موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٢ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٥

عيد يسوع الملك الذي يملك بالحق والحب

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن
عيد يسوع الملك الذي يملك بالحق والحب

عيد يسوع الملك الذي يملك بالحق والحب

 

هو تتويج للسنة الطقسية، وإعلان إيمان بسيادة المسيح المطلقة على التاريخ والخليقة وكل قلب بشري.

 

إنه عيد الرجاء والنصر.

 

نحتفل اليوم بعيد "يسوع الملك"، وهو ليس ملكاً أرضياً بصولجان من ذهب، بل ملكاً سماوياً عرشه الصليب، وتاجه الشوك، وسلطانه الحب. إنه الإعلان الجازم بأن المسيح هو صاحب السيادة المطلقة، وأن مملكته قادمة وحاضرة في آن واحد.

 

اليكم الايات التي تدعم هذا الملك السماوي:

 

1. ملك القوة والسلطان

 

إن أول ما يعلنه هذا العيد هو أن يسوع المسيح لم يُمنح السلطة جزئياً، بل مُنحها كاملة بصفته ابن الله الذي قام من الأموات. هو الملك الذي يملك على كل زمان ومكان ، فبعد قيامته المجيدة، أعلن يسوع لتلاميذه: "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ." (متى 28: 18). هذا يعني أن لا قوة في الوجود تستطيع أن تقف أمام سلطانه، سواء كانت أزمة شخصية، أو اضطراباً عالمياً، أو حتى قوة الموت ذاتها. هو ضابط الكل.

 

2. ملك الحق والشهادة (الحقيقة)

 

مملكة المسيح ليست مملكة سياسة أو عسكرة، بل مملكة الحق والحياة والنعمة. وعندما سأله بيلاطس إن كان ملكاً، أجاب بتحديد جوهر مملكته ، اذ قال يسوع لبيلاطس: أَنْتَ تَقُولُ إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ، لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي." (يوحنا 18: 37). الخضوع لملك المسيح يبدأ بـ الاستماع لصوته والعيش وفقاً لحقه، وتحرير القلب من الأكاذيب والزيف. نصبح مواطنين في هذه المملكة عندما نجعل من الحق مبدأً لحياتنا.

 

3. ملك الأبدية والرجاء (الغاية)

 

إن عيد يسوع الملك يوجه أنظارنا إلى المستقبل المجيد، حيث سيعود الملك في نهاية الأزمان ليُتمم ملكوته. في ذلك اليوم، سيجلس ليدين الأمم، ويُكافئ خاصته ويُعلن النصر النهائي كما في الاية ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ." (متى 25: 34).

 

الآية الداعمة الختامية: "وَعَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ." (رؤيا 19: 16). هذه الآية هي التتويج النهائي، إعلان النصر على كل قوى الشر، وتذكير بأن كل سلطة على الأرض ستزول، ويبقى سلطانه وحده.

 

وأخيرًا: ما من طريق آخر لفهم ملوكية المسيح إلا هذا: أن يعي المرء أن مواجهة الشر بالشر هو فشل، هو هزيمة ورضوخ لمنطق الشر. قوة المسيح، هي قوة الحب، وملكوته هو ملكوت الحب الذي يقول: "لا تدع الشر يغلبك، بل اغلب الشر بالخير". ولذا فالمسيح هو ملك لأنه أحب حبًا لا يضاهيه حب لأنه بذل نفسه لأجل أحبائه، وبهذا الحب الكبير هدم سور العدواة وصار هو سلامنا. ليس لدينا مملكة في هذه العالم، بل ننتظر في الرجاء السعيد تجلي ربنا وإلها العظيم يسوع المسيح. هذا الانتظار المسيحي ليس سلبيًا، ليس كسلاً وبطالة، بل هو عمل وجهد في بناء ملكوت المسيح، حيث تملك المحبة فهناك يملك المسيح.

 

وعليه لنسجد ليسوع ملك الاكوان وسيد الازمان كما سجد له المجوس، ونعكف على عبادته وحمده، وان نكون من اصحاب اليمين، لكي يشملنا برحمته ويدخلنا في جنته عندما نراه ملكا للكون وديانا للعالمين وصاحب الحكم والقضاء في الارض والسماء. تبارك الاتي باسم الرب، تباركت الممكلة الاتية، مملكة ابينا دؤاد، تبارك من استوى ملكا مدى الازمان ومن يبارك شعبه بالسلام، تبارك من لا بد له وان يملك حتى يجعل جميع اعدائه تحت قدميه والموت اخر عدو يبيده، تبارك الحمل الذبيح الذي هو الاهل لان ينال القدرة والغنى والحكمة والعزة والاكرام له المجد والعزة ابد الدهور امين.

 

في هذا العيد، دعونا نُعلن المسيح ملكاً ليس على الكون فحسب، بل على حياتنا الخاصة. لنسأله أن يسود على أفكارنا، وعواطفنا، وقراراتنا. حينها فقط، سنعيش سلام مملكته ونتذوق رجاء الأبدية. كل عام وأنتم في ملء نعمته، والمسيح ملكٌ على قلوبكم.