موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٩ ابريل / نيسان ٢٠١٦

قلب الاسبوع العظيم

بقلم :
تغريد حبش نجيم - الأردن

مع ختام زمن الصوم الاربعيني المقدس، واقترابنا من يوم خميس الاسرار,الخميس المقدس الذي تحتفل به الكنيسة الجامعة في كل عام عشية الجمعة العظيمة, ليلية سبت النور, وصولاً لاحد القيامة المجيد الذي يحتفل به المسيحين في كافة انحاء العالم لانتصار الرب بقيامتة المجيدة من بين الاموات، كاسرا شوكة الموت من اجل فداءنا نحن الخاطيئن. الخميس العظيم الذي يأتي احياء لذكرى العشاء الاخير الذي فيه اجتمع "المسيح له المجد" مع تلاميذه الاثني عشر في علية صهيون في اورشليم قبل ان يسلمة تلميذه الخائن يهوذا الاسخريوطي الى اليهود ليصلبوه مقابل ثلاثين من الفضة وذلك قبل نحو الفي عام واكثر. اليوم يجعلنا التوقف عند هذا الحدث العظيم ونحن نقترب من الخميس المقدس عشية الجمعة العظيمة لنرى الصور الثلاث والعبر والاسرار لآيات الكتاب المقدس التي قدمها لنا الله كي ندرك محبته اللامتناهية وغير المحدودة لنا كبشر, والتي لا زال يعجز العقل البشري عن فهمها, اذا ونحن نقترب من الخميس المقدس عشية الجمعة العظيمة, لا بد وان ندرك نحن البشر اهمية ان نحب ونتواضع ونبذل ذواتنا بقدر ما احبنا الله. وبحسب الكتاب المقدس تقول الآية "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم، لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد، حتى يكمل في ملكوت الله" (لو22: 15). اذا يوم الخميس في العشاء الاخير عشية الجمعة العظيمة المقدسة نرى "المسيح له المجد" كيف دعا تلاميذه للعشاء قبل وداعهم واشتهى ان يتناوله معهم وهذا ابرز لنا عن محبته العظيمة لهم حيث اقتسم معهم الخبز والخمر واظهر لهم السر الالهي. وتقول الاية: "وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم أن واحد منكم يسلمني. فحزنوا جدا وأبتدأ كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يا رب. فأجاب وقال الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني" (متى 26:17). وهنا في العشاء الاخير الذي تناوله يسوع مع تلاميذه الذي كان من ضمنهم الخائن يهوذا نرى يسوع اظهر لنا كيف احب تلاميذه حتى الموت وتناول العشاء معهم رغم انه كان يعلم تماما ان هنالك من سيسلمة مثل يهوذا ومن سينكره مثل بطرس. يهوذا الاسخريوطي التلميذ الخائن الذي تامر على يسوع ليسلمه للموت ليصلب على ايدي اليهود, ونرى كيف محبة الله اللامتناهية قابلتها خيانة يهوذا من اجل ثلاثين من الفضة, كيف لاّمين الصندوق الذي ائتمنه يسوع ان يفعل هذا؟ ليس افظع من ان يكون ثمن الحب خيانة كان شيئًا قاسيًا وموجعا جدا على قلب يسوع المخلص الممتلئ بالحب، وبأسمى معاني النُبل والإخلاص والوفاء، أن يواجه الخيانة من قبل أحد تلاميذه الخاصة والمقربين الذي هو بنفسه اختارهم. ولكن بالرغم من ذلك كله الا ان يسوع تعامل مع يهوذا بمنتهى الرفق، وبمنتهى الاتضاع بحسب الكتاب المقدس "أنت إنسان عديلي إلفي وصديقي" (مز55: 13). المسيح الاله الانسان اراد أن يغلب الشر الذي سكن قلب يهوذا بالخير, وأن يقدّم الإحسان للمسيئين اليه وحتى لم يحاول أن يفضحهم, بل تركهم لعل ضمائرهم تبكتهم نتيجة لما أظهره نحوهم من حب في مقابل اساتهم. "عجيب أنت يا رب في اتضاعك، وفي احتمالك لأخطاءنا ". وعشية الجمعة العظيمة يوم الخميس المقدس المسيح الاله الانسان قام بغسل ارجل تلاميذه. قام عن العشاء وخلع ثيابه، وأخذ منشفة واتزر بها. ثم صب ماء في مغسل، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرًا بها" (يو13: 1-5). ومع هذه الايه علمنا يسوع المخلص سر التوبة والاعتراف وان ندرك ايضا اهمية التواضع والمحبة اللامتناهية التي منحنا اياها وكيف نستطيع ان نكون خادمين للرب كما فعل تماما حين غسل ارجل تلاميذة عشية الجمعة العظيمة واوصاهمان يحبوا بعضهم البعض, معلمنا ايانا ان المحبة تكمن بالاتضاع وكلاهما مكملان لبعض. ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا,يسوع الاله الانسان هو هو لم يتغير وما زال يدعونا نحن ايضا لنتشارك معه الحب في هذه الاسرارالذي منحنا اياه من خلال دمة وجسده, الذي قدمة لنا على خشبة الصليب من اجل خطايانا, وبالرغم من كل اخطاءنا وشكوكنا وضعفاتنا وانكسارتنا وسقطاتنا, الا انه ما زال يحبنا, واذا ما تاملنا الخميس المقدس باحداثة الثلاثة بدءا من العشاء ورتبة غسل الارجل وصولا الى خيانة يهوذا للمسيح دون اي وجهة حق واي ذنب ,يجعلنا نسال انفسنا مجددا, من نحن من هؤلاء التلاميذ الاثني عشر؟ وماذا فعلنا مع يسوع الذي احبنا حتى الموت؟ ان يسوع الاله الانسان لا زال يقول لنا انه باستطاعتنا الوصول اليه حتى وان تكسرت اجنحتنا واصابها العجز نستطيع الصعود اليه من خلال التواضع والمحبة وبذل الذات والانحاء كما فعل في الخميس المقدس عشية الجمعة العظيمة وقام بغسل ارجل تلاميذه. اما نحن اليوم نطلب اليك يا رب في هذه الايام المقدسة ان تمنحنا ان نعيد الفصح المجيد ونقوم مع قيامتك المجيدة نحن غير المستحقين لذلك. ايام مباركة للجميع المسيح قام حقا قام.