موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢ فبراير / شباط ٢٠٢١

عيد تقدمة الرّبّ إلى الهيكل واليوم العالمي للحياة المكرّسة

بقلم :
الأخت كلارا معشر - الأردن
عيد التّقدمة هو لقاء روحي محوره يسوع المسيح نفسه

عيد التّقدمة هو لقاء روحي محوره يسوع المسيح نفسه

 

"ولـما حان يوم طهورهما (أبويّ يسوع) بحسب شريعة موسى، صعدا به إلى أورشليم ليقدّماه للرب..." (لو٢: ٢٢)

 

عندما بلغَ عمرُ الرّبِّ يسوع أربعين يومًا، حمله والداه وجاءا به إلى الهيكل ليقدّماه للرّبِّ، وبهذا يكون والداه استبقا ما سيفعله الرّبُّ يسوع نفسه ليلة العشاء الأخير، إذ سيقدّم ذاته ذبيحة عن البشريّة جمعاء.

 

عيد التّقدمة هو لقاء روحي محوره يسوع المسيح نفسه، الذي قُدِّم للرّبِّ ليحقّق مشيئة الأب السّماوي ويخلّص العالم.

 

في هذا العيد يحتفل المكرّسون بذكرى تكرّسهم للرّبّ وتقدمة ذواتهم لخدمته وخدمة النّاس أجمعين، وأهم ما يميّز حياة التكرّس، نجد جذوره في نصِّ تقدمة يسوع إلى الهيكل:

 

يختارُ المكرّس أن يقدّم ذاته إلى الربِّ، وأن يكون السّيد المسيح مركز حياته ومحورها.

 

يتخلّى المكرّس بملء إرادته عن الأمور الدّنيويّة الّتي تعيق مسيرة نموّه الرّوحي وتشغله عنها، فالمكرّس يسعى دومًا ليصل إلى الحريّة الحقيقيّة من خلال فعل التّجرد الّذي يعيشه. والتّجرد يعني عدم التّعلّق بمكان أو شخص أو وظيفة أو مال أو أيّ شيء يقيّده ويجعله أسيرًا.

 

كسمعان الشّيخ، يُصغي المكرّس إلى إلهامات الرّوح القدس، ويسمح للرّوح أن يقوده إلى حيث يريد، وكالنّبيّة حنّة يُمضي المكرّس وقتًا في الصّوم والصّلاة ليكون على صلة بالله، ولسانه يلهجُ بتسبيح الله وتمجيده.

 

كمريم العذراء، يقبل المكرّس سيف الألم  الّذي سيطعن قلبه، فكلما حاول المكرّس أن يتقرّب إلى الله، كلما عَصَفَت به التّجارب والمحن، فليست الحياة المكرّسة كما يظنّها البعض، حياة راحة وتحرّر من المسؤوليات والألم والصّعوبات، ولكنّها مع ذلك كلّه تبقى مليئة بالأفراح المقدّسة.

 

 يعيش في الجماعة المكرّسة الواحدة شيوخ طاعنون في السّن; على مثال سمعان وحنّة، وشباب على مثال القدّيسة مريم العذراء والقدّيس يوسف البار، فإذا كان يسوع هو المركز، سيلتقي الجيلان، ويعرف الجيل الجديد كيف يكتسب الحكمة والخبرة من القديم، وسيعرف القديم كيف يقبل كلّ ما هو جديد، بعيدًا عن صراع الأجيال.

 

ما زالت الحياة المكرّسة ترسمُ علامةَ استفهام لكثيرين، والسّؤال الّذي يُطرح دائمًا... لماذا؟

 

لماذا يترك الشّاب والفتاة حياتهم في العالم ويلتزمون في الدّير؟ أليس لديهم المال الكافي لكي يعيشوا حياة كريمة في بيوتهم، أم أنّهم هاربون من مواجهة أزمات عصفتْ بهم، أم... أم.... أم... تفسيرات وتحليلات كثيرة ينشغلون بها. وجواب المكرّس هو : ألا يستحقّ الرّبّ يسوع أن نترك العالم وما فيه من أجله؟  وأن نعلن مع القدّيس بولس الرّسول: "لقد أعددنا كلّ شيء نُفاية من أجل الرّبح الأعظم، ألا وهو سيدنا يسوع المسيح؟".

 

كلّ عام وجميع المكرّسين بألف خير.