موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تصوير: أمانة سر البطريركيّة السريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة
افتتح بطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان، صباح يوم الإثنين 11 أيلول 2023، أعمال السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، وذلك في مقرّ مطرانيّة الموصل، في قره قوش، في العراق.
وبعد صلاة إلى الروح القدس، ألقى غبطته الكلمة الافتتاحية، أشار فيها إلى أنّ هذا السينودس هو الأول الذي يُعقد خارج لبنان منذ أكثر من 125 عامًا، وتطرّق إلى الرياضة الروحية التي "سنتأمّل مع حضرة الأباتي سمعان أبو عبدو حول "ملامح الأسقف في عالم متغيّر"، متناولاً صفات الأسقف في عالم اليوم كسفير للمسيح، وعلاقته مع الله، ومع إخوته في الأسقفية، ومع أبناء أبرشيته.
تناول غبطته الأوضاع المؤلمة التي تشهدها المنطقة وتعصف بالبلدان المشرقيّة، والتي ستنال حيّزًا مهمًّا من البحث والتحليل خلال جلسات السينودس، مؤكدًا أنّه وبالرغم من التحدّيات والمعاناة فإنّنا "سنبقى شعب الرجاء بالرب يسوع وبكلمته المحيية، ورجاؤنا به لا يخيب".
وعرض غبطته أمام الأساقفة الحاضرين المواضيع التي سيتمّ مناقشتها خلال السينودس، وأهمّها: واقع الكنيسة والآمال والتحدّيات، التضامن الفاعل بين الأبرشيات، واقع الهجرة، الإنتهاء من مراجعة ليتورجية القداس، الاستعدادات لسينودس تشرين الأوّل 2023، تقارير حول الأبرشيات والرعايا وإكليريكيّة سيّدة النجاة وراعوية الشبيبة، العمل المشترك والتعاون مع الكنيستين السريانيّة الأرثوذكسيّة والملنكاريّة الكاثوليكيّة، والمؤتمر الكهنوتي المقرّر عقده عام 2025.
وأكّد على أنّ "لكهنتنا جميعًا المسؤوليّة في مشاركتنا أعباء خدمتنا الروحية والرعوية التي تهدف إلى تقديس النفوس بتعميق الإيمان والحسّ الكنسي والرسولي والتذوّق الليتورجي. وهذه المهمّة، نحن وإيّاهم مؤتمَنون عليها. وكما لهم علينا الحقّ في تعامُلنا معهم بالمحبّة الفاعلة بروح العدل الذي يتجنّب الفوقية وسوء استعمال السلطة، يجب أن ننوّه بوضوح إلى أنّ للكنيسة التي وعدوا بخدمتها والالتزام بها، الحقّ أن تذكّرهم بأن يعيشوا دعوتهم الكهنوتيّة بروح المسؤولية، دون شروط مسبَقة أو لاحقة، وبقناعة وفرح".
وتناول غبطته الأوضاع في العراق، مشيرًا إلى تعرّض الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة بشكل خاص لأحداث مؤلمة جدًا، من مجزرة كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد، ومن اقتلاع أبنائنا في الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى على يد إرهابيي داعش، ومن هجرة الكثيرين منهم.
وشدّد على أهمّية الوحدة والتعاون بين مختلف الكنائس والمؤمنين لبناء مستقبل أفضل، بالتعايش والمودّة مع مختلف المكوّنات الدينية والثقافية. وقال: إنّنا لا نحتاج لامتيازات، بل نسعى لعيش حقوقنا أسوةً بجميع شركائنا في الوطن رغم التحدّيات. وقد لمسنا من لقاءاتنا مع المسؤولين في الحكومة الاستعداد الكامل للتعاون والاستماع إلى احتياجات المواطنين، بمن فيهم المسيحيون.
وحول التحدّيات في سورية، أوضح غبطته بأنّها تتزايد في ظلّ استمرار التداعيات القاسية في المناطق التي شهدت هجمات إرهابية وأعمال تخريب وتدمير، مؤكدًا على أنّ الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة ملتزمة، أسوة بسائر الكنائس الشقيقة، برعاية شؤون المؤمنين وخدمتهم.
وقال البطريرك يونان: إنّنا جزءٌ لا يتجزّأ من نسيج هذا الوطن، ونعيش كما إخوتنا في ظلّ مفاعيل الأزمات المستمرّة في البلاد، لا سيّما المعاناة الشديدة على الصعيد الإقتصادي، وانعكاس ذلك على أبنائنا الذين يُقدمون على الهجرة بكثافة بحثًا عن حياة كريمة، ولا تزال انعكاسات الزلزال المدمّر ماثلة رغم الجهود الحثيثة للتخفيف عن الآلام والمآسي.
وحول الأوضاع في لبنان، قال: تستمرّ المعاناة وتتصاعد في ظلّ شغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب التمادي غير المبرّر من النواب في انتخاب رئيس جديد يعيد إنتاج سلطة سياسية تدير شؤون البلاد، وفي مقدّمتها تشكيل حكومة تسعى إلى التخفيف من حدّة الانهيار الذي يطال كلّ الأصعدة. فنحن لا نعيش مجرّد تمديد للفراغ الرئاسي، بل غياب حسّ المسؤولية الوطنية لدى الذين ائتُمِنوا على مقدّرات الوطن.
ودعا المسؤولين، وبخاصّة على المسيحيين منهم، أن "يجتمعوا بكلّ جدّية وتصميم، ويوحّدوا جهودهم من أجل النهوض بلبنان، وعلى النواب المبادرة فورًا إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ونحن نسعى جاهدين، مع إخوتنا رؤساء الكنائس الشقيقة، لبثّ روح الوحدة والتفاهم والتضامن والتعاون بغية تخطّي الأزمات الخطيرة، لا سيّما ونحن على أبواب افتتاح المدارس، وفي ظلّ تبخُّر أموال المودعين في المصارف، وغيرها من الأزمات التي تتآكل جسم الدولة".
ورفع غبطته الصلاة من الأخوة في المغرب الذين يعانون بسبب الزلزال الأخير، سائلاً الراحة لنفوس المتوفّين والشفاء للجرحى. كما تطرّق إلى أحوال أبناء الكنيسة في مصر، والأردن، والأراضي المقدّسة، وتركيا، وفي بلدان الانتشار، في أوروبا والأميركتين وأستراليا، حيث يعيشوا حقوقهم الإنسانيّة الوطنيّة، لكنّهم يجابهون تحدّي المحافظة على إيمانهم وتراث آبائهم وأجدادهم.
ولفت إلى أنّ الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة تبذل كلّ جهودها للوقوف إلى جانب أبنائها ومساندتهم قدر الإمكان. ففي لبنان، على سبيل المثال، قامت وللعام الرابع على التوالي، بتقديم التعليم المجّاني لأبنائها في المدارس التابعة لها، تحسّسًا منها بالأوضاع الضاغطة التي يمرّون بها، كما أنّها تشعر بالمسؤوليّة المشتركة وبالضرورة الملحّة لمتابعة خدمة المؤمنين في الشرق والغرب، روحيًا ورعويًا واجتماعيًا، لافتًا في هذا السياق إلى تحدّيات العلمنة والإلحاد وما يهدّد قيم العائلة والمجتمع في الغرب.
وختم البطريرك يونان كلمته الإفتتاحية داعيًا إلى "العمل سوية بشراكة سينودسيّة نابعة من المحبّة والحقّ. لأنّ أنظار أبرشياتنا ورعايانا ومؤسّساتنا، إكليروسًا ومؤمنين علمانيين، هي موجّهة نحونا، إذ تنشد منّا تفعيل الرعاية المسؤولة على مثال الراعي الصالح".
هذا وسيختتم السينودس أعماله مساء يوم الجمعة 15 أيلول، بقراءة البيان الختامي.