موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٠ ابريل / نيسان ٢٠٢٥

أحد الشعانين 2025

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
مبارك الآتي باسم الرب إلهنا

مبارك الآتي باسم الرب إلهنا

 

الرسالة

 

مبارك الآتي باسم الرب إلهنا

اعترفوا للرب فإنه صالحٌ وإن إلى الأبد رحمته

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل فيليبي (فيليبي 4 : 4 – 9)

 

يا أخوة اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَق، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (12: 1- 18)

 

ثُمَّ قَبْلَ الْفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَتَى يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، حَيْثُ كَانَ لِعَازَرُ الْمَيْتُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَصَنَعُوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ، وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ، وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا، فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ. فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ يَهُوذَا سِمْعَانُ الإِسْخَرْيُوطِيُّ، الْمُزْمِعُ أَنْ يُسَلِّمَهُ: «لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هذَا الطِّيبُ بِثَلاَثَمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَ لِلْفُقَرَاءِ؟» قَالَ هذَا لَيْسَ لأَنَّهُ كَانَ يُبَالِي بِالْفُقَرَاءِ، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ. فَقَالَ يَسُوعُ:«اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ، لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ». فَعَلِمَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ هُنَاكَ، فَجَاءُوا لَيْسَ لأَجْلِ يَسُوعَ فَقَطْ، بَلْ لِيَنْظُرُوا أَيْضًا لِعَازَرَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَتَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ لِيَقْتُلُوا لِعَازَرَ أَيْضًا، لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَانُوا بِسَبَبِهِ يَذْهَبُونَ وَيُؤْمِنُونَ بِيَسُوعَ. وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا.مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. مَلِكُ إِسْرَائِيلَ.» وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ». وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ. وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. لِهذَا أَيْضًا لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هذِهِ الآيَةَ.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

أحد الشعانين هو الأحد السادس من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو عيد القيامة. ويسمى الأسبوع الذي يبدأ به باسبوع الآلام (تذكارا لالام السيد المسيح). واحد الشعانين هو يوم ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة أورشليم، ويسمى هذا اليوم أيضا بأحد السعف لأن أهالي أورشليم إستقبلته بالسعف المزين وفارشاً ثيابه وأغصان الأشجار والنخيل تحته لذلك يعاد استخدام السعف والزينة في أغلب الكنائس للإحتفال بهذا اليوم. وترمز أغصان النخيل أو السعف إلى النصر أي أنهم استقبلوا يسوع المسيح كالملك المنتصر.

 

كلمة شعانين عبرانية من "هوشعنا" ومعناها يا رب خلص ، ومنها الكلمة اليونانية "أوصنا" التي استخدمها البشيرون في الأناجيل وهي الكلمة التي كانت تصرخ بها الجموع في خروجهم لاستقبال موكب المسيح، وهو في الطريق إلى أورشليم .

 

أضفى الشعب على هذا الاحتفاء صبغة دينية، فصاروا يفرحون ويسبحون الله لأجل جميع المعجزات التي أجراها المسيح. وفي ابتهاجهم كانوا يصرخون: "أوصنا لابن داود. مبارك الآتي باسم الرب. مباركة مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب. سلام في السماء، ومجد في الأعالي. أوصنا في الأعالي". وهذه الهتافات مقتبسة من المزمور المئة والثامن عشر، لأن الشعب كان يعتقد أن يسوع هذا هو المخلِّص المنتظر، وابن داود الآتي ليعيد أمجاد مملكة داود السياسية، دون أن يفهموا معنى خلاصه الروحي من عبودية الخطيئة. ولذلك فإن هذا الذي يهتف له شعبه الآن كملك، سيرى عكس هذا الاحتفاء. سيتوّجونه في هذا الأسبوع (الذي نسمّيه أسبوع الآلام) لكن بإكليل من شوك استهزاءً، ويُلبسونه حلَّةً ملوكية، لكن سخرية، ثم ينزعونها عنه، ويضعون قصبةً كصولجان في يمينه، ثم يخطفونها من يده ويضربونه بها. سيسجدون أمامه ويحيُّونه كملك، لكن مكراً ووقاحة وإهانة. سيُجلسونه مرفوعاً على عرش، لكنه الصليب.

 

جاء يسوع من بيت عنيا قاصداً الهيكل، وسار جمهور المستقبلين من المدينة ليلاقوه، ثم أرسل أمامه تلميذين إلى قرية قريبة، حيث يجدان فيها جحشاً لم يُروَّض بعد، مربوطاً بجانب أمه، أمام أحد البيوت. فعليهما أن يحلاهما ويأتيا بهما إليه. فإذا اعترض صاحبهما على هذا العمل من شخصين غريبين، يجيبانه: "الرب محتاج إليهما". فحالاً يسمح بهما. فتمَّت نبؤة المسيح لهما حرفياً.

 

ركب المسيح الجحش بعد أن وضع بعضُ تابعيه ثيابهم عليه. ولما التقى جمهور الخارجين من المدينة بجمهور الداخلين إليها اشتدت الحماسة وتسابقوا في إكرام المسيح وهم ينشدون بمعجزته لما أقام لعازر من الموت في بيت عنيا. وفعلوا ما يفعلونه عادة في أيام عيد المظال عندما يطوفون حول المذبح حاملين سعف النخل، شارات النصر، صارخين "أوصنا".

 

ما أجمل طقوسنا التي تضع هذه الكلمات في حيّز حياتنا. بعد قليلٍ ندور بالسعف وندخل الكنيسة معبّرين عن دخول المسيح لأورشليم، ونصرخ مع التلاميذ هوشعنا… ماذا سنحمل في قلبنا؟ من هو هذا الملك الآتي؟

 

يسعى الإنسانُ بطبيعته ومنذ فجر التاريخ للسلام، ويرى في تحقيق ذلك سعادتَه وهناءه. لكنّه غالباً ما يُخطئ في اختيار الدروب التي يظنّها ستوصله إليه. فلطالما سقط الإنسان في الحروب طلباً للسلام. من أجل السلام استخدم كثيرون الاستبداد، في طلب السلام تهافت آخرون على جمع المال. في سبيل السلام لم يوفِّر البعضُ على أنفسهم استخدام أيّة وسيلةٍ، ولم يتردّدوا في سلوك أيّ دربٍ خاطئة. إنَّ قراءةً واعيةً للتاريخ البشريّ توضّح، من جهةٍ أولى، سعي الإنسان الحميم إلى السلام، ولكنّها تظهر أيضاً فشل أغلب تلك الدروب التي سلكها، وأغلب الحلول التي طرحها.

 

اليهود الهاتفون: "خلصنا، مباركٌ الآتي باسم الرب"، عاشوا تاريخهم الطويل المعذّب وهم ساعون في عطشٍ إلى السلام. ابتغوه، لكنّ أحلامَهم رأته من خلال الاستقلال، ولم يكن ذلك يعني ما هو أقلّ من الاستبداد أحياناً عديدة، وتوقعوه في التحرير ولو كان ذلك مراتٍ باستعباد الآخرين. طلبوا السلام في أحلام المجد والسلطان، في فلسفة السيطرة، ورغبات الهيمنة، غير متذكرين نبوءة زخريا: "افرحي يا ابنة صهيون لأنّه هوذا ملككِ يأتي إليكِ راكباً على جحشٍ ابن أتان".

 

بعد ثلاث سنين من التعليم والأعمال، أشرف الربّ يسوع على أبواب أورشليم في جوٍّ من التحدّي القاسي، ودخلها دخول الفاتح بعد إقامة لعازر. لقد سبى قلوبَ الناس بسيطرته حتّى على الموت. ورأى الشعبُ به محطَّ أحلامه، فدخل أورشليم كملكٍ لإسرائيل. لكنّه دخلها في وجهٍ من الغرابة، على ابن أتان.

 

أمّا الآن فنحن نعلم أنّ يسوع هو وحده القادر أن يقودنا في موكب النصرة الحقيقيّة: إنه يُرشدنا برأيه الذي لا يُخطئ أبداً، كما أنه يحفظنا في مشيئة الآب، ومن كل مأزق وخصم بمعرفته ينقذنا ؛ وفي نهاية موكب حياتنا هذه نجد أنه قد حقّق الهدف الرّئيسي من وجودنا.

 

وها نحن في هذه الأيام المباركة ننظر من بعيد هذا المشهد. نصرخ بصوت عظيم أوصنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب .

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة الشَّعَانين باللَّحن الأوَّل

أيُّها المسيحُ الإله، لـمَّا أقَمتَ لعازَرَ مِنْ بينِ الأمواتِ قَبْلَ آلامِكَ، حَقَّقْتَ القِيامَةَ العامَّة. لذلِكَ، وَنَحْنُ كالأطفالِ، نَحْمِلُ علاماتِ الغَلَبَةِ والظَّفَرِ صارِخِينَ نحوكَ يا غالِبَ الموت: أوصَنَّا في الأعالي، مُبارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبّ.

 

قنداق أحد الشَّعَانِين باللَّحن السَّادِس

يَا مَنْ هُوَ جَالِسٌ على العَرْشِ في السَّماء، وراكِبٌ جَحْشًا على الأرض، تَقَبَّلْ تَسابيحَ الملائِكَةِ وتماجِيدَ الأطفال، هاتِفينَ إليكَ: أَيُّها المسيحُ الإله، مبارَكٌ أنتَ الآتي، لِتُعِيدَ آدَمَ ثانِيَةً.