موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في السّاحة الخارجيّة الكبيرة لهيكل أورشليم، حيث يجلس الباعة والصّيارفة والتّجار، يدخل الرّبُّ يسوع ويرى المشهد فيغضب، ويصنع مجلدًا من حبال، ويطرد باعة الغنم والبقر، ويقلب موائد الصّيارفة، ويقول لباعة الحمام، ارفعوا هذه من ههُنا، وذلك حتّى لا يطير فتكون خسارة للتّجار، وهذه دليل على رأفة الرّبّ ورحمته الواسعة.
والسّؤال لماذا غضب يسوع وطردهم من الهيكل؟
إن هذا المكان الّذي من المفترض أن يكون مكان صلاة وعبادة للأممّ الوثنيّة- غير اليهوديّة-، ليعرفوا الإله الحقيقيّ ويعبدوه، جعل منه هؤلاء الباعة والتّجار سوقًا تجاريًّا لشراء ذبائح خاصة يقدّمها المصلّون للهيكل، ولتبديل العملات بعملات خاصة لوضعها في الهيكل. فأصبح الاهتمام بأسس طقسيّة كنوعيّة العجل والخروف ولون الحمام أكثر من الاهتمام بهدف التّقدمة. وبهذا أُسيءَ استخدام المكان، وأساء كهنة الهيكل استخدام سلطتهم. وإساءة استخدام المكان هي إساءة لربِّ المكان وسيّده.
إنّ أكبر مشكلة تواجه الإيمان هو أن يتحوّل إلى صيغ وعادات وتقاليد، بدلًا من أن يكون علاقة حيّة وشخصيّة مع الله الآب، لذلك علينا أن نتخلّص من الشّكليات الإيمانيّة، وأن نطّهر أفكارنا وقلوبنا. لذلك عندما يجعل يسوع بيده سوطًا إنّما يريد أن يقول: إنّه يجب أن ينهار النّظام القديم، النّظام الّذي يخدم الأشياء، ولا يبالي بالأشخاص، وأن يكون هناك نظام جديد مبنيّ على أسس المحبة الّتي نادى بها السّيّد المسيح، ومات على الصّليب من أجل تحقيقها، وهذا ما يشير إليه انشقاق حجاب الهيكل، وما عمليّة الشّق هذه إلّا طرد إلهي لكلّ ما يعيق اتّحاد الإنسان بالله، إنّه التّطهير الثّاني للهيكل.
اليوم نحن كمسيحيّين، تُرى هل نستخدم الأماكن والمناصب التي أُعطيت لنا كما يجب؟ هل نحقّق من خلالها إرادة الله؟ إنّ كلّ مهمّة أُعطيت لنا باسم الإيمان هي من أجل مجد الله، فلنحذر من سوء استخدامها.
إخوتي، لا يزال الباعة موجودين وينتهكون كلّ يوم حرمة قلوبنا، الّتي هي الهيكل الحقيقيّ للرّبّ يسوع كالكبرياء و الأنانيّة المتمرّدة، والكسل الروحي، والأفكار السيئة،كلّها تحاول أن تنال من قدسيّة هياكلنا. لذلك نحن بحاجة إلى سياط من الوعي والتّوبة لكي نُصلح ما دمرّه الباعة في هياكل أجسادنا.
أحدًا مُباركًا أتمناه لكم أحبّتي
الأحد الثّالث من الزّمن الأربعيني من السّنة الليتورجيّة (ب)