موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤

عيد سيدة الأيقونة العجائبية

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
يا مريم التي حُملَ بها بلا خطيئة، صلي لأجلنا نحن الملتجئين إليكِ

يا مريم التي حُملَ بها بلا خطيئة، صلي لأجلنا نحن الملتجئين إليكِ

 

تحتفل الكنيسة في السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني بعيد الأيقونة المقدسة.

 

لقد ظَهَرَتْ سيِّدَةُ الْحَبَلِ بلا دَنَسٍ بين ١٨ و١٩ تَمُّوز سنة ١٨٣٠ للرَاهبةِ القدِّيسةِ كاترين لابُوريه، وهي راهبةٌ من رهبانية الْمَحبَّة.

 

 

"ها هي العذراء مريم"

 

بعد ظهور العذراء مريم للراهبة كاترين لابوريه، رَوَتِ الأخيرة الظُهُورَ كالآتِي: "عندَ السَاعةِ الحاديةَ عَشْرَةَ والنِصْفِ ليلاً، سَمِعْتُ صَوْتًا يُنادينِي بٱسْمِي. إستيقَظْتُ ونَظَرْتُ من حيثُ يأتِي الصَوْتُ، وأَزَحْتُ السِتَارَ فرأَيْتُ وَلَداً بِرِداءٍ أبيضَ، عُمرُهُ بين أربعٍ وخَمْسِ سَنَواتٍ. قالَ لي: ’ٱنْهَضي بسرعةٍ وتعالَي إلى الكنيسةِ، فالعذراءُ تنتظِرُكِ!‘. تَبِعْتُهُ، وكانَ يَنشُرُ النُورَ حولَهُ أينما حَلَّ".

 

"مُفاجَأَتِي الكُبرى كانت عند دُخُولي الكنيسةَ، إذ ٱنفتَحَ البابُ الكبيرُ بِمُجَرَّدِ لَمْسِ الملاكِ له. ولكنِّي لَمْ أَكُنْ أَرَى العذراءَ. فقادَنِي الصَبيُّ إلى الدَاخِلِ بالقُربِ من كُرسِيِّ الأبِ الرَئيسِ قُربَ المذبحِ. فسَجَدْتُ له، وبَقِيَ هو واقِفاً بالقربِ منِّي. كُنْتُ أَشْعُرُ بِطُولِ الوقت... وأخيرًا،  أَتَتِ السَاعةُ، فأَعْلَمَني الملاكُ قائلاً: ’ها هي العذراءُ القدِّيسةُ، ها هي!‘ فَسَمِعْتُ حَفيفَ رِداءٍ من حريرٍ، من ناحيةِ الْمِنَصَّةِ، يأتِي ويَجلِسُ على كُرسِيٍّ على دَرجاتِ المذبح المقدس...".

 

"شَكَكْتُ في أن تكونَ العذراء مريم، ولكنَّهُ الملاك، قالَ لي: ’ها هي العذراءُ القدِّيسةُ‘. في ذلكَ الوقتِ صعب عليَّ وصف شعوري والتعبير عنه، وكأنِّي لا أَرَى العذراءَ مريم. فَرَدَّدَ الولَدُ قائلاً: ’ها هي العذراءُ‘. وكانت كاترين لا تستَوْعِبُ شيئاً وبقيت على بُعْدٍ. عندَها عَلا صَوْتُ الوَلَدِ بِنَبْرَةِ رَجُلٍ! فَنَظَرْتُ لقديسة كاترين إلى العذراءِ، وقالت: لما رأيت العذراء مريم، ما كان منِّي إلاَّ أن قَفَزْتُ نَحوَها ورَكَعْتُ على دَرَجاتِ المذبحِ وأَتْكَأْتُ يَدَيَّ على رُكبَتَيها. هُنا قَضَيْتُ أَجْمَلَ وأَعْذَبَ وَقْتٍ في كُلِّ حَياتِي، ويستَحيلُ عَلَيَّ وَصْفُ هذا المشهد الرائع".

 

 

رسالةُ العذراءِ مريمَ للقدِّيسةِ كاترين لابُوريه

 

قالَتِ العذراءُ لكاترين: "اللهُ يُريدُ أن يُحَمِّلَكِ رسالةً... ستَتَحَمَّلينَ الْمَشَقَّاتِ وستُضطَهَدِينَ. ولكنَّكِ ستَحصَلينَعلى النِعمة. لا تَخَافِي. قُولِي كلَّ شيءٍ بثِقَةٍ وبَساطَةٍ. ثِقِي، ولا تَخافِي".

 

غَرِقَتِ العذراءُ في حُزنٍ كبيرٍ وقالت لِكاترين: "ستَكُونُ الأزمنةُ سيِّئةً. ستَحِلُّ الْمَآسي على فرنسا. سيسقُطُ العرشُ. ستَحِلُّ على العالَمِ بأَسْرِهِ كلُّ أنواعِ الشُرور". ولكنَّ العذراءَ أرشدَتْ بِحِكْمَتِها الأزليَّةِ القدِّيسةَ كاترين، ومن خلالِ كاترين إلى كُلَّ العالَم... أرشدنها إلى طريقِ الملكوتِ والانتصارِ الْحَتمِيِّ على قِوَى الشَرِّ والظَلامِ قائلةً: "تعالَي إلى أقدامِ الْمَذبَحِ. هنا ستَفيضُ النِعَمُ على جَميعِ طالِبيها بثِقَةٍ وحَرارةٍ، كِبارًا وصِغارًا".

 

وتابَعَتِ العذراءُ كَلامَها حَوْلَ الشُرورِ الْمُقبِلةِ على البشريَّة، وقالت: "يا ٱبنَتِي، سيَتَعَرَّضُ الصَليبُ للإهانةِ والازدِرَاءِ وسيُرمَى على الأرض. سيَفتَحُونَ قلبَ سيِّدِنا المسيحِ من جديدٍ، وستَجري الدِماءُ وستَمتَلِئُ الشَوارِعُ بالدَمِ... يا ٱبنَتِي، سيَكُونُ العالَمُ كلُّه في حزن".

 

 

الأيقونة العجائبية

 

وفي ٢٧ تشرين الثاني من سنة ١٨٣٠، ظَهَرَتْ العذراء مريم سيِّدَةُ الْحَبَلِ بلا دَنَسٍ للمرَّةِ الثانيةِ للرَاهبةِ كاترين، فوَصَفَت كاترينُ العذراءَ كما يلي: "رأيتُ العذراءَ للمرَّةِ الثانيةِ واقفةً، لِباسُها أبيضُ، طُولُها متوسِّطٌ، وَجهُها رائعٌ، يستحيلُ عَلَيَّ وصفُ جَمالِها". وتابعت تقول: "كانتِ العذراءُ تَحمِلُ بين يدَيْها كُرَةً ذهبيَّةً يعلُوها صليبٌ. كانت تَحمِلُها دُونَ تَعَبٍ وعَيْنَاها مرتفعة نَحو السَماء. إنَّها تُقَدِّمُ الكرة إلى اللهِ  ثُمَّ سَمِعْتُ صوتاً يقول: ’هذهِ الكُرَةُ تُمثِّلُ العالَمَ بأَسْرِهِ، وتُمثِّلُ كُلَّ إنسانٍ بِمُفرَدِهِ‘. فجأةً، ٱمتلأتْ أصابعُ العذراءِ بالْخَواتِمِ الْمُرَصَّعةِ بالْحِجَارةِ الكريْمَةِ، أَشِعَّتُها تتلألأُ برَّاقةً ساحرةً".

 

في ذلك الوقتِ سَمِعْتُ صوتاً يقولُ لي: "هذهِ الأشعَّةُ تَرمزُ إلى النِعَمِ الَّتي تنالُها العذراءُ للَّذينَ يطلُبونَها" . أخيراً رأيتُ بعضاً من الحجارةِ الكريْمةِ مُنطَفِئَةً أَشِعَّتُها. كانت رمزاً للنِعَمِ الَّتي يَنْسَى أن يَطلُبَها الناسُ من مريَمَ. ثُمَّ تَكَوَّنَ إطارٌ ذهَبِيٌّ بشكلِ أيقونةٍ كُتِبَ عليه بأحرُفٍ ذهبيَّةٍ: "يا مريَمُ الَّتي كُوِّنَت بلا خطيئةٍ ، صَلِّي لأجلِنا نَحنُ الْمُلتَجِئينَ إليكِ".

 

وٱستطاعَتِ القدِّيسةُ كاترين أن تَرى على الجهَةِ الثانيةِ من الأيقونةِ حرفَ ميمM ، مُركَّزًا عليه الصَليبُ المقدس، وفي الأسفَلِ رأت قلبَيْ يسوعَ ومريَمَ الأقدَسَيْنِ. وسَمِعَتْ صوتاً يقولُ لَها: "إطبَعِي أيقونةً بِهذا الشكل. كلُّ مَنْ يَلبَسُ هذهِ الأيقونةَ بثقةٍ، ويُعلِّقُها بشكلٍ خاصٍّ في عُنْقِهِ، ويُصلِّي بتَقْوًى هذِهِ الصَلاةَ القصيرةَ ’يا مريم التي حُملَ بها بلا خطيئة، صلي لأجلنا نحن الملتجئين إليكِ‘ يَنالُ حِمَايةً خاصَّةً ونِعَماً غزيرة".