موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٦ يوليو / تموز ٢٠١٦

الحضور المسيحي أثناء حكم المجلس العسكري لمصر

بقلم :
عماد توماس - مصر

بعد اسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك وتنحيه عن السلطة، تولى المجلس العسكري ادارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية، والتي شهدت تصاعدًا ملحوظًا في جسامة الاعتداءات على المسيحيين وصلت إلى حرق وهدم الكنائس والقتل بالرصاص الحي والدهس تحت المدرعات. حرق وهدم أربع كنائس تعرضت أربع كنائس للنهب والحرق والهدم أثناء إدارة المجلس العسكري شؤون البلاد، دون معاقبة مواطن واحد. وترصد المباردة المصرية للحقوق الشخصية في تقرير حقوقي لها بعنوان "وقائع عام ونصف من جرائم "المرحلة الانتقالية" العديد من هذه الجرائم كالتالي: ففي عصر السبت 29 يناير 2011، ولعدة أيام متتالية، تعرضت كنيسة مار جرجس والعائلة المقدسة بمدينة رفح على الحدود المصرية مع قطاع غزة لاعتداءات مسلحة، وعمليات نهب وسرقة وحرق عن طريق مجموعات من الملثمين الذين حضروا بسياراتهم وهم مدججون بالأسلحة النارية. وفي قرية صول بمركز اطفيح التابع لمحافظة الجيزة، تعرضت كنيسة الشهيدين مار جرجس ومار مينا يوم 4 مارس 2011 لعنف طائفي، نتيجة خلافات بين أسرتين إحداهما مسيحية والأخرى مسلمة حول علاقة عاطفية بين مسيحي ومسلمة، وقام عدد من المتشددين دينيًا بالاعتداء وسرقة مقاعد الكنيسة الخشبية والعبث بأجساد القديسين وحرق الكنيسة، رغم تواجد قوات مكثفة من الجيش، إلا أنها لم تتدخل لتمكين سيارات الدفاع المدني من الوصول إلى الكنيسة لإطفاء النيران، أو حتى لمنع مسلمي القرية من هدم الكنيسة في اليومين التاليين، ثم اقيمت جلسة عرفية حضرها عدد من مشايخ السلفية وقامت القوات المسلحة بإعادة بناء الكنيسة على نفقتها. وفي 8 مارس 2011، وجه مئات من شباب منطقة الزرايب بمنشية ناصر دعوة لتنظيم وقفة احتجاجية سلمية بجوار طريق الأوتوستراد من ناحية مدخل المقطم، اعتراضًا على حرق وهدم كنيسة الشهيدين بقرية صول، والمطالبة بمعاقبة الجناة المعروفين بالاسم. ووضع أعداد من الشباب حواجز حديدية على الطريق من تلك التي تستخدمها شرطة المرور، إضافة إلى قطع من الحجارة لمنع مرور السيارات من طريق الأوتوستراد، مما أدى لوقوع مناوشات بين المتظاهرين وأصحاب المركبات. وأسفرت عن مقتل 10 مسيحيين و5 مسلمين فضلًا عن 114 مصابًا. ولم تقم النيابة العامة بإحالة متهم واحد إلى المحاكمة. وعلى مدار يومي السابع والثامن من مايو 2011، حدثت جريمة إمبابة الدامية، بسبب مزاعم احتجاز فتاة مسيحية اشهرت اسلامها بكنيسة مارمينا، فتوجه مجموعة من المتشددين دينيًا الى الكنيسة لتفتيشها بحثًا عن السيدة وقاموا بالاعتداء على الكنيسة. وفي أقصى صعيد مصر، تحديدًا في قرية المريناب بمحافظ أسوان، في 20 سبتمبر 2011، حدثت جريمة حرق وهدم أجزاء من كنيسة مار جرجس، بعد اعتراض متشددين دينيًا على بناء قباب أعلى الكنيسة، ولم يقدم اي متهم للمحاكمة رغم ظهورهم في بعض الفيديوهات المصورة. وكانت هذه الجريمة مقدمة لمذبحة "ماسبيرو". اعتصامات قبطية اعتصم عدد من المسيحيين أمام مبنى الاذاعة والتلفزيون المعروف باسم "ماسبيرو" يوم 5 مارس 2011، لانقاذ كنيسة الشهدين بقرية صول قبل الشروع فى بناء مسجد عليها. ثم اعتصموا مرة ثانية يوم 8 مايو 2011، عقب الاعتداء على كنيسة السيدة العذراء بامبابة من اجل الضغط على المجلس العسكرى للقبض على الجناة وتقديمهم للعداية وهو الاعتصام الذى تعرض لاعتداءات ادت لوقوع 78 مصابًا. اعتصام ضد تعيين محافظ مسيحي لقنا في 14 أبريل 2011، اعتصم عدد من اهالي محافظة قنا لمدة عشرة أيام متواصلة واغلقو الطرق وقطعوا السكك الحديدية احتجاجًا على تعيين اللواء عماد ميخائيل، محافظًا لقنا بسبب ديانته المسيحيية، وبالفعل نجح اعتصامهم وفشلت المفاوضات التي أجراها قائد المنطقة العسكرية الجنوبية والحاكم العسكري لمحافظة قنا والوفود الرسمية التي أرسلت من القاهرة في التوصل لحلول للأزمة. وقرر الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء تجميد عمل المحافظ المسيحي وتم تعيين محافظ مسلم بديلًا له في وقت لاحق بعد ان هدات الأمور، واجهضت مسالة تعيين محافظ مسيحي في اي محافظة لمصر! اعتداء على دير الأنبا بيشوي عقب قيام ثورة 25 يناير حدث انفلات امني في العديد من المحافظات، وفي 27 فبراير 2011، قام عدد من رهبان دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون ببناء سور على أراضي الدير بعد ضم حوالي عشرة أفدنة من ممتلكات الدولة، وتصدت قوات تابعة للجيش بعنف مفرط وغير مبرر، حيث توجهت قوة عسكرية إلى الدير لهدم السور بالقوة، واصطف عدد من رهبان وعمال الدير أمام السور محاولين منع القوات من هدمه، فنشبت مناوشات كلامية بين الطرفين أطلق الجنود على إثرها الرصاص المطاطي والذخيرة الحية. وأصيب عدد من الرهبان والمدنيين اصابات بالغة. اعتداء على كنيسة عين شمس الغربية في يوم 19 مايو 2011، ألقت الشرطة العسكرية القبض على عدد من الشباب المسيحي والمسلم عقب محاولة مسيحيين افتتاح كنيسة السيدة العذراء والأنبا أبرام بعزبة عاطف بعين شمس الغربية، والمغلقة لأسباب أمنية ولرفض أهالي المنطقة المسلمين لوجود كنيسة بها، وقد تعرض أحد المقبوض عليهم لضرب عنيف واعتقل نحو 77 شخصًا وجهت النيابة العسكرية للمتهمين عدة تهم منها: استعراض القوة لترويع المواطنين، وإثارة الفتنة الطائفية في المنطقة، وأصدرت المحكمة العسكرية العليا حكما بالسجن خمس سنوات وغرامة 500 جنيها على ثلاثة من المتهمين ثم اصدر المشير حسين طنطاوي قرار بالعفو عنهما. مذبحة ماسبيرو 9 اكتوبر 2011، يومًا لن ينسى من ذاكرة المصريين، ففيه حدثت ابشع جريمة قتل على الهوية الدينية استشهد على إثرها نحو 25 مواطنًا مسيحيًا وأصيب العشرات. ففي عصر يوم الأحد تحركت مسيرة سلمية بالآلاف من دوران شبرا حتى مقر الاذاعة والتلفزيون "ماسبيرو" وسط هتافات غاضبة ومناهضة للمشير طنطاوي والمجلس العسكري، على خلفية احداث الاعتداء على كنيسة المريناب، وطبقًا لبيان شديد اللهجة من الحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي"، أدان فيه الاعتداءات الوحشية للشرطة العسكرية ومدرعات للقوات المسلحة على المتظاهرين العزل في منطقة ماسبيرو، الى حد مطاردتهم بالعربات المجنزرة ودهسهم وضربهم بالرصاص الحي. بالاضافة الى التحريض الطائفي من تلفزيون الدولة ضد المواطنيين المسيحيين. وادانت الكنائس الثلاثة المذبحة، واعلنت الكنيسة الحداد الرسمي حزنًا على الشهداء، واستقال الدكتور "حازم الببلاوي" - وزير المالية، ونائب رئيس الوزراء، من منصبه، كما استقال الدكتور منير مجاهد من لجنة العدالة الوطنية اعتراضًا على المذبحة. وعلى خلفية مذبحة ماسبيرو، تقدم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم وقتها بمشروع قانون موحَّد لتنظيم بناء دور العبادة، إلا أن هذا المشروع كان نصيبه الرفض الصريح والمعلن من الأزهر الشريف، ممثلًا في مجلسه الأعلى للشؤون الإسلامية، والرفض من وزارة الأوقاف. خاتمة يبقى أن نقول، أن مرحلة حكم المجلس العسكري اثناء المرحلة الانتقالية، كانت من اشد المراحل عنفًا وقسوة ضد المواطنيين المسيحيين، عانوا فيها اشد المعاناة، حتى تولى محمد مرسي العياط، رئاسة الجمهورية في 24 يونيو 2012، فهل تغير وضع المسيحيين أم استمرت المعاناة؟. هذا ما سنعرفه في المقال القادم بإذن الله. مصادر: اسحق ابراهيم، الأقباط تحت حكم العسكر، وقائع عام ونصف من جرائم "المرحلة الانتقالية" عمرو عبد الرحمن، الدولة وأحداث العنف الطائفي في مصر (2)