موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الأحد الثّاني والثّلاثون من الزّمن العادي في السّنة الليتورجيّة "ب"
يرسم لنا القدّيس مرقس صورةً واضحةً عن المرائين الّذين يهتمّون بالمظاهر أكثر من اهتمامهم بالجوهر، (وكأنّه بذلك يتحدّث عن عالمنا اليوم) فقد كانوا يظهرون زينتهم ويفتخرون بملابسهم ويطلبون الأماكن الأكثر كرامة، حتّى ينحني لهم الشّعب احترامًا، وهم غير آبهين بتقديم أيّ شيء للضّعيف، إضافةً لذلك، يطيلون الصّلاة على الميّت، كي يأخذوا أجرًا أعظم، وبذلك كأنّهم يأكلون بيوت الأرامل.
ويعدُّ مشهد "فلس الأرملة" من أجمل اللوحات الإنجيليّة الّتي صوّرها القدّيس مرقس، إذ وصف نظرات الرّبّ يسوع الحنونة الّتي رافقت خطوات تلك الأرملة وهي تتقدّم بيدين مرتجفتين وتقترب من الخزانة لتضع فيها ما تملكه.
ما أكبر الفرق بين عطيّتها وعطيّة مَن كانوا يُلقون في الخزانة، فبالرّغم من كثرتهم إلّا أنّ الرّبّ يسوع لم يمتدح عطاياهم لأنّهم ألقوا مما يفيض عن حاجتهم، أمّا هي فأعطت حتّى أوجعها العطاء ، يداها أُفرغتا من الفلوس ولكنّ عينيها امتلأتا بالإمتنان والرّضى والثّقة بالله مصدر كل ّخير وبركة وقلبها مطمئن بأنّ الله هو ضمانها الوحيد وهو مَن يرعاها.
إنّ موقف الأرملة في تقدمتها القليلة تعلّمنا درسًا كبيرًا، وهو أن نعطي حتّى لو لم يكن لدينا إلّا القليل، تعلّمنا أن نشارك الآخرين من الخيرات الّتي منحنا إياها الله تعالى، فالموارد كافية لإشباع البشريّة كلّها في غياب الجشع والأنانيّة.
لنتذكّر أنّ الله يحبّ المعطي المتهلّل، وعندما تعطي الآخرين، فإنّهم يمنحونك بالمقابل الشّعور بالسّعادة والرّضى والإمتنان.
أحدًا مُباركًا أتمناه لكم أحبّتي