موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في حياتنا الأرضيّة نسير في عجلة دائمة الحركة، ننتهي من عمل ما لنبدأ بغيره. عقولنا مشوّشة، أفكارنا مُتعبة، أجسادنا مُرهقة. ننظر إلى يومنا وكأنّه نسخة من الأمس. نلهثُ وراء كلِّ شيء ومع ذلك سلّتنا فارغة. وفي هذه العجلة تُطلّ علينا أمّنا الكنيسة بتلك الأزمنة المقدّسة، وتطلب منّا أن نتوقّف قليلًا ليتسنّى لكلٍّ منّا أن يطرح بعض الأسئلة على نفسه: من أنا؟ ما هدف وجودي؟ ماذا أريد من هذه الحياة؟ وماذا يريد الرّبُّ منّي؟
في يوم أربعاء الرّماد يُذَّرُّ الرَّماد على رؤوسنا ليذكّرنا بأصل جبلتنا، فما نحن إلّا تراب وإليه سنعود. ومع هذا اليوم تبدأ مسيرة كلّ مؤمن مع الله تعالى، إذ يخصّص الصّائم وقتًا أطول للحديث مع الله، والإصغاء إليه، وبناء علاقة شخصيّة بعيدة عن التوقّف عند قراءة صلوات لفظيّة أو مطالعة كتب روحيّة.
ومن ثمّ يحاول الإنسان أن يرتّب بيته الدّاخلي وينظّم أولوياته. وبعد بناء هذه العلاقة الشّخصيّة مع الله ينطلق نحو أخيه الإنسان، ليبنيَ معه علاقة أخوّة ومشاركة، فكلّ واحد منّا مسؤول عن أخيه في الانسانيّة، هذا ما أكّده الرّبُّ الإله عندما سأل قائين عن أخيه هابيل: " أين أخوك؟" وهذه الأخوّة الحقيقيّة تفترض المشاركة في الخيرات، وإعطاء وقت للأعمال التّطوعيّة، وخدمة المحتاجين، والإنصراف إلى كلّ ما يمكنه أن يُسعد الآخرين. فالأبعاد الثّلاثة لهذا الزّمن المقدّس تتلخّص في الصّلاة والصّوم والصّدقة. والصّوم لا يقتصر فقط على الانقطاع عن أكل اللحوم والبياض، إنّما يتخطّاها إلى الامتناع عن كلِّ ما يسبّب أذى للآخرين، وكذلك الامتناع عن بعض ما تتلذّذ به النّفس البشريّة، لتستطيع أن تختبر روحانيّة الصّحراء والبريّة.
"إذا اليوم سمعتم صوت الرَّبِّ، فلا تقسّوا قلوبكم"
زمنًا مقدّسا مليئًا بالخيرات الروحيّة أتمناه لكم أحبّتي