موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١

يحيا المسيح ملك المجد

بقلم :
الأرشمندريت نادر ساووق - الأردن
يحيا المسيح ملك المجد

يحيا المسيح ملك المجد

 

تمهيد

 

ذاك الذي ولد فقيرًا ومتواضعًا في بيت لحم، وعاش عاملاً في الناصرة، ومعلّمًا في اليهودّية والسامرة والجليل، ومات عنّا باذلاً حياته لأجل خلاصنا، وقام حيًّا وظافرًا. ذاك هو يسوع المسيح النور والحياة، نُخبركم عنه، لكي نستقي من ينبوع حياته وتعاليمه السامية، معنى المحبة الحقيقية في التواضع  والتجرّد، والعظمة في العطاء والخدمة، والبطولة في الأمانة والحقّ. إنّ السيد المسيح في شخصيته وحياته يصفه الكتاب المقدس بالعجيب والفريد والوحيد، فهو عجيب في أعماله ومعجزاته، وفريد في تعاليمه وعظاته، وحيد في شخصيتّه وصفاته.

 

 

1- عجيب في أعماله ومعجزاته

 

إنّ السيد المسيح عجيب حقًا في أعماله ومعجزاته و رسالته الخالدة التي حملها على عاتقه وهي رسالة الفداء والخلاص، فهو المخلّص الوحيد الذي خلصنا من عبودية الخطيئة والموت، وافتدانا بموته وقيامته المجيدة "لأنّ ابن البشر قد جاء ليطلب ما قد هلك، ويخلّصه" (لوقا 19 :10) وفي معجزاته نقرأ في الانجيل المقدس أن يسوع المسيح "كان يجول في جميع المدن والقرى يعلّم في المجامع، ويكرز بإنجيل الملكوت، ويشفي كلّ مرضٍ وداء" (متى 9 :35). فكم من جائع أشبع، ومريض أبرأ، وميت أقام! ألوف تشهد على ما أقول: الخمسة آلاف، البرص العشرة، خادم قائد المئة، نازفة الدم، حماة بطرس، ابنة يائيروس، ابن أرملة نائين، لعازر.

 

 

2- فريد  في تعاليمه وعظاته

 

ما أروع تعاليمه وعظاته الخالدة، لأنها كلها سماوية وسامية، مضيئة ومثمرة.

فهل من عظة أعظم من عظته على الجبل؟ (متى الفصل 5-7)،

وهل من صلاة أعمق من صلاته الربيّة؟ (متى 6: 9-13)،

وهل من قاعدة أسمى من قاعدته الذهبية؟ (متى 7: 12).

 

 

3- وحيد في  شخصّيته وصفاته

 

كنا نحتاج إلى مجلدات لنكتب عن شخصه الكريم المنقطع النظير، لكننا نكتفي هنا بالنذر اليسير، فنتكلم عن صفتين لا غير: عصمته وقدوته.

 

أ) عصتمه: إنّ الآباء والأنبياء عثروا وسقطوا، الرسل والاتقياء زلّوا وأخطأوا، نوح سكر، ابراهيم كذب، يعقوب احتال، موسى قتل، داود زنى، سليمان عبد الأصنام، بطرس أنكر سيده، توما شك في القيامة. أما يسوع الحياة، فكانت حياته خالية من الخطأ والخطيئة، "فمن يستطيع أن يُثبت عليه خطيئة"؟ (يو 8: 46)، "هو الذي لم يقترف خطيئة ولا وُجد في فمه مكرٌ" (1 بطرس 2 :21).

 

ب) قدوته: كان السيد المسيح قدوة صالحة وصورة حيّة لتعاليمه السامية، فهو لم يعلّم شيئًا إلاّ وطبقه على حياته أولاً (متى 5 :19 ، لو 20 :21). علّم عن القداسة، فعاش حياة القداسة والكمال. علّم المحبة، فأحبّ أعداءه وصلّى لأجلهم، علّم التواضع، فغسل أرجل تلاميذه، علّم الغفران  فغفر لقاتليه وصالبيه.

 

 

4- أسلوبه

 

يمكننا أن نلخص أسلوب يسوع بثلاث كلمات: بساطة، عمق، سلطان.

 

في ما يتعلق بالبساطة، فقد استخدم يسوع المعلّم أبسط الأشياء ليعلّم. تكلم عن الزارع والتاجر، الملح والنور، الزنابق والطيور، الدرهم والخروف، الخميرة والخردل، القمح والزؤان. كلها أشياء معروفة ومألوفة، فما أبسط كلماته، وما أعمق ما ترمي إليه ايضاحاته.

 

ففي حديثه عن مثل الزارع علّم عن كلمة الله، والخروف الضائع علّم عن محبة الله، وفي حديثه عن الزنابق والطيور علّم عن عناية الله، والخميرة والخردل علّم عن ملكوت الله. أما سلطانه، فهو هو الذي "اندهشت الجموع من تعليمه، لأنه كان يعلّم بسلطانٍ، لا مثل معلّمي الشرّيعة" (متى 7: 28).

 

 

خاتمة

 

لا يزال سؤال يسوع المسيح لرسله يتردد في أعماق كل واحد منّا: "من أنا في قولكم أنتم؟" (متى 16 :15). من أنت، يا يسوع؟ أنت المخلّص والفادي، المحبة والرحمة، الراعيّ والخادم، المعلّم والطبيب، والبداية والنهاية، والأول والآخر في حياتنا.