موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٥ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٢

يا رب علمنا أن نصلي مثل صلاتك، وأن نحب بمثل حبك

بقلم :
البطريرك ميشيل صبّاح - القدس
التأمل اليومي: الأربعاء ٥/١٠/٢٠٢٢، الأسبوع ٢٧ من السنة/ج، لوقا ١١: ١-٤

التأمل اليومي: الأربعاء ٥/١٠/٢٠٢٢، الأسبوع ٢٧ من السنة/ج، لوقا ١١: ١-٤

 

١. وكان يصلي في بعض الأماكن، فلما فرغ قال له أحد تلاميذه: يا رب، علمنا أن نصلي كما علم يوحنا تلاميذه.

٢. فقال لهم: إذا صليتم فقولوا: أيها الآب ليقدس اسمك ليأت ملكوتك.

٣. أرزقنا خبزنا كفاف يومنا

٤. وأعفنا من خطايانا فإننا نعفي نحن أيضا كل من لنا عليه ولا تتركنا نتعرض للتجربة.

 

"وَكَانَ يُصَلِّي فِي بَعضِ الأَمَاَكِنِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ أَحَدُ تَلَامِيذِهِ: يَا رَبّ، عَلِّمْنَا أَن نَصَلِّيَ " (١).

 

كان يسوع يصلي. كان يترك الناس، تلاميذه والجماهير التي كان يحبها، ويشفق عليها ويعلِّمها ويشفي مرضاها، كان يتركها، ليكون مع أبيه. كان دائمًا إلهًا وإنسانًا، والإنسان فيه دائمًا مع الإله فيه. كان دائمًا في حالة صلاة. أي متّحدًا بالله. الصلاة هي الحضور أمام الله، وحمد الله وتسبيحه، ومعرفة أنفسنا أننا فقراء إليه، ومحتاجون إلى رحمته، دائمًا. كان يصلي، أي كان دائمًا إلهًا وإنسانًا معًا. والتلاميذ كانوا يرون فيه الإنسان مثلهم الذي يصلي أمام الله. كان يسوع يصلي حتى يتعلموا هم أيضًا أن يصلوا. وأن الصلاة جزء ضروري من حياة الإنسان.

 

يسوع المسيح، كلمة الله الأزلي، صار إنسانًا مثلنا، لنصير نحن مثله آلهة. إلى هذا نحن مدعوُّون. يسوع صار إنسانا، ثم تألم ومات حتى يرفعنا إليه، إلى ما هو، ونصير ما هو. نصلي، نحن أيضًا مثل يسوع، لتصحح طبيعتنا، ونعيدها إلى سلامتها الأولى. صلوا ولا تملوا. كونوا ما أنتم مدعوون لأن تكونوا، مثل الله. الهدف سام، بعيد جدًا عن فقرنا، واهتماماتنا في شؤون الأرض، ولكنّا إلى هذا نحن مدعوُّون.

 

"يَا رَبّ، عَلِّمْنَا أَن نَصَلِّيَ". فقال لهم: "إذَا صَلَّيْتُم فَقُولُوا: أَيُّهَا الآبُ، لِيُقَدَّسْ اسمُكَ، لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. أُرزُقْنَا خُبزَنَا كَفَافَ يَومِنَا. وَأَعفِنَا مِن خَطَايَانَا، فَإنَّنَا نُعفِي نَحنُ أَيضًا كُلَّ مَن لَنَا عَلَيهِ، وَلَا تَترُكْنَا نَتَعَرَّضُ لِلتَّجرِبَةِ" (٢-٤).

 

صلاة تسبِّح الآب أولا، ونطلب تحقيق ملكوته على الأرض، حتى تصبح الأرض أيضًا ملكوته، حتى تعود إلى صلاحها كما خلقها. فنبنيها لله ولنا، ونبقيها أرضًا لله وللإنسان الساجد لله، والمحب لأخيه الإنسان.

 

ثم نطلب خبزنا اليومي، حتى نقوم برسالتنا في الأرض. نطلب نحن جماعة، كل سكان الأرض معًا، نطلب أن نجد معًا خبزنا اليومي، كي لا يكون في الأرض شبعان وجائع، حامل للرسالة وبانٍ للأرض، وفي الوقت نفسه، جائع أو شبعان هادم لها، ومفسد فيها. نصلي كلنا معنا من أجل جميعنا. لنكون كلنا بُناة، لا أحد فينا يهدم، - أعطنا خبزنا، كلَّنا نحن أبناءك، وأبقنا كلنا إخوة.

 

ثم نستغفر. اغفر لنا خطايانا. كلنا نستغفر. كلنا في الحاجة نفسها، لطلب المغفرة، من الله، ولنغفر بعضنا لبعض، حتى نكون مثل الله، مثله نغفر، كما يغفر لنا، وهكذا نبقى بناةً كلنا معا للأرض فنصنع منها ملكوت الله.

 

ونقول أخيرًا: لا تعرِّضْنا للتجربة. لا بد من التجارب. بعد الخطيئة أصبحنا معرضين للخطيئة. يسوع المسيح نفسه الذي صار إنسانًا مثلنا، مثلنا أراد أن يخضع للتجربة، وانتصر عليها. نطلب أن نكون مثله أقوياء أمام التجارب الكثيرة. فنبقى ما نحن، نحافظ على إنسانيتنا صالحة كما حلقنا الله.

 

يا رب علمنا أن نصلي، مثل صلاتك، وأن نحب بمثل حبك. آمين.