موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تحت عنوان هجرة المكونات الدينية والاثنية في المنطقة، اختتمت اعمال المؤتمر الذي عقد في العاصمة الاردنية عمان والذي استمر على مدار يومين حيث جاء اقتتاحة تحت رعاية دولة رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز، بتنظيم من المركز الكاثوليكي للدرسات والاعلام، ومركز نيسان للتنمية السياسية والبرلمانية، ومؤسسة كونوراد اديناور الالمانية، وبمشاركة واسعة من اصحاب الاختصاص المتحدثين من الاردنيين والاخوة العرب وكافة الضيوف، فضلاً عن اهل الاعلام والصحافة والاكاديميين، وشابات وشباب طلاب الجامعة الامريكية في مادبا والذي جاءت مشاركتهم بهدف فهم ورؤية المستقبل. عصف فكري وذهني طغى على جلسات المؤتمر منذ انطلاقته وصولاً إلى ختام اليوم الثلاثاء حيث تناولت جلساته قضايا الهجرة القسرية وتداعياتها المتزايدة نتيجة الأوضاع التي تدور في المنطقة جراء العنف والارهاب المتصاعد، فضلاً عن مناقشة وطرح السياسات والرؤى التي تدعم وتضمن بقاء المكونات الدينية والاثنية. في بداية الجلسة الأولى لليوم الثاني للمؤتمر، والتي خصصت لحقوق المكونات الدينية والاثنية في التشريعات، وترأستها النائب في البرلمان الأردني ريم أبو دلبوح، استعرض باحثون جوانب قانونية يتوجب تغييرها والتعامل معها لتعزيز مفهوم الدولة المدنية العصرية التي يتوجب الذهاب إليها ومن أبرزها القبول بالآخر والعيش معه على مبدأ المساواة وليس على مبدأ الذمة، وتعديل قوانين ذات علاقة بتلك المفاهيم. واستهلت الجلسة المحامية والإعلامية رولى ايليا بورقة عمل بعنوان "حقوق الأقليات في التشريع"، والتي طرحت من خلالها حقوق الاقليات في التشريع حيث قالت لا يجوز للدول التي يوجد بها اقليات ان يحرم حق التمتع بديانتة وثقافتة الخاصة، وذلك بحسب المادة 30 من قانون حقوق الانسان، واضافت بالرغم من وجود امتايازات يقدمها قانون حقوق الانسان عن حماية الوجود وتعزيز الهوية والحق في التعليم والحرية الدينية وغيرها الا انها تصتدم مع الممارسة الفعلية مشيرة الى ان هنالك انتهاك صارخ للحقوق الانسانية والحرب والقتل حل محل القانون. واستعرض الدكتور برنارد سابيلا، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيت لحم، من خلال ورقته التي جاءت تحت عنوان "هل المسيحية نحو الزوال في المشرق العربي؟"، العوامل المشجعة والطارده للهجرة من فلسطين، وان ابرزها مرتبط بظروف الاحتلال والانتفاضة الثانية التي ايضا ساهمت في ازدياد الهجرة، علاوة على الحرب الاهلية الدائرة في سوريا وسيطرة تنظيم داعش على اراض واسعة من العراق وسوريا فضلا عن الخصائص التعليمية والاجتماعية للمهجرين الذين تاثروا بالانعكاسات السلبية للاحتلال الاسرائيلي. وختم حيث قال علينا ان ننظر لمجتمعاتنا بنظرة فاحصة لغرض التوفيق بين هوية دينية من جهة وبين الاواصر التاريخية والاجتماعية التي ميزت مجتماعتنا وجعلتها تعيش بتعددية واذا نجحنا بذلك نكون وصلنا الى التقليل من الهجرة. أما المحامي والمستشار القانوني يعقوب الفار، فقال خلال ورقة العمل التي قدّمها تحت عنوان "التمييز على أساس الدين كسبب من أسباب الهجرة إلى الخارج"، في مداخلته إن البحث العلمي لا يحتمل المجاملات، واذا اردنا ان نضع انفسنا على المسار الصحيح يجب علينا ان نشير الى المشاكل التي يعاني منها المجتمع لتلافي الهجرة المطردة. واستطرد قائلا علينا ان نعلم ان هنالك نصوصا في الدستور تميز بين الديانات وعلينا التنبة اليها، فيما تمنى الى ان نرتقي الى دولة مدنيه تستوعب الجميع لافتاً أن نزعة التخلص من القيود الدينية خاصة في مسائل الأحوال الشخصية تتنامى عند الكثيرين. وتناولت الجلسة النهائية في الختام التي ادارها الدكتور النائب في البرلمان الاردني عودة قواس ايضا عدة موضوعات كانت رافدا ومحفزا لازدياد الهجرة القسرية وتحت عنوان الخطاب الديني في المناهج والاعلام. قال الدكتور عمر الحافي نائب مدير المعهد الملكي للدرسات ان الاضطهاد والتميز مرفوض والمفارقة ما بين الفكر الجميل والواقع الممارس هي مفارقة مرفوضة، وان الهجرة لا تتوقف عند الدين فقط فهنالك هجرة قسرية واختيارية، مضيئًا على واقع التعليم حيث قال هنالك خلل كبير في مناهجنا ونحن بحاجة للنظر من جديد الى الفقة الاسلامي، وان ظهور الحركات الإسلامية المتطرفة يعود إلى خلل في الخطاب الديني والسياسي. اما الدكتور جمال شلبي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية، فعنون الورقة "المسيحيون وداعش والسلطة"، وقال إن النهضة والمقاومة والمشاركة الفكرية ابرز من ساهم في رفعتها ونهضتها هم المسيحيون، وتساءل لا اعرف لماذا العقل العربي الاسلامي لا يزال يعيش في الماضي ويابى ان يتغير. واضاف ان الذي اوجد داعش هو مناهج التعليم وتزوير التاريخ وطالب في نهاية مداخلتة باضافة وحدة تعليمية الى المناهج تختص بمسيرة المسيحيين في الشرق مؤكدا على مسؤولية الدولة في اتخاذ القرار. وعن واقع الاعلام والتعليم في فلسطين 1948 الأستاذ زياد شليوط، الصحفي والكاتب والباحث من الجليل تحدث عن انحياز الاعلام في حالة الحروب والازمات الى جانب الحكومة الاسرائيلية والخطاب الموجه للفلسطينيين، واصفاً اياهم بالعدائية وان كل هذه عوامل, دفعت العائلات المسيحية إلى الهجرة منذ عام 1948، وحتى السنوات القليلة الماضية، لافتاً إلى أن محاولات عدة جرت لتجنيد الشبان المسيحيين. وانهى بسؤال حيث قال الى اين يذهب مسيحيو الشرق في الوقت الذي يشعر به دائماً بغربة. الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، قال في كلمته الختامية نحن لا نريد دولة دينية ولا لوناً واحداً في الشرق، الذي ما اعتاد إلا على التعددية الراقية والفكر النير. ومن المؤسف في تعداد أسباب الهجرة أن التعصب أصبح من ضمن هذه الأسباب المؤدية إلى الهجرة، موجهاً الشكر لكافة من ساهم على انجاز وانجاح هذا المؤتمر من منظمين الى كافة المشاركين، وخصوصاً المتحدثين الذين اثروا واغنوا هذا المؤتمر بافكارهم التنويرية المشرفة. خلاصة المؤتمر: أجمع المتحدثون على أن التغيير باتجاه دولة مدنية أصبح ملحاً وبحاجة إلى تظافر كافة الجهود والمعطيات وبحاجة أيضاً إلى أكثر من وقفة تضامنية أو مؤتمر، ولا نستطيع الخروج بدولة مدنية تحفظ كل الحقوق دون التحرك لقرارات سياسية تؤسس لاحتضان الآخر وتعترف به وتتعامل معه ككيان حقيقي موجود له كل الحقوق وعليه كل الواجبات.