موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ماذا ينتظر الشباب من الكنيسة؟
في قلب كل شاب أمنيات ومطالب كثيرة وأسئلة عديدة قد لا يعبّرون عنها، لذلك سأتكلم عن هذا الموضوع وعن الشباب في الأخويات وما يريدونه من الكنيسة فأبدأ لأقول أن الشباب يريدون أن تكون كنيستهم أو خورنتهم:
- كنيسة للجميع "كما تجمع الدجاجة فراخها" (متى37:23) وأن تكون الكنيسة خادمة للجميع على غرار كنيسة الرسل.
- كنيسة تعمل حسب مشيئة الرب فهي تستقبل الجميع وتستفيد من خبراتهم الإنسانية والروحية، أي أن تكون أمّ ومعلّمة للجميع وخاصة للذين يسألون عن طريق السماء.
- كنيسة تغذّي الشباب بأحدث التعاليم الدينية والتوجيهات الراعوية، وتهتم بشؤونهم الروحية والمادية، وتُشركهم في قراراتها ومسؤولياتها كأبناء وليس كغرباء.
- كنيسة يستفيدون من وجودهم فيها حيث اللقاءات الشيّقة والاحتفالات والزيارات والحفلات، ولكن كل ذلك كما يريد المسيح وكما تريد الكنيسة وليس كما يشاؤون فقط، وحينئذٍ أخاف أن أضيّع البداية والنهاية فأكون تائهاً بين إخوتي الشباب. فالمستقبل لا يرتبط إلا بخدمة الكنيسة وليس برفاهيتي وعمل ما أريد وإنما ما تريد أمّي الكنيسة.
كل شاب مدعوّ ليكون مثل خميرة يعمل على تخمير العجين، فلا يكفي القيام ببعض النشاطات الكنسية بل أن يسعى كل المسيحيين إلى التثقيف بوسائل ممكنة لتهيئة المستقبل المسيحي في سبيل أعمق. فأنتم أيها الشباب عون الكنيسة وأذرعها لحمل بشرى الخلاص إلى العالم. وإذ أنتم في الكنيسة مع أبناء الرعية والخورنة لذا يجب أن يكون عملكم الرسولي وحياتكم في الكنيسة التي هي امتداد للمسيح ولرسالته. فإن حكمتم على أعمالكم بالجفاف لا يكون عملكم مُجدياً إلا إذا كان متّحداً بالمسيح في شخصه وامتداده، مملوءاً بالحيوية والنشاط. فالكنيسة بحاجة إليكم وإلى عملكم الذي ينقل المسيح إلى العالم بعد أن ينقله إلى الرعية والخورنة وإليكم أيها الشباب.
ماذا تنتظر الكنيسة من شبابها؟
كثيراً ما نسمع هذه العبارة "أن الشباب هم مستقبل كنائسنا"، بل مستقبل كنائسنا هو لشبابها، ومستقبل الكنيسة حينما يعملون الشباب ويعطون بلا قياس عملاً بقول المسيح "مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا" (متى8:10) لذلك تتمنى الكنيسة وتريد أن يكون شبابها أكثر تجدداً، لا يحبّون التباهي والظهور ولا يستغلون الدين لأغراضهم الشخصية كما هو حال العلمانية من أجل غايات شخصية ومآرب مصلحية. لذلك تطلب الكنيسة من شبابها أن يتوقوا إلى عمل الخير وليس إلى التلهية فقط أو الضجة الفارغة لمناسبات وحسب ما توصي به الذهنيات من أفكار. لذلك على شبابنا أن يكونوا أكثر تواضعاً في سبيل عمل مشترك وتحقيق الخير الأكبر في الرعية أو الخورنة فيكونوا رسلاً حقيقيين يمتازون بمحبتهم وعطائهم ونشاطهم وشجاعتهم في التضحيات المطلوبة دون التهرب من بعض المسؤوليات التي أُوكلت إليهم.
فالكثير من الشباب يدّعون الوعي والعمق والأصالة ولكن لم تدخل المسيحية إلى قلوبهم وأعماقهم وهم ليسوا مسيحيين مقتنعين، فانتمائهم إلى الأخوية الفلانية أو المنظمة الفلانية لا تنفعهم شيئاً إذا لم يبدّلوا مسيرة حياتهم. فالانتماء شكل والعيش لون آخر، ففي ذلك انتماؤهم لا يخوّلهم في رفع أصواتهم عالياً منتقدين الكنيسة ومسؤوليها وخدّامها، وعاملين ضد النظم الكنسية السائدة. فالمسيحية لا تتقدم بالشعارات والاجتماعات والدعوات والذهاب والإياب وبضحكات غير مسيحية، بل بالحياة المقرونة بالعمل العميق والدؤوب والمستمر.
لذلك على الشباب أن يتجنّبوا كل ما يشوّه وجه الكنيسة مهما كان وذلك من خلال حياتهم الشخصية التي يجب أن تكون شهادة حية للإنجيل ولخير الإنسان ومحبته، فيدركوا جيداً أن كنيسة المسيح تتكون من أُناس ربما أيضاً خاطئين وناقصين لذا على الشباب أن يعاملوا الجميع، الرؤساء والمرؤوسين، بالرحمة والحنان والغفران إضافة إلى تعلّمهم في العلوم والتنظيم وعدم جهلهم الكثير من القضايا الدينية كي لا يُلاقوا أحياناً كثيرة متاعب ويعانون من قلّة التفاهم فيما بينهم وبين المسؤولين في الخورنة. فبقدر ما يكون الشباب مثقفاً دينياً واجتماعياً بقدر ذلك تفرح الكنيسة إذ أعطت من ثمرها ليأكل أبناءها، وأبناؤها لا زالوا في الوجود.
وإلى الحلقة الخامسة...