موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٥ مارس / آذار ٢٠١٤

فقراء ولكن أغنياء‎

بقلم :
يارا البوالصة - الأردن

"أغنياء" يا لها من كلمه عميقة تحمل في داخلها معاني شتى، ولكن هل يا ترى ندرك جوهرها أم نفعل كالكثيرين نصغرها ونحجمها في أشياء مادية زائلة وفانية. لقد أصبح هذا العالم وكأنه خشبه مسرح يروي كل منا حكايته على هذه الخشبة مع إتقانه لدوره على أكمل وجه فلم نعد نزيل تلك الأقنعة عن وجوهنا حتى مع أقرب من هم لنا حتى كدنا ان ننسى تعابير أوجهنا التي تكشف عما بداخلنا من فرح أو حزن أو تعجب. بتنا نتقنع بأن ما يجذب النظر من ماديات ومشاعر زائفة. ولكن يرد هنا السؤال إلى متى سوف نستمر في ذلك التمثيل؟. يوم بعد يوم، وساعة بعد ساعة، سوف تفنى حياتك على الأرض سريعاً، وأنت تحاول إقناع الآخرين بذلك الممثل البارع والشخصية الزائفة التي حاولت تشكليها بناء على متطلبات مجتمعك، حتى كادت نفسك تصرخ إليك لتتذكرها: سوف تعيش هذه الحياة مرة واحد وفي داخلك أمنية، أنت تعيشها أنت، وليس أنت الذي شكله المجتمع، أنت الممثل المحترف. هل يا ترى كل ذلك التمثل وكل تلك الزينة الخارجية هي من ترفعك؟ هي من تجعل الناس يحترمونك! للأسف في هذا الوقت أصبح تقدير الناس لك بناء على ما تملك من المال وهذا مرض خطير بدأ يتفشى في مجتمعاتنا لأنه سوف يفقدنا تلك الروح الإنسانية سوف نصبح وكأننا آلات أو بضائع تباع ويتجر بها. من المحزن جداً أن نرى ذلك الأسلوب في التعامل، علماً بأننا نحن البشر من أوردنا أسباب الفقر والجوع والألم والظلم، كلها من صنعنا نحن، ثم نرجع ونحاسب ونزجر من هم في مثل هذه الظروف!، لما ذلك الأسى والكره!. لن نأخذ من هذه الحياة إلا القليل من الحب والاحترام وحسن التعامل، هذا ما يزرع في قلوب البشر، وليس كل تلك الماديات. هناك الكثير الكثير من الفقراء الذين بالفعل لم يعشوا معنى تلك الكلمة في حياتهم أبداً، لقد عاشوا في غنى روحي دائم ورضى عن النفس وراحة البال، وهذا هو سر السعادة. هل من أحد شعر بذلك الشعور العظيم عندما تجعل أحد يبتسم أو تمسح دموع أحدهم؟. ذلك الشعور العظيم الذي لا يعوض بالملايين يشعرك بأنك حقاً على قيد الحياة. وبأننا ما زلنا بشر هل يا ترى فكرنا يوماً في اننا كلنا بشر لنا نفس الهموم والمشاعر، سواء كنا من أي طبقة من طبقات المجتمع؟، هل فكرنا يوماً أن لنا نفس تلك المشاعر: الآلام على فراق الأحبة، والموت الذي يحرق قلوبنا، وغيرها الكثير، لا تفرق بين غني وفقير، حتى الفقير يشعر بالفرح رغم نقص المعطيات، وما قد يجلب له السعادة الخارجية المؤقتة، نحن بشر، الذي يجمعنا هو روح الله فينا. هل فكرنا بجمال تلك الابتسامة في وجه مريض أو فقير، والتي سوف تنسيه العالم وكأنه مسكن قوي يوقف آلمه ويذكره بوجود الله في حياته؟. لابد أن تذكر أننا نمثل صورة الله. وهنا دورنا الأكبر في نقل هذه الصورة بأروع طريقة. ربما يقول البعض لقد فات الآوان، ولكن أبداً، لم يفت الآوان، حتى لو بقي يوم واحد على هذه الأرض. لابد أن نعيش هذا اليوم بمحبة وتعاون وألفة. تخيل أن تلك الابتسامة أو التعامل الحسن. كم من الفرق قد يخلق في نفسية كلا الطرفين، وسوف يترك في قلوبهم بصمه أمل بعالم أجمل.