موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٧ ابريل / نيسان ٢٠٢٥
أندريا تورنييلي يكتب: علامة حضور في زمن الواقع الافتراضي
كتب مدير التحرير في دائرة التواصل الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقالاً افتتاحيًا هذا الاثنين بعنوان "علامة حضور في زمن الواقع الافتراضي" تحدّث فيه عن مشاركة البابا فرنسيس في يوبيل المرضى أمس الأحد
مشاركة البابا فرنسيس في يوبيل المرضى

مشاركة البابا فرنسيس في يوبيل المرضى

فاتيكان نيوز :

 

إنّ المشاركة المفاجئة للبابا فرنسيس في اللحظات الأخيرة من الاحتفال الليتورجي اليوبيلي المخصص للمرضى وللعاملين في المجال الصحي، تحمل رسالة عميقة المعاني. ففي زمن الواقع الافتراضي، حيث نظن أن بوسعنا أن نشارك في كل شيء من خلف شاشات الحواسيب، يبقى الحضور الجسدي أمرًا لا يُقدّر بثمن. أن تكون حاضرًا بجسدك، أن تبذل عناء السفر، أن تخرج من بيتك، أن تنتظر، أن تمشي وتتقاسم الطريق مع الآخرين، أن تتعرّق أو تتعرض للشمس أو المطر... كل ذلك له معنى كبير: أن تلتقي بنظرات من حولك، أن تختبر مرافقة الآخرين، أن تصبح جزءًا من شعب يسير في حجٍّ مشترك. ومن خلال هذه اللفتة غير المعلنة، يعلّمنا خليفة بطرس أن لا شيء يمكنه أن يُعوِّض عن الحضور الواقعي. لقد كان خروجه إلى ساحة القديس بطرس في حد ذاته رسالة أقوى من أي خطاب: فرغم ضعف صوته، ورغم حاجته المستمرة للأكسجين، أراد أن يكون هناك.

 

وهناك بعدٌ ثانٍ لا يقل أهمية: لقد اختار فرنسيس أن تكون أول إطلالة علنية له بعد خروجه من مستشفى جيميلي، مناسبة يوبيليّة يشعر بقربها الروحي الكبير: يوبيل المرضى، المخصص للذين يتألمون والذين يعتنون بهم. فرغم أنه قد تخطى المرحلة الحرجة من مرضه، إلا أن البابا لا يزال في فترة نقاهة وتظهر عليه علامات الوهن. إنه الضعيف بين الضعفاء، لكنه لم يشأ أن يُفوّت "يوبيله"، بل ذهب إلى الاعتراف داخل البازيليك، وعبر الباب المقدس كما يفعل آلاف الحجاج يوميًا. الباب الذي فتحه بنفسه ليلة الميلاد، عبره بالأمس كحاج بسيط لا يزال يعاني من آثار الالتهاب الرئوي.

وأخيرًا، فإن ظهوره المفاجئ صباح الأحد يتحدث عن علاقة الراعي برعيّته، وعلاقة الأسقف بشعبه. فرغم توصيات الأطباء ورغم وضعه الصحي، لم يشأ البابا فرنسيس أن يُحرم من لقاء الناس، رغم إدراكه التام للمخاطر التي قد تترتب على صحته. بهذا التصرف يُذكّرنا بأن اللقاءات الافتراضية، وإن فرضتها أحيانًا الظروف كالمرض أو الحجر الصحي أو صعوبات السفر، تبقى بديلًا لا يغني عن الحضور الفعلي. لأنه، كما قال منذ أكثر من عام: "إنَّ المحبّة تحتاج إلى أن تكون ملموسة، تحتاج إلى الحضور، إلى اللقاء، إلى زمان ومكان؛ وبالتالي لا يمكن اختزالها بكلمات جميلة أو بصور على الشاشة...". وهذا ينطبق أيضًا على محبة البابا لشعب الله، تلك المحبة التي عبّر عنها دائمًا ليس بالكلمات فقط، بل بالتصرفات والحنان أيضًا.