موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، تولى الرئيس أنور السادات رئاسة مصر يوم 28 سبتمبر 1970، وبعد مرور سنة من حكمه تم سيامة البابا شنودة الثالث في 14 نوفمبر 1971 ليصبح البابا رقم (117) في تاريخ البطاركة. أسلمة المجال العام بدأت محاولات تتدين المجال العام بكل ما هو ديني في ظل هجرة المصريين للعمل في دول الخليج وخاصة السعودية في منتصف السبعينات وتأثرهم بالعادات والتقاليد والقيم الوهابية المتشددة التي ساهمت في تغيير هوية المصريين وثقافتهم نتيجة اعتقادهم أن ثراء دول الخليج نتيجة لتدينهم وليس لوجود النفط لديهم. جذور الفتنة الطائفية... تبدأ من الخانكة لعلها تكون أسوأ العصور التي عاشها المسيحيون بعد حركة 23 يوليو 1952، من عنف واضطهاد ممنهج برعاية الدولة. ويعتبر بعض المؤرخين حادث كنيسة الخانكة في 6 نوفمبر 1972م، أول حادث طائفي بارز في القرن العشرين، عندما قام بعض من المصريين المسلمين بإشعال النيران في مبنى جمعية -اتخذه المصريين المسيحيين ككنيسة- وقاموا بالاعتداء على المسيحيين في غيبة من الأمن، تلاها في اليوم التالي قيام عدد من الكهنة مع جمع من المواطنين المسيحييين بالذهاب الى مقر الكنيسة واقامة الصلاة على أطلالها! ثم تجمع عدد من المواطنيين المسلمين فى أحد المساجد القريبة وخرجو في مسيرة وقاموا بحرق عدد من المنازل والمحلات التي يملكها المسيحيين. وقيل أن البابا شنودة الثالث هو من أمر بارسال القساوسة في مسيرة لمقر الجمعية إلا أنه نفى ذلك. ومنذ ذلك الحين بدأ التوتر يُخيم على علاقة السادات بالبابا شنودة. وطلب السادات من مجلس الشعب تشكيل لجنة برلمانية خاصة للتحقيق في محاولات افتعال فتنة طائفية وكانت وجهة نظر السادات أن هناك وسيلتين لمعالجة الموقف: الأولى: وسيلة تقليدية وهو محاولة تكتم الامور والتغطية عليها واستخدام الحلول الوسط، والثانية هي وسيلة المواجهة ووضع الحقائق أمام جماهير الأمة. واتضح جليا أن السادات استحدم الأسلوب الأول في التغطية على المشاكل بل أحيانا التضليل في المعلومات مثلما تكرر الأمر في أحداث الزاوية الحمراء ورغم التقرير الجيد للجنة تقصي الحقائق حول الاحداث الطائفية برئاسة الدكتور جمال العطيفي وكيل المجلس والذي احال تقريره الى السادات، الا انه لم يرى النور حتى الآن في عام 2016، فما زال قانون بناء الكنائس لم يخرج للنور لعدم وجود ارادة سياسية ومازالت المشاكل تندلع أثناء بناء اي كنيسة. مظاهرات اقباط المهجر بعد انتشار حوادث العنف ضد المسيحيين وخاصة في اسيوط واعتداء الجماعات الاسلامية على الطلبة فى جامعة أسيوط والمنيا ومنع الاحتفال بعيد العذراء في جبل الطير، وترك السادات العنان للجماعات الاسلامية لمواجهة التيار اليساري والشيوعي، وأعلن انه "رئيس مسلم لدولة إسلامية". زار السادات امريكا عام 1975 وقابله اقباط المهجر بمظاهرات منددة له واصفة ما يحدث للمسيحيين بالاضطهاد وظهرت اعلانات في صحف امريكية شهيرة تصف ما يحدث للاقباط من عنف في غياب الدولة وغضب السادات وحاول ايقاف هذه المظاهرات بالاتصال بالبابا شنودة إلا أنها لم تقف. ووصلت ذورة التحدي بين البابا والرئيس عندما اوقف السادات القاء البابا لعظته الاسبوعية وقرر البابا عدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة وعدم استقبال المسؤليين الرسميين للتهنئة بالعيد وظهرت رسالة منسوبة للبابا ان هذه القرارات بسبب اضطهاد الاقباط في مصر. مسيحيون فى مجلس الشعب رغم التوتر في العلاقة بين البابا والرئيس، الا ان تمثيل المسيحيين في مجلس الشعب شهد تحسنًا ملحوظا، ففي أول مجلس شعب في عهد السادات عام 1971م تم انتخاب ثلاثة مسيحيين وتعيين تسعة، وفي آخر مجلس شعب عام 1979م تم انتخاب أربعة وتعيين عشرة. صدام البابا والرئيس بدأ اشتعال الصدام بين البابا شنودة والرئيس السادات، عندما قام السادات بتعديل دستور 1971 باضافة "الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر الرئيسي للتشريع" إلى المادة الثانية من دستور سنة 1971 ثم عدلت فيما بعد عام 1980 لتكون "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". وفي لقاء للبابا مع السادات، طلب البابا من السادات اخذ تراخيص ببناء 25 كنيسة سنويا فزاد السادات عليه ووافق على بناء 50 كنيسة سنويا إلا أن هذا واقعيا لم يحدث. واهتم البابا بتدشين كنائس في بلاد المهجر التي زادت واتسعت في معظم الدول الغربية. حادثة الزاوية الحمراء طوال أعوام 1978، 1979 زادت حدة التوتر وتزايدت أعمال العنف وصدرت منشورات عديدة تكفر "النصارى" وتجيز قتلهم والإستيلاء على أموالهم. وفي أوائل عام 1979 أحرقت كنيسة قصرية الريحان الاثرية بمصر القديمة وفي 18 مارس 1980 إعتدت بعض الجماعات الإسلامية على الطلاب المسيحيين المقيمين بالمدينة الجامعية بالإسكندرية. وفي 12 يونيه 1981 حدث نزاع بين بعض المسلمين والمسيحيين على قطعة ارض، اعتبر المسلمون ان قطعة الارض ملكهم، فيما اعتزم بعض المسيحيين بناء كنيسة عليها فتحول النزاع بين الجيران إلى معركة مسلحة، نتج عنها عدد من القتلى نحو 81 قتيلا من المسيحيين (بحسب تصريح للواء أبو باشا وزير الداخلية الأسبق في برنامج اختراق) في غياب للشرطة لمدة ثلاثة ايام وقامت بعض الأسر المسلمة بحماية جيرانهم المسيحيين وتخبئتهم في بيوتهم. ووقف السادات في مجلس الشعب يزعم أن سبب الحادثة هم القاء مواطن قبطي ماء "وسخ" على عائلة مسلمة فحدث شجار بينهم قتلى على اثره 9 من الأقباط. عزل السادات للبابا شنودة في أخر عهد السادات في 4 سبتمبر 1981 قرر السادات إلغاء القرار الجمهوري بالموافقة على انتخاب البابا شنودة الثالث بطريركا، وتم عزله وتعيين لجنة خماسية لإدارة الكنيسة، وتحددت إقامته في دير الانبا بيشوى. كما قبض السادات على اكثر من 1500 من مختلف التيارات السياسية والدينية ولم يمر شهر ويومين إلا وقتل السادات في يوم ذكرى الانتصار بنصر اكتوبر العظيم في 6 اكتوبر 1981م، بأيدي "أولاده" الذين تربوا في أحضان الفكر الديني المتطرف. وانتهت مرحلة من مراحل تاريخ مصر عانى فيها المصريون عامة والمسيحيون خاصة أشد المعاناة. مصادر • الاهرام - عدد 31385 - 14 نوفمبر 1972 • خريف الغضب – محمد حسنين هيكل • المصحف والسيف- نبيل عبد الفتاح • الأقباط - النشأة والصراع - ملاك لوقا • السادات والبابا - أنور محمد