موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"الحُجرَةُ المُغلَقَة"
هَل تَعرِفُ تِلكَ الحُجرَةَ المُغلَقَة يَا صَدِيقِي؟
تِلكَ الحُجرَةُ المَنسِيَّة الَتِي لا يُدخَلُ إليها إلا إذا دَفَعَكَ الفُضُولُ لِذَلِكَ..
لَابُدَّ وَ أنَّكَ رَأيتَهَا وتَخَطَيتَهَا، أو أزحَتَ بِنَظَرِكَ عَنهَا ...
لابُدَّ وَأنَّكَ اختَلَستَ النَظَرَ مِن ثُقبِ بَابِهَا...
إنَّهَا الحُجرَة المُقفَلَةُ والمُهمَلَةُ بِبَابِهَا القَدِيمِ المُوصَدِ بِإحكَامٍ ,
إنَّهَا الحُجرَةُ المَوجُودَةُ فِي كُلِّ بَيتٍ وَ سِردَاب ...
أو قَد تَكُونُ عِندَ أَحَدِ الأَصدِقَاءِ الَذِي اعتَدتَ عَلَى زِيارَتِهِ...
أو فِي أَحَدِ سَاحَاتِ الدَيرِ القَدِيمَة...
هَل تَذَكَّرتَ تِلكَ الحُجرَةَ القَدِيمَةَ؟
وَ إن أردتَ أن تَفتَحَ بابها , فإنَّكَ قَد تَجِدُ صُعُوبَةً بَالِغَةً فِي طَرِيقَةِ فَتحِهِ،
وَ قَد يُلِحُ عَلَيكَ عَقلُكَ الفُضُولِي فِي أن تُمسِك بِمقَبضِ البَابِ الذي قَد تَغَذَّى عَلَيهِ صَدَأ الحَياة,
أن تمسك بذلك المقبض بِطَرِيقَةٍ مُعَيَنَة حَتى تَفتَحهُ...
هل عَبَرَ هَذَا المَشهَدُ القَدِيمُ فِي ذَاكِرَتِك؟
كَم يُشبِهُ ذَاكَ البَابُ (بَابُ مُرَاجَعَةِ الحَيَاةِ) فِي أعمَاقِنَا ...
إنَّهُ البَابُ الذي يَفتَحُ عَلَينَا حَيَاتَنَا الدَاخِلِيةَ على مِصرَاعَيهَا...
ذَلِكَ البَابُ الذِي أهمَلنَاهُ و لَم نَعُد قَادِرِينَ عَلَى الوُلُوجِ إِلَيهِ...
ألَعَلَّهُ الخَوفُ والتَرَدُد...؟
أم هُو مَاضٍ يَخنُقُنَا كُلَّ مَا تَذكَرنَاهُ أو استَحضَرنَاه؟
أهُو خَوفٌ مِن خَطِيئَةٍ مُعَينَةٍ , وَجَدَت مَكَانَاً لَهَا تَضَعُ فِيهِ جُذُورَهَا القَويةَ فِي قَلبِ الإِنسَان؟
أم هو خوفٌ من إثمٍ قد يُكشَفُ فِي وَقتٍ مَا مِنَ الزَمَانِ وَ يُنَادَى بِهِ فِي سَاحَاتِ المَدِينَةِ؟ (يشوع بن سيراخ 21:23)
هَل هُو قَامُوسُ الخَطَايَا العَتِيق الَذِي يَحفَظُ فِي صَفَحَاتِهِ آثَامَ الزَمَان؟
المُهِمُ فِي الأمر أنَّ هُنَاكَ حُلّا وهُو قَول،
هُوَ قَولٌ يُحَلِّقُ بِنَا إِلَى أَعَالِي السَمَاء،
كَتَبَهُ قِديسٌ لَنَا فِي السَمَاء،
يُدعَى القِدِيسُ يُوحنَا بُوسكُو وَ هُو شَفِيعُ الشَبَاب،
وَهَذَا القَولُ هُو :
جَنَاحَانِ اثنَانِ نَطِيرُ بِهِمَا إلَى السَمَاء
الاعتِرَافُ (سر الاعتراف) والتَنَاوُل (سر القربان الأقدس).
كُرسيُّ الاعتِرَاف هُو الجَنَاحُ الأول الذي تَحَدَثَ عَنهُ قِدِيسُنَا بُوسكُو،
الاعتِرَافُ هُو المِفتَاحُ لِلدُخُولِ إِلَى ذَلِكَ البَاب ،
وَهُوَ الذِي يَسمَحُ (لِشَمسِ البِر) (ملاخي 3) بِالدُخُولِ إلَى تِلكَ الحُجرَة, لِتَقتُلَ ظُلمَةَ المَكَانِ و وِحشَتِه...
النُّورُ يُشرِقُ فِي الظُلُمَاتِ وَ لَم تُدرِكهُ الظُلُمَات (يوحنا 5:1)
يَسُوعُ هُو شَمسُ بِرِّنا فِي كُرسِيِّ الاعتِرَافِ (ملاخي 3)،
هُوَ النُورُ الذي يَحرِق الخَطَايَا لِيُعِيدَ لِلحَيَاةِ مَجرَاهَا.
فَافتَح بَابَ الخَطَايَا القَدِيم وَ دَع المُعلِّمَ لِلقُدُوم،
دَعُهُ يَدخُل لِيدفِيءَ المَكَان الآن،
دَعهُ يَدخُل لِيَقتُلَ البُرُودَةَ المَوجُودَةَ فِي أعمَاقِك،
والتي قد عفا عليها الزمان.
دَعهُ يَدخل لِيُلَيِّنَ قَسَاوة قَلبِ الحَجَر ويُحَوِلَهُ إلَى قَلبِ بَشَر (حزقيال 26:36)
أمَّا الجَنَاحُ الثَانِي فَهُو سِرُّ القُربَانِ الأقدَس،
تِلكَ القُربَانَةُ المُستَدِيرَة كَالشَمس،
التي تُعطِي للروحِ الدِفءَ والحَيَاة.
فَتَنَاوُلُكَ لِيَسُوع يُحَوِلُكَ إِلَيهِ،
بَل يَجعَلُنا نتَكَامَلُ كخَلَايَا في جَسَدِه,
بِتَنَاوُلِكَ لِيَسُوع،
أنتَ تَسمَحُ لَهُ بِالتَغَلغُلِ إلَى جَسَدِكَ وَدَمِكَ..
لِأَفكَارِكَ وَ مَشَاعِرِكَ،
لِرُوحِكَ ونَفسِكَ وَعَقلِكَ،
لِذَلِكَ يَا صَدِيقِي،
اعطِه المَسَاحَةَ والوَقتَ لِيُعَبِّر عَمَّا فِي جُعبَتِهِ لَكَ،
استَمِع لِمَا يَقُولُهُ لَكَ فِي أعمَاقِك ..
هَذَانِ الجَنَاحَان يُسَاعِدَانِكَ فِي التَحلِيقِ إلَى أعَالِي السَمَاء،
وَلَكِن تَذَكَّر أنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يؤخذ عنوة... (متى 12:11)
فَلَن يَخلُو الطَرِيقُ مِن المَتَاعِب،
ولَا بُدَّ مِن عَوَاصِفٍ تسلكُ ضِدَ التَيَّارِ،
وجَوٍّ مُتَقَلِبٍ لَن يَخلُو مِنَ الغُبَار،
لابد من وجود طيور جارحة تنقض على طيور السلام،
وسَيَكُونُ لِجَاذِبِيَّةِ العَالَم أيَضَاً دَورٌ هَام.
لَكِن لَاتَخَف يَا صَدِيقِي،
فَيَسُوعُ قَد غَلَبَ العالَم، (يوحنا 33:16)
وَهُوَ يُحِبُّكَ وَ هُو حَاضِرٌ مَعَكَ،
مَلَاكُكَ يَحرُسُكَ (طوبيا 22:5)،
وَأمُّكَ العَذرَاءُ تَعتَنِي بِكَ،
فَلِمَ الخَوفُ مِن فَتحِ البَاب؟