موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٩ أغسطس / آب ٢٠٢١

رغم الأزمات نبقى متفائلين

بقلم :
جورج عصفور - الأردن
جورج عصفور

جورج عصفور

 

على الرغم من الخوف الذي اعترى شعوب العالم من فيروس كورونا، إلا اننا لا زلنا نعيش هذا الكابوس وتأثيراته النفسية في حياتنا، ونحن في الأردن ومنذ بدء الجائحة كان الناس يشعرون بكثير من الفزع والريبة والشك الذي انعكس سلبًا على مجمل حياتهم الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، ولم يعد حديثنا في مجالسنا وأعمالنا غير هذا الوباء الذي زرع الرعب في قلوبنا ودماغنا، وبمقارنة مع الإجراءات التي اتخذتها حكومات العالم، يعتبر الأردن في صدارة الدول التي قامت بسلسلة من الإجراءات الاستباقية، للحد من تفشي المرض، حيث أظهرت أزمة كورونا الحزم والتنظيم الذي اتسمت به الدولة، ولا يخلو الأمر بالطبع من خطأ هنا أو هناك أو تقصير وأيضًا عدم التزام من كثير من الناس بالتعليمات والإجراءات الوقائية.

 

ولعلّ هذا الخوف من المجهول –ولا نقول المرض بحد ذاته- مرده البعد عن الله وعدم الاتكال عليه، علمًا أننا كلما اقتربنا من الله يكون ايماننا أقوى بما يكتبه لنا في هذه الحياة، ولأجل ذلك لا زلنا نعيش في نفق مظلم من الأوهام والشائعات.

 

لكن أكبر خطيئة يرتكبها الإنسان من وجهة نظري الشخصية، هي المزاجيّة في تفكيرنا والتكبّر في حياتنا والتخبط في قراراتنا والتذمر من معيشتنا والتنمر من قبل البعض على  بني جلدتنا من البشر، من غير إدراك الجميع أن نهايتنا واحدة تحت التراب.

 

لقد أوصانا الله في كتبه السماوية بمحبة بعضنا بعضًا، حيث أوصى السيد المسيح تلاميذه بعد العشاء السري بقوله لهم: "أحبوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم". وإذا استعرضنا متأملين معًا هذه الوصية التي ترسخ في قلوبنا حب بعضنا البعض، نكون قد أحببنا الله وأحببنا القريب، وهنا نكون قد وصلنا الى كمال الشريعة التي تظهر فيها كمالات الله، ومن هنا لا يمكن الفصل بين محبة الله ومحبة القريب، لأنهما محبّتان متلازمتان متلاصقتان.

 

وهناك شيء ينبغي الإشارة له في هذا المقال وهو التفاؤل في الحياة، أي كيف نكون بشرًا متفائلين عندما تواجهنا المصاعب والآلام من الأمراض وبخاصة النفسية، فعندما تقسو علينا الحياة ونواجه الكثير من العوائق، يصبح من الصعب جدًا حسب قناعاتنا أن نكون أشخاصًا متفائلين، وفي الوقت الذي نحاول فيه التعامل مع هذه الصعوبات، يتملَّكنا الخوف والإحباط وخيبة الأمل، وتغمرنا مشاعر الخمول والتردد، ويصبح التفاؤل مع كل صباح هو آخر شيء قد نشعر به.

 

ومن هنا أؤكد للقراء الأعزاء أن المتفائلين من البشر هم الذين يصنعون الحياه، فمع صخب الحياة ومتطلباتها ومشاكلها وضعف الوازع الديني وفساد القيم والأخلاق في نفوس الكثير من الناس والتنافس على الدنيا، ومع كثرة النزاعات والفتن والحروب التي تعصف بالدول والشعوب والمجتمعات، ومع تعدد الكوارث والحوادث ومع حلول الأمراض والأوبئة بين الناس، يتساءل المرء إلى متى يعيش الإنسان هكذا حياة؟ وهل لهذه المشاكل والابتلاءات من نهاية؟ وكيف يمكن للإنسان أن يعيش في ظل هذه الأوضاع بنفس مطمئنة.

 

والجواب على ذلك كله يكون بمحبة الله ومحبة القريب والتفاؤل في الحياة، ويحضرني هنا الشاعر إيليا أبو ماضي بقوله.. كن جميلا ترى الوجود جميلا، والذي نفسه بغير جمالٍ، لا يرى في الوجود شيئاً جميلا!