موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٢

علّمنا أن نكون دائمًا واعين أنك فينا

بقلم :
البطريرك ميشيل صبّاح - القدس
الخميس ٦/١٠/٢٠٢٢، الأسبوع ٢٧ من السنة/ج، لوقا ١١: ٥-١٣

الخميس ٦/١٠/٢٠٢٢، الأسبوع ٢٧ من السنة/ج، لوقا ١١: ٥-١٣

 

٥. وقال لهم: من منكم يكون له صديق فيمضي إليه عند نصف الليل، ويقول له: يا أخي، أقرضني ثلاثة أرغفة،

٥. فقد قدم علي صديق من سفر، وليس عندي ما أقدم له،

٧. فيجيب ذاك من الداخل: لا تزعجني، فالباب مقفل وأولادي معي في الفراش، فلا يمكنني أن أقوم فأعطيك.

٨. أقول لكم: وإن لم يقم ويعطه لكونه صديقه، فإنه ينهض للجاجته، ويعطيه كل ما يحتاج إليه.

٩. وإني أقول لكم. اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم.

١٠. لأن كل من يسأل ينال، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له.

١١. فأي أب منكم إذا سأله ابنه سمكة أعطاه بدل السمكة حية؟

١٢. أو سأله بيضة أعطاه عقربا؟

١٣. فإذا كنتم أنتم الأشرار تعرفون أن تعطوا العطايا الصالحة لأبنائكم، فما أولى أباكم السماوي بأن يهب الروح القدس للذين يسألونه.

 

"كُلُّ مَن يَسأَلُ يَنَالُ، وَمَن يَطلُبْ يَجِدْ، وَمَن يَقرَعْ يُفتَحْ لَهُ (١٠).

 

الصلاة حضور أمام الله. الصلاة حديث مع الله. الصلاة انتباه إلى أن الله معنا، ولسنا وحدنا. الصلاة توقُّفٌ بين واجباتنا الكثيرة وهمومنا، وفي أوقات فرحنا وحزننا، وفي الصحة والمرض، وفي الحرب والسلام، وفي المقاومة والبحث عن حريتنا، هي توقُّف لنتذكر أننا لسنا وحدنا، أننا مع الله. هذه حقيقة نفسنا الكاملة، لسنا على الأرض فقط، بل فينا أيضًا سماء. لسنا فقط بشرًا معرَّضين لكل أنواع الصراعات مع أنفسنا، ومع غيرنا، بل فينا صوة الله.

 

نحن أكثر من بشر، نحن من أجلنا تجسد كلمة الله وصار إنسانًا وتألم ومات من أجلنا، ومن أجل خلاصنا. ونحن معه مُتْنا بالمعمودية، ومعه، بالمعمودية أيضًا، قُمْنا إنسانًا جديدًا، إنسانًا أكثر من إنسان، فينا الإنسان الذي رفعه يسوع المسيح إليه، إلى مجد قيامته، وملأه بالروح القدس. حقيقتنا هي ما قاله لنا يسوع، لمــَّا صلّى من أجلنا:" أبت، كما نحن واحد، اجعلهم مثلنا واحدًا".

 

الصلاة هي هذه، أن المسيح جعلنا واحدًا معه ومع الآب والروح القدس. لسنا فقط على الأرض، ولشؤون الأرض. بل نحن أيضًا في السماء، منذ الآن، على الأرض، وحياتنا صلاة، أي أن نعيش في الوقت نفسه، في الأرض وفي السماء معا. الصلاة هي القيام بكل واجباتنا وقبول كل هبات الله لنا، وتنميتها على الأرض، وتكون زهرتها من السماء.

 

إن عرفنا أن نصلي هكذا، إن عرفنا أنفسنا ماذا نحن، أننا مع الله، وصورة الله، إن عرفنا ما صنع الله من أجلنا، إلى أي حد أحبنا، إن كنا دائمًا مع الصاعدين إلى الجلجلة لكي نتعلَّم هناك كيف كانت ولادتنا الجديدة، إن عرفنا أن نقول مثل المسيح، في شدة آلامنا، أيها الآب اغفر لهم، إن عرفنا أن نقول مثل يسوع على الصلب: "أبت بين يديك أستودع روحي، حياتي وموتي، - إذّاك يتحقَّق كلام يسوع فينا: "كُلُّ مَن يَسأَلُ يَنَالُ، وَمَن يَطلُبْ يَجِدْ، وَمَن يَقرَعْ يُفتَحْ لَهُ (١٠).

 

إن كنا على الجلجلة ووقفنا عند الصليب، إن قلنا مثل قائد المئة الذي ألهمه الله، "هذا حقًّا هو ابن الله، الذي أحبني ومات من أجلي"، نكون قد نلنا كل ما نسأل. لأن أبانا الذي في السماوات يعرف مسبقًا ما نحتاج إليه. وصلاتنا لن تكون طلبات لنا فقط، بل تسبيحًا له. صلاتنا ستكون: "ليتقدس اسمك، ليَأْتِ ملكوتك، لتكن مشيئتك"، ليكن لنا كل ما تشاءـ، أعطنا خبزنا كما تشاء، واغفر لنا خطايانا كما تشاء.

 

يا رب، علِّمْنا أن نصلي. أن نكون دائمًا واعين أنك فينا، وأنك عالم بنا وبكل حاجاتنا. علِّمْنا أن نقول فقط: أيها الأب ليتقدس اسمك وليأت ملكوتك، والباقي كله سيزاد لنا، بحبك. آمين.