موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٦ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١
«بطريرك الشعب» فيلم فلسطيني يُعمِمُ التفاؤل: «سأكون يومًا سيدًا»

زهرة مرعي :

 

«بطريرك الشعب» فيلم وثائقي من 27 دقيقة، جمع محطات مروية وأخرى مصوّرة، من حياة البطريرك ميشيل صبّاح، الذي تولى مسؤولياته الكنسية في القدس المحتلة في العام 1987. مسار متروٍ وهادئ اختاره المخرج محمد العطار للفيلم، يشبه بحدود كبيرة حياة البطريرك الذي يعمل أكثر مما يتكلّم.

 

بمرافقة نغم سرياني وترانيم آتية من بعيد يختصر البطريرك ذاته كإنسان ومسؤول ديني بعد تعريفات عدّة أطلقت عليه دون أن تنال موافقته: «لا سياسي، ولا محارب، ولا مناضل. أنا رجل دين مسيحي ومسؤول عن رعية. مسؤولية الراعي المسيحي شاملة للإنسان. نعيش ظلماً واحتلالاً… معناه أني مسؤول».

 

قبيل تنصيب ميشيل صبّاح بطريركًا للاتين من قبل البابا يوحنا بولس الثاني في الأراضي المحتلة كأول فلسطيني يتولّى هذا المنصب منذ أكثر من 500 عام، كانت إشارة إلى الإنتفاضة الشعبية التي كانت تعمُّ الضفة وغزّة، ومن خلال استوديو إذاعة عمّان تحديدًا.

 

في الفاتيكان حيث بروتوكولات التنصيب كان الإعلام يعرف من هو البطريرك الذي سيتولّى مسؤولياته في تلك الأرض التي أشعلتها إنتفاضة الحجارة. وفي مطار روما حاصره السؤال لمعرفة رأيه بما يجري؟ «عندما أذهب إلى القدس أعرف ماذا سأقول وماذا سأفعل؟» «لماذا أنت مع الشعب الفلسطيني»؟ جواب السؤال بسيط نطق به رجل يقول ما قلّ ودلّ «لأنه شعب مظلوم وليس لأني فلسطيني».

 

ميشيل صبّاح الإنسان ولد سنة 1933 في مدينة السيد المسيح الناصرة. نال إجازة في اللغة العربية من جامعة الروح القدس في بيروت، ودرجة الدكتوراه من جامعة السوربون في باريس. فتح عينيه ووجد نفسه تحت الإحتلال الصهيوني ورافضاً للظلم.

 

في الوثائقي «بطريرك الشعب» اختارت كاميرا المخرج محمد العطّار الإطلالة على منازل مهجورة من المدينة المقدسة. بيوت عتيقة تشتاق ناسها. أقفال خارجية ظاهرة وجنازير حديد غطّاها الصدأ، وزجاج مكسور الخاطر. يمهد المخرج بعد تلك الصور للسؤال: لماذا هاجر مسيحيو فلسطين؟ البطريرك حزين وإجابته أيضًا: ليس الكل مستعد ليعيش حياة فيها حرب.. أكثر من نصف مسيحيي الشرق هاجروا.. من العراق.. واليوم يدمرون سوريا.. يبحثون عن شرق أوسط جديد.. لا خلاص للمسيحي إلاّ في شعبنا.

 

لغة هادئة متأنية وكلمات معدودة تكفي للتعبير عن ما يجول في خاطر بطريرك القدس. يصف مديـــنته بأنها ليست مقدّسة اليوم، يسأل الله أن يعيد إليها القداسة. ودائماً التعبير مسبوق أو متبوع بمشهد له قدرة الإيفاء بالغرض إلتقطه المخرج في القدس المكان المـــحبب إلى قلب البطريرك.

 

«القدس مدينة كراهية وحرب» يقول «سيدنا» ويظهر الجيش الصهيوني يُدنّس المقدسات ويضطهد الناس.

 

في وثائــــقي «بطريرك الشعب» لا يبخل البطريرك صبّاح بقراءته السياسية الدقيقة والمختصرة. «سنة 1999 كان يجب إعلان الدولة وفق بنود اتفاق أوسلو… الدول لم تحترم عهودها ولا إسرائيل… الله يسّهل عليه (ويقصد الرئيس الراحل ياسر عرفات) الغلطة الأساسية أنه كان يجب أن يدخل رئيس دولة.. العالم كلو متفق علينا مع اسرائيل».

 

بطريرك الشعب قلبه على الشعب ويلمس ظلم الأهل والعدو معًا «عندما يجوّع الفساد الشعب ويحرِمه لا يجوز أن نسمح به». ورغم كافة المصاعب، فوصفة البقاء الذهبية التي يعيشها بطريرك الشعب ويدعو أهل فلسطين لأن يعيشوها معه: «عدم اليأس اليوم أنا موجود وغدًا سأكون.. خاضع.. مخضوع غير سيد.. سأكون يومًا سيدًا غير خاضع».

 

فيلم «بـــطريرك الشعب» للمخرج الفلسطيني محمد العطّار أطلق في عرضه الأول يوم الإثنين الماضي عبر صفحة «ملتـــقى فلسطين» على فيسبوك. تمّ العرض بحضور البطريرك ميشيل صبّاح، ومنتجة الفيلم وصاحبة الفكرة ليلى حبش، والمخرج وآخرين وتابعه المئات من المشاهدين.

 

يذكر أن البطريرك ميشيل صبّاح إستقال من منصبه في سنة 2008 لدى بلوغه السن القانونية.

 

(القدس العربي)