موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تلم العالم من الا العرب فإنهم هذه الايام يتصرفون وكأن التاريخ غير موجود على الإطلاق أو كأنهم لم يسمعوا به او لم يقرأوه. كانت الجامعة العربية من أحد اسباب ضياع فلسطين وتصرفت حول قضيتها مثلما تتصرف اليوم حيال سوريا من منطلقات دينية ومذهبية ممأ أعطى الحركة الصهيونية الحجة القوية لإقامة دولة يهودية في فلسطين. وفي العشرينات من القرن الماضي وقع الزعماء الفلسطينيون في الفخ الصهيوني وأخذوا يتحدثون عن فلسطين من منطلقات دينية فصار الانطباع أمام الراي العام العالمي أن القضية في فلسطين هي قضية دين وليس وطن، وكانت عاملاً قويا آخرا لهزيمتنا. وليس سرا أن اقل الناس اهتماما بالأهمية الدينية لفلسطين عامة والقدس خاصة هم العرب، وفي تاريخ العرب عدة أمثلة حول استعدادهم لمقايضة القدس بإمارات وممالك أخرى، وليس اقلها في أواخر عهد الفرنجة عندما اعلن نجل صلاح الدين الايوبي عن استعداده للتخلي عن القدس لصالح الفرنجة مقابل ان يتخلوا عن مناطق في مصر، لكن الفرنجة رفضوا، لأنهم ايضا جاءوا الى هذه البلاد تحت إسم الدين ولكن هدفهم كان استعمارياً بإمتياز. وفي مواقف أخرى كان هناك استعداد لتقسيم القدس. وصار معروفا أن القضية هذه الايام هي أن العرب لا يريدون رؤية حاكم عربي لا يتبع مذهبهم، أي أنهم بدلاً من ان يعطوا المثال الصالح لشعوبهم في التسامح والإنفتاح والاعتدال فإنهم يدعونهم بطريقة غير مباشرة إلى التشدد والتطرف والمذهبية. وبدلاً من ان تعالج الجامعة العربية قضية احياء الحلف التركي-الإسرائيلي-السعودي وتداعياته على مستقبل العالم العربي نراها تناقش كيفية مواصلة سفك الدماء في سوريا وأماكن أخرى في العالم العربي. أما الفلسطينيون، فالعالم في واد وهم في واد آخر وبدل أن يكونوا رواد التقدم والعلمانية والإنفتاح، كما كانوا في عهد الزعيم ياسر عرفات، تراهم الآن يلهثون وراء من يطعنوهم من الخلف. إنه الزمن الإنكشاري الجديد والذي قد تليه 500 عام أخرى من استعمار العالم العربي من قبل التحالف التركي-الإسرائيلي-السعودي. ولكن العرب في بلاد الشام ومصر محظوظون لأن روسيا تدخلت في الوقت المناسب لوقف هذا التدهور ومنع الاستعمار الجديد. ومن يظن أن العرب أقوياء بدول الخليج فهو واهم. ومن يعتقد أن سقوط النظام في سوريا يعني الإستقرار للبنان وفلسطين والاردن فهو حالم لأنه لم يقرأ التاريخ جيدا. ولا عجب بعد ذلك ان يهاجر المسيحيون العرب من العالم العربي، لأنه يبدو أنهم أول من فهموا التاريخ جيداً.