفق "هيئة مقاومة الجدار والمستوطنات" الفلسطينيّة، فقد تمّ وضع 146 بوابة حديديّة حول الضفة الغربيّة بعد بدء الحرب في غزة، 17 منها في شهر كانون الثاني وحده، ليصل إجمالي عدد الحواجز على جميع طرق الضفة الغربيّة المحتلة 898 نقطة تفتيش.

 

ومن جنوب الضفة الغربيّة إلى شمالها، تتكرّر الاختناقات المروريّة حيث تنتظر عشرات السيارات وأحيانًا المئات، عبور الحواجز. ومن سائقي هذه السيارات، أنس أحمد الذي وجد نفسه عالقًا لمدّة أكثر من خمس ساعات قرب المدينة الجامعية في بيرزيت، على طريق أصبح أكثر ازدحامًا جراء إغلاق الطرق الموازية. ويقول متنهّدًا "هذه مضيعة للوقت".

 

ويضيف أنس لوكالة فرانس برس: "إنّ نقاط التفتيش ما زالت نقاط تفتيش، ولكن الفارق الآن هو أنهم أحطونا بالبوابات. وهذا هو التغيير الكبير". والبوابات المعدنيّة البرتقالية التي يشير إليها أنس هي نسخة أخف من نقاط التفتيش الكاملة والتي عادة ما تتميّز ببوابة وملاجىء خرسانيّة للجنود الذين يتحققون من هويات السائقين أو يفتشون سياراتهم.

إنّنا في سجن

 

في المقابل، يُعرب أحد سكان رام الله، طالبًا عدم الكشف عن هويته خوفًا من العواقب، عن شعور بـ"أنّنا في سجن، ولكن الآن نشعر كما لو أنّنا وُضعنا في الحبس الانفرادي". ويلفت إلى أنّ الرحلة التي كانت تستغرق عادة 20 دقيقة، استغرقت ساعتين الأربعاء.

 

وإذ يشير إلى أنّ "كلّ قرية معزولة"، يتساءل "ماذا بعد ذلك؟ نقطة تفتيش في كلّ شارع؟ أمام كلّ منزل؟". ويتابع "كما لو أنّ هناك أرانب.. يمكنها الخروج في الصباح، القيام بأشياء معيّنة، ثمّ يتعيّن عليها العودة في المساء إلى القفص لقضاء الليل". وفيما يقول إنّ الحواجز تبدو "دائمة"، يطرح سؤالاً يدور في ذهن كثيرين، وهو "هل تكون هذه بداية الضم الكامل للضفة الغربية؟".

لا نعرف ما هي الخطة؟

 

في إطار تسليط الضوء على القيود المتزايدة على الحركة، أشارت منظمة بتسيلم الإسرائيلية غير الحكومية الثلاثاء، إلى أنّ إسرائيل "لا تقوم سوى بتحويل تركيزها من غزة إلى مناطق أخرى تسيطر عليها في الضفة الغربية". فيما قدرت ورقة أكاديميّة بحثيّة صادرة عن معهد الأبحاث التطبيقيّة في القدس عام 2019 أنّ الفلسطينيين قد خسروا في ذلك الوقت 60 مليون ساعة عمل سنويًّا بسبب القيود.

 

وفي حين بدا الوضع الخميس أفضل قليلاً في بعض المناطق، أتى ذلك نتيجة قرار كثيرين العمل من منازلهم، عشية يوم العطلة الأسبوعية. ويقول أحد سكان رام الله "يمكننا القيام بذلك مرة أو مرّتين في الأسبوع، ولكن ليس بشكل دائم".

 

على خلفية هذه التطوّرات، بات الأب بشار فواضلة يخشى التنقّل، ويقول "لا نشعر بالأمان ولا يمكننا العيش على هذا النحو". ويضيف "لا نعرف ما هي خطّة الإسرائيليين على وجه التحديد"، متابعًا "ولكنّهم يريدون منّا مغادرة البلاد". وبالنسبة له فإنّ أسوأ تأثير هو عدم القدرة على التخطيط حتّى ليوم واحد مسبقًا. ويوضّح "أسوأ ما نواجهه الآن هو أنّنا لا نملك رؤية للمستقبل القريب، حتّى ليوم الغد".