موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
نعم يا رب، إن حياتنا بقربك قد تجعلنا نشعر في سلام داخلي في قلوبنا، فمع مرور الوقت ما زلنا نكتشف أنك أنت وحدك بقربنا، فأنت رفيقنا والأهم من هذا أنك أنت الأب الحنون، فكل يوم يمر الآن قد يجعلنا نكتشف بأننا نقترب نحوك أكثر فأكثر، ولكن كل ما يدور حولنا قد يجعلنا نصمت، ليس خوفًا وإنما ثقتنا بك قد تجعلنا نشعر في تلك القوة التي نحن في أمس الحاجة لها، أما نحن فيومًا بعد يوم ما زلنا نكتشف مسيرتنا نحوك، وطريقنا إليك كم هو مؤلم، ولكن كيف لنا أن نتحمل مسيرتنا هذه نحوك فقط. أوجاع كثيرة والآم كثيرة، وصعوبات كثيرة أيضًا قد تمر في حياتنا، ففي رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل روما 8 : 53 يقول "من سيفصلنا عن محبة المسيح. أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عزي أم خطر أم سيف". فكل هذا قد نعيشه اليوم، ولكن صلاتنا قد نصنع بها المعجزات، أين إيماننا بك يا الله؟ وأين هي ثقتنا بك؟ هل أصبحت حياتنا تنحصر في أمورنا المادية والاجتماعية فقط، أما أنت يا الله فقد أصبحت اليوم وكأن وجودك لا معنى له في حياتنا، وأما الأمر الغريب الذي يدهشنا حقًا فهي المحبة، فأعظم الوصايا التي أوصيتنا بها هي المحبة: "أحبوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم"، فكلنا اليوم مدعوون لنشر هذه الرسالة، حيث يؤسفني أن أقول لكم إننا لم ندرك المعنى الحقيقي لها، فكل حياتنا أصبحت ممتلئة في العثرات التي قد تعرقل مسيرتنا نحوك، فكيف لنا اليوم أن نصبح شهودًا أمناء لكلمتك، وكيف لنا أن نرتدي ذلك الثوب االأبيض الذي به نشع نورًا؟ وفي الكتاب المقدس "من أراد أن يصير عظيمًا بينكم، فليكن لكم خادمًا، فهل نحن اليوم خدامًا أمناء على ذلك؟ ففي عهد الحاكم الروماني بيلاطس البنطي التأمت المحكمة اليهودية العليا والممثلة بأبرز قادة اليهود، وحكمت عليك بالإجماع لتسلم نفسك على الصلب، فكان جوابك نعم، ومن هنا أصبحنا اليوم نجتهد لنشر المحبة والسلام. ولن ننسى أمنا مريم العذراء التي كان لها الدور الكبير عندما بشرها الملاك جبرائيل قائلا "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء" فلما رأته اضطربت من كلامه فقال لها "لا تخافي يا مريم، إنك قد وجدت نعمة من الله، وها أنت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع. فقالت مريم نعم"، فكانت الحياة. هل نحن اليوم على مثالك أيتها المباركة؟ وهل نحن اليوم مستعدون لنسلم أنفسنا للحب، فالحب بالنسبة لنا هو أنت يا رب، ومن هنا ينبغي علينا أن نحب الجميع كما أنت أحببتنا ودعوتنا لنصبح كذلك السراج المنير، الذي من خلاله نرى في طريقنا المظلم، فها هي حياتنا اليوم أصبحت ملكًا لك وحدك، فساعدنا يا رب على تحمّل هذه المشقات التي نعيشها في حياتنا اليومية، وأجعل حياتنا بقربك دائمًا لنصبح مستعدين على حمل تلك الصلبان مهما كان حجمها بكل حب "فوحدها المحبة أقوى من الموت". وأما عن عالمنا اليوم، فقد أصبحنا نشعر في الروتين الذي يقتل حياتنا اليومية، فكيف لنا أن نتغلب عليه بعد أن أصبح مؤثرًا على حياتنا الروحية، خاصة في ظل تطور التكنولوجيا الذي أصبح في هذا الزمان جل اهتماماتنا، حتى صارت أنظارنا متجهة نحوها، ومن هنا ينبغي علينا أن نوجه إليك تلك النظرات أيها الأب السماوي، لكي نعيش المحبة كما أنت تريد، ولتكن مشيئتك دوما في حياتنا. ألم يحن الوقت الآن لكي نتخلى عن تلك الشهوات والرغبات التي نحن إعتدنا عليها في حياتنا المادية، لنكمل مسيرتنا على هذه الأرض، بعد أن كانت مسيرة خاطئة؟ وهل لنا أن نكون مستعدين دومًا بأن نفدي أنفسنا من أجل الآخرين؟ وماذا عن كبريائنا الذي تجلى في حياتنا إلى درجة اوصلنا إلى الحضيض في حبنا لك! إننا نبحث عن الطموح الذي سيقودنا الى ذلك السلام الذي يبعث الطمأنينة في نفوسنا لنصل اليك يا الله.