موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٨ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢
احترسوا من كلّ ظلم

أشخين ديمرجيان :

 

ينتظر الرب برحمته فترة من الزمن كي يتوب الظالم أو المجرم ويرتدع عن غيّه، ولكن حينما يطفح الكيل ويبلغ السيل الزبى ولا يبقى في قوس الصبر منزع، حينئذ يتدخّل الربّ، الذي يقضي ويُنصف ويضع حدًا حاسمًا للظلم والتنكيل والجرائم، أو لكلّ من يتطاول على الوصايا الالهيّة ويتنكّر للتعاليم السماويّة. "لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَك يكره كُلَّ مَن يعمل بالظّلم"  (تث 25: 16).

 

ويتساءل معظم الناس اليوم قائلين: "ألا يرى الله جميع البشر المساكين الذين يهلكون في الحروب والمجاعات والكوارث؟ ألا يهمّه عذاب الناس وهلاكهم"؟. يجيب النبي أشعيا ابن أموس الذي أنار الله قلبه، فتنبّأ على لسانه تعالى: "إنّ لربّ الجنود يومًا على كلّ مُتكبّر ومُتَعال، وعلى كلّ مرتفع فيُحَطّ... سيوضَع تَشامخ ابن آدم، ويُحَطَ ترفّع الإنسان، ويتعالى الرّبّ وحده في ذلك اليوم" (أشعيا 2: 12 و17).

 

ومن الأمثلة على ذلك في الكتاب المقدّس قصة الملك هيرودس. مدّ الملك هيرودس أغريبا الأوّل، الحفيد الأكبر لهيرودس الكبير، مدّ يديه ليسيء الى المؤمنين المسيحيين والى أناس من الكنيسة، واضطهد بَعضَ رجال الكنيسة... وقتل بحدّ السيف يعقوب أخا يوحنّا. ولاقت جريمته استحساناً لدى اليهود، لذلك قام أيضاً بإلقاء القبض على بطرس رئيس الكنيسة المنظور، وزجّه في السجن. وسلّم أمر حراسته الى ستة عشر عنصرًا من جنوده، على أمل أن يقوم بقتله بعد عيد الفصح العبريّ. وكان أعضاء الكنيسة يضرعون الى الله ليل نهار كي يفكّ أسره ويُعيده إليهم سالماً.

 

ويوم أزمع هيرودس على قتل بطرس، كان هذا الأخير نائمًا مربوطًا بسلسلتين في يديه، يحيط به الجنود. كما كان الجند يحرسون باب السجن في الخارج. أقبل ملاك الرب إلى بطرس، وأيقظه وطلب منه أن يقوم بسرعة، وفي الحال سقطت السلاسل من يديه. ثمّ قال له الملاك أن يلبس رداءه ويتبعه الى الخارج. وبعد أن تجاوزا كلّ الحرّاس انفتح الباب الخارجي الذي يؤدّي الى المدينة فخرجا، وبعد أن تقدّما قليلاً اختفى الملاك.

 

أيقن بطرس أنّ هذه ما كانت رؤيا، وأن الله أرسل له ملاكاً لينقذه من هيرودس. ثمّ توجّه بطرس إلى بيت مريم أمّ مرقس، حيث كان يجتمع المؤمنون للصلاة، كي يطمئنهم. قرع بطرس الباب وناداهم فسمعت احداهنّ صوته، ولمّا أخبرت سائر المجموعة ارتابوا. ولكن حينما فتحوا الباب ورأوه اندهشوا. حدّثهم بطرس كيف أخرجه الربّ من السجن، ثم هرب إلى مكان آمن بعيداً عن أعين هيرودس.

 

في الصباح أراد هيرودس أن يقتل بطرس ولم يجده في السجن فأمر بقتل الحرّاس. وفي يوم آخر لبس هيرودس حلّته الملوكيّة وجلس على عرشه يخاطب الشعب. وهتف الشعب له بأنّه إله – حاشى وكلاّ. وفي الحال ضربه ملاك الرب لأنّه لم ينسب المجد  إلى الله. وأكله الدود ومات. أمّا كلمة الله فكانت تنمو وتزيد. "وكان عدد التلاميذ يزداد كثيراً في أورشالم، وجمعٌ كثير من الكهنة يستجيبون للإيمان" (أعمال 6: 7).

 

 

خاتمة

 

تشتهر هذه المقولة عنه تعالى: "يُمهل ولا يُهمل"، يُمهل الظالم كي يتوب لأنّه رحيم عادل. ولا عجب في أنّه سبحانه تعالى "يُكابر المتكبّرين ويُنعم على المتواضعين" (1 بطرس 5: 6 ؛ ويعقوب 4: 7)، ويسند المظلومين في شدائدهم بقوله الخالد: "طوبى للمضطهدين من أجل البِرّ فإنّ لهم ملكوت السماوات" (متّى 5: 10).