موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٩ مارس / آذار ٢٠٢٢
أمين السينودس وعميد الإكليروس يوجهان رسالة إلى الكهنة بمناسبة عيد القديس يوسف

فاتيكان نيوز :

 

بمناسبة عيد القديس يوسف وجّه كلّ من الأمين العامّ لسينودس الأساقفة الكاردينال ماريو غريش، وعميد مجمع الإكليروس المطران لعازر يو هيونغ سيك رسالة إلى جميع الكهنة، كتبا فيها أيّها الكهنة الأعزّاء، ها نحن، اثنان من إخوتكم، كهنة أيضًا! هل يمكننا أن نطلب منكم بعض الوقت؟ نودّ أن نتحدّث إليكم عن موضوع يمسّنا جميعا. "إنّ كنيسة الله مدعوّة إلى السينودس". تبدأ الوثيقة التحضيريّة لسينودس 2021-2023 بهذه الكلمات. إنّ شعب الله بأسره مدعوّ، لمدّة عامين، إلى التفكير في موضوع من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة. إنه أمر جديد يمكنه أن يثير الحماسة والتردّد أيضًا. ومع ذلك، "في الألفيّة الأولى، كان "السير معا"، أي ممارسة السينودسيّة، هو الطريقة المعتادة للمضيّ قدما في الكنيسة". لقد سلّط المجمع الفاتيكانيّ الثاني الضوء على هذا البعد من الحياة الكنسيّة، وهو بعد بالغ الأهمّيّة لدرجة أنّ القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم استطاع أن يؤكّد: "الكنيسة والسينودس مترادفان".

 

وتتابع الرسالة نحن نعلم أنّ عالم اليوم يحتاج بشكل مُلحٍّ إلى الأخوّة. دون أن يدرك ذلك، يرغب في مقابلة يسوع. ولكن كيف يمكننا عقد هذا الاجتماع؟ نحن بحاجة إلى الإصغاء إلى الروح القدس مع شعب الله كلّه، لكي نجدّد إيماننا ونجد طرقا وأساليب جديدة لنشارك الإنجيل مع إخوتنا وأخواتنا. إنّ المسيرة السينودسيّة التي اقترحها علينا البابا فرنسيس تهدف لهذا بالتحديد: أن نسير معا، في الإصغاء المتبادل، وفي تبادل الأفكار والخطط، لإظهار وجه الكنيسة الحقيقيّ: "بيت" مضياف، أبوابه مفتوحة، يسكنه الربّ وتحرّكه العلاقات الأخويّة. من أجل تفادي المخاطر التي أبرزها البابا فرنسيس– أي الشكليّات التي تختزل السينودس إلى شعار فارغ، والتّجريد الذي يجعل السينودس تفكيرًا نظريًّا في المشاكل، والجمود الذي يربطنا بأمان عاداتنا حتّى لا يتغيّر شيء– من المهمّ أن نفتح قلوبنا ونصغي إلى ما يقوله الروح القدس للكنائس. من الواضح، في هذه المسيرة، يمكن أن تهاجمنا بعض المخاوف.

 

أوّلاً، تضيف الرسالة نحن نعلم جيّدا أنّ الكهنة في جميع أنحاء العالم يتحمّلون عبئا رعويّا كبيرا. والآن- قد يبدو - يُضاف شيء آخر "للقيام به". بدلا من دعوتكم إلى مضاعفة أعمالكم، نودّ أن نشجّعكم على روية جماعاتكم بهذه النظرة التأمّليّة التي يتحدّث عنها البابا فرنسيس في الإرشاد الرسوليّ فرح الإنجيل، لأجل اكتشاف الأمثلة العديدة على المشاركة التي تنبت في جماعاتكم. تهدف المرحلة الإيبارشيّة الحاليّة من المسيرة السينودسيّة في الواقع "لجمع ثراء الخبرات السينودُسيّة المُعاشة". إنّنا متيقّنون من أنّ هناك خبرات كثيرة، أكثر من التي يمكن أن تظهر في الوهلة الأولى، وربّما أيضًا تكون غير رسميّة وعفويّة. حيثما نصغي بشدّة، ونتعلّم من بعضنا بعضا، ونقدّر مواهب الآخرين، ونساعد بعضنا ونتّخذ القرارات معًا، تتحقّق السينودسيّة بالفعل. كلّ هذا يجب أن نؤكّد عليه ونقدّره، لنطوّر باستمرار هذا الأسلوب السينودسيّ أي "الأسلوب المحدّد الذي تعيش وتعمل به كنيسة شعب الله". ولكن يمكن أن يكون هناك أيضًا خوف آخر: إذا تمّ التأكيد كثيرا على الكهنوت العامّ للمعمّدين والحسّ الإيمانيّ لشعب الله، فماذا سيحدث لدورنا كقادة ولهُويتنا المحدّدة كخدّام مرسومين؟ الأمر بلا شكّ يتعلّق باكتشاف المساواة الأساسيّة بين جميع المعمّدين أكثر من أيّ وقت مضى، وتحفيز جميع المؤمنين على المشاركة بنشاط في مسيرة الكنيسة ورسالتها. وبهذه الطريقة سنبتهج لمقابلة الإخوة والأخوات الذين يشاركوننا مسؤوليّة التبشير. ولكن من خلال خبرة شعب الله هذه، يمكن ويجب أيضًا أن تظهر الموهبة الخاصّة للخدّام المرسومين لخدمة شعب الله وتقديسه وتنشيطه بطريقة جديدة.

 

وتتابع الرسالة في هذا الشأن، نودّ أن نطلب منكم تقديم مساهمة ثلاثيّة على وجه التحديد في المسيرة السينودسيّة الحالية: أولاً افعلوا كلّ ما هو ممكن حتّى تتأسّس المسيرة على الإصغاء لكلمة الله والعيش بها. لقد حثّنا البابا فرنسيس مؤخّرًا على: "أن نحبّ الكتاب المقدّس حبًّا شديدًا، وندع الكلمة تعمّق الحفر في داخلنا، وتكشف عن كلّ ما هو جديد في الله وتحملنا إلى أن نحبّ الآخرين دون ملل". ثانيًا بدون هذا التأصّل في الكلمة، سنخاطر بالسير في العتمة ويمكن أن تتحوّل أفكارنا إلى أيديولوجيّة. لكن، بالاعتماد على تطبيق الكلمة، سنبني البيت على الصخرة، وسنكون قادرين على أن نختبر النور والإرشاد المذهل للقائم من بين الأموات كما فعل تلميذا عماوس. ثالثًا عمل المستطاع، بحيث تتميّز المسيرة بالإصغاء لبعضنا والقبول المتبادل. وحتّى قبل التوصل إلى نتائج ملموسة، فإنّ الحوار العميق واللقاء الحقيقيّ يشكّلان قيمة بالفعل. في الواقع، هناك المبادرات العديدة والإمكانيّات في جماعاتنا، ولكن في كثير من الأحيان يتعرّض الأفراد والجماعات لخطر الفرديّة والمرجعيّة الذاتيّة. يذكّرنا يسوع بوصيّته الجديدة أنّ: "إذا أَحَبَّ بَعضُكُم بَعضًا عَرَف النَّاسُ جَميعًا أَنَّكُم تَلاميذي". كرعاة يمكننا أن نفعل الكثير لكي تشفي المحبّة العَلاقات وتداوي التمزّقات التي غالبا ما تؤثّر أيضا على النسيج الكنسيّ، حتّى يعود الفرح ونشعر أنّنا عائلة واحدة، شعب واحد في مسيرة، أبناء من الآب نفسه، وبالتالي أخوة فيما بيننا، بدءا من الأخوة بيننا كهنة.

 

رابعًا الحرص على ألّا تقودنا المسيرة إلى الاستبطان بل تحفّزنا على لقاء الجميع. قدّم لنا البابا فرنسيس، في فرح الإنجيل، حلم كنيسة لا تخشى أن تتّسخ يداها من خلال التدخّل في جراح البشرية، كنيسة تسير وتصغي وتخدم الفقراء والمهمّشين. هذه الديناميكيّة "للخروج" للقاء إخوتنا، من خلال بوصلة الكلمة ونار المحبّة، تحقّق خطّة الآب الأصليّة العظيمة: "لْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِدا". طلب منّا البابا فرنسيس، في رسالته العامّة الأخيرة "Fratelli tutti"، الالتزام بذلك مع إخوتنا وأخواتنا من الكنائس الأخرى، والمؤمنين من الديانات الأخرى وجميع الأشخاص ذوي النوايا الحسنة: الأخوّة العالميّة والمحبّة دون إقصاء، والتي يجب أن نعتنقها جميعًا. بصفتنا خدّاما لشعب الله، نحن في وضع متميّز لكي لا يظلّ هذا إرشادا غامضا وعامّا، بل يتجسّد في مكان معيشتنا.

 

أيّها الإخوة الكهنة الأعزّاء، نحن على يقين من أنّكم ستجدون، انطلاقا من هذه الأولويّات، طريقة لإحياء المبادرات المحدّدة، وفقا للاحتياجات والإمكانيّات لأنّ السينودسيّة هي حقّا دعوة الله لكنيسة الألفيّة الثالثة. إنّ السير في هذا الاتّجاه لن يكون خاليا من الأسئلة والمتاعب والشكوك، ولكن يمكننا أن نثق أنّنا سنلقى عوضًا مائة ضعف في الأخوّة وفي ثمار الحياة الإنجيليّة. يكفي التفكير في مجمع أورشليم الأوّل. من يدري كم من الجهد هناك خلف الكواليس! لكنّنا نعلم كم كانت تلك اللحظة حاسمة بالنسبة للكنيسة الناشئة.

 

وختم الكاردينال ماريو غريش الأمين العامّ لسينودس الأساقفة والمطران لعازر يو هيونغ سيك عميد مجمع الإكليروس رسالتهما إلى الكهنة بالقول نختتم رسالتنا بهذين الجزئين من الوثيقة التحضيريّة لتلهمنا وترافقنا كدليل تقريبًا. تعتمد القدرة على تخيّل مستقبل مختلف للكنيسة، ولمؤسّساتها على قدم المساواة مع الرسالة التي تلقّتها بشكل كبير على اختيار بدء مسارات الإصغاء والحوار والتمييز الجماعيّ، حيث يتمكّن الجميع وكلّ شخص من المشاركة والمساهمة. "لنتذكّرِ الهدف من السينودُس، وبالتالي من المشاورة، ليس إصدارَ وثائق، بل لكي تنبت الأحلام، وتحفّز الثقة، وتشفى الجراح، وتكوّن العَلاقات، ونتعلّم من بعضنا بعضا، ونبني جسورا تنير العقول وتدفئ القلوب وتقوّي الأيدي". نشكركم على اهتمامكم، نؤكّد لكم صلواتنا ونتمنى لكم ولجماعاتكم مسيرة سينودسيّة مبهجة ومثمرة. اعلموا أنّنا بجانبكم ونسير معكم! واقبلوا، من خلالنا، امتنان البابا فرنسيس الذي يشعر بقربكم منه. ونعهد بكلّ واحد منكم إلى العذراء مريم، عذراء المسيرة الصالحة، نحيّيكم بمودّة في الربّ يسوع.