موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بدعوة من رابطة مسيحيي المشرق في الأردن، وبالتعاون مع المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، ألقى الأرشمندريت الدكتور أغابيوس أبو سعدى، الباحث في الدراسات المسيحيّة المشرقيّة والعربيّة، الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024، محاضرة بعنوان: "قراءة مسيحيّة مشرقيّة للتجذّر في الأرض"، وذلك في قاعة كرم امسيح، التابعة لكنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي بعمّان.
في بداية اللقاء، رحّب الدكتور عدلي قندح، ممثلاً عن رابطة مسيحيي المشرق، بالحضور ومعربًا عن إيمانه بأهميّة هذا اللقاء الذي يدعو المسيحيين في المشرق إلى التمسّك بأرضهم والبقاء فيها على الرغم من كلّ التحديات. وذكّر بأنّه في سفر أعمال الرسل كان العرب من بين الحاضرين لحدث العنصرة، وكانوا باكورة من اعتنق الديانة المسيحيّة، مشيرًا إلى أن الأرض المقدّسة هي أرض تضم فلسطين والأردن وسورية ولبنان، وكل منطقة عاش فيها السيّد المسيح، ومن بعده الرسل الأطهار.
ثمّ تحدثّت السيدة لينا مشربش، رئيسة رابطة مسيحيي المشرق في الأردن، حيث قدّمت عرضًا تاريخيًّا للرابطة التي تأسّست منذ عام 2013 على يد الراحل الكبير كامل أبو جابر، وزير الخارجيّة الأردني الأسبق. وكان من بين الحضور في اللقاء السيّدة سوزان أبو جابر.
وألقى الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، كلمة أشاد فيها بالتعاون بين المركز ورابطة مسيحيي المشرق، وشكر الأب أغابيوس باسم الكهنة والراهبات والحضور على تخصّصه بتاريخ المسيحيّة المشرقيّة العربيّة، وعلى كتابه الذي سبق وقدّمه في عمّان حول الكرسي الرسولي ومواقفه المشرّفة من القدس والقضية الفلسطينية بشكل عام. وعبّر الأب بدر عن أمنياته بأن يحلّ عيد الميلاد وقد رنّمت النفوس والقلوب بكلّ فرح النشيد الذي أطلقه الملائكة مع رعاة بيت ساحور، وهي البلدة التي يأتي منها المحاضر الضيف: "المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام".
وتحدّث الأب أغابيوس عن تاريخ المسيحيّة المشرق والمشرّف في الأرض المقدّسة، وفي المشرق بشكل عام.
وتضمن حديثه جزئين، الأوّل تاريخي، عرض فيه التواريخ الأساسيّة للحضور -وليس فقط الوجود الديمغرافي- المسسيحي في منطقة الشرق. وقال بأنّ جذور المسيحيين هنا منذ القدم، وإن كنا نتحدّث عن تاريخ المسيحيّة بشكل عام فإنّنا نتحدّث عن تاريخ المسيحيين في هذه المنطقة بشكل متوزان.
أمّا الجزء الثاني من المحاضرة فكان روحانيًّا عبّر فيه عن أمنياته بألا تُكمل هجرة المسيحيين سيرها، بل أن يبقى المسيحيون متجذرين في هذه الأرض. وعبّر عن صلاته بأن يتوحّد المسيحيون في قراراتهم وموافقهم لأن السيّد المسيح أراد أن يكون تلاميذه جميعهم واحدًا. وفي أثناء حديثه هن المجامع المسكونيّة الأولى، قال بأنّ المسيحيين كانوا موحدين ولكن مع الأسف كانت السياسة قد بدأت تقسّم بينهم، وتفرّق وتؤثر على قراراتهم التي كان من المؤمل أن تكون مستقلة عن أية سلطة سياسية.
وفي النهاية، عرض الأب أغابيوس، وهو العامل حاليًا في أبرشيّة الجليل للروم الملكيين الكاثوليك، بأن يَعبُر المسيحيون دائمًا -بالرغم من صعوبات الأوضاع السياسيّة وتعقديات الأوضاع الاقتصاديّة- بقوة وشجاعة وبروح خلاقة مبدعة، فالمسيحيون ما كانوا أبدًا في الشرق، وفي كل الأوقات، إلا مبدعين ومقدمين لأبناء بلدهم وأوطانهم كل الدعم والتشجيع لنهضته الفكريّة والثقافيّة، من دون التركيز على الأعداد، إنما نوعيّة المسيحيين المؤمنين بالمسيح، والمساهمين في خدمة مجتمعاتهم.
وفي نهاية اللقاء، أدار الدكتور عدلي قندح النقاش، حيث أثرى الحضور بأسئلتهم وحواراتهم واقتراحاتهم لنهضة مسيحيّة مشرقية متجدّدة ومتجذرة في تربة هذه الأرض المقدّسة. وقدّمت السيدة لينا مشربش درعًا تذكاريًا للمحاضر الضيف.