موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٨ مارس / آذار ٢٠٢٣

حُريّة فِي أَزمِنَةِ الضِيق

بقلم :
إبراهيم سليمان عويس - الأردن
حُريّة فِي أَزمِنَةِ الضِيق

حُريّة فِي أَزمِنَةِ الضِيق

 

والآن يا صديقي،

هَل تَعتَقِدُ أّنَّكَ سَتَنجُو مِن كُلِّ هَذَا التَعَب والإجهَاد المُستَمِر مَع تَزَاحُمِ الأيامِ والسَاعَات،

كَيفَ للزمانِ أن يمضي وأنتَ تُفَكِرُ بِهَذِهِ السَلبِية والعَدَمِية؟

 

إن بَقِيتَ عَلَى هَذَا النَحو العَدَمِي،

سَيَتَحَولُ زَمَانُكَ مع الوقتِ إلى زمانٍ جَحِيمِيّ،

وَمَعَ الوَقتِ سَينهارُ كل مَا فِي دَاخِلكَ،

وَسَتَسقُطُ الكَثيرُ مِنَ المَفَاهِيمِ فِي حَيَاتِكَ ...

 

عَليكَ أن تدركَ يَا صَدِيقِي بِأنَّ عَالمَ اليَوم أصبَحَ أكثَرَ أنَانِيةً وَأكثَرَ كِبرِياء مِن ذِي قَبلٍ،

عَالَمُ اليَومِ يَا صَدِيقِي بَاتَ شَرِسَاً جِداً، يَنهَشُ لَحمَ الضَعيفِ  ...

 

لَقَد كُنتَ مُحِقّاً أيها الإناء المُختَار عِندَمَا كَتَبتَ فِي رِسَالَتِكَ لِتِلمِيذِكَ الشَاب تِيمُوثَاوس:

 

2تيموثاوس 3

"...واعلَم أنهُ سَتَأتِي فِي الأيَامِ الأخيرَة أزمنةٌ عَسِيرَة يَكُونُ الناسُ فِيهَا مُحِبِينَ لأنفُسِهِم ولِلمَالِ، صَلِفِين مُتَكَبِرِين شَتامين، عَاصِينَ لِوالِدِيهِم نَاكِرِي الجَمِيل فُجارا،  لا ود لَهُم وَلَا وَفَاء، نَمامين مفرطين شرسين أعداء الصلاح، خوانين متهورين، أعمتهم الكبرياء، محبين للذة أكثر منهم لله، يظهرون التقوى ولكنهم ينكرون قوتها. فأعرض عن أولئك الناس..."

 

نَعَم أيُها الإنَاءُ المُختَار إنَّهَا أزمِنَةٌ عَسِيرَة بِالفِعل نَعِيشُهَا اليَوم فِي هَذَا الزَمَان ...

 

وَكُلُّنًا نَبحَثُ عَن قَارِبِ نَجَاةٍ،

نُسابقُ فِيهِ المُستَقبَلَ المُتَسَارِعَ  لِنَصِلَ إلَى بَر الأَمَان.

 

وهَذَا المُستَقبَلُ المُتَسَارِعُ لَا يَرحَمُ أحَدَاً،

وَهُو غيرُ مُهتمٍ على الإطلاق بِالبيئةِ التي نَعِيشُ فِيهَا ولَا بِالنَاسِ مِن حَولِنَا،

إنَّهُ يَسيُر بِلَا تَوَقُفٍ وَمَا مِن شَيءٍ سَيوقِفُ سَيرَهُ...

 

كُلٌّ مِنَّا يَعِيشُ فِي مَرحَلَةٍ لَا تَخلُو مِن شَغَفٍ جَامِحٍ،

يُرِيدُ مِن خِلَالِهِ أن يُثبِتَ فِيهِ نَفسَهُ لِكَي يَفرِضَ كَيَانَهُ بِقُوةٍ عَلَى المُحِيطِينَ بِهِ،

لا تَدَع ذَاكَ الشَغَفَ الجَامِحَ يُنسِيكَ القَرِيب،

تِلكَ هِي وَصِيةُ يَسُوعٍ الحَبِيب.

 

إنَّ هَذِهِ الِرحلَة فِي بَحرِ الزَمَان، تَتَطَلَّبُ سَفِينَةً قَويةً وَقُبطَانَاً مَاهِرَاً عَلَى عِلمٍ عَمِيقٍ بِهُبُوبِ رِيَاحِ المُفَاجَآتِ وَتَلَاطُمِ الأمواجِ والصَدَمَاتِ، إنَّهُ يَسوع رَبُّ الحَياة.

 

لَقَد خَلَقَنَا اللهُ أحرَاراً، 

(يوحنا 36:8)

 

وَمِن حَقِّنَا أن نَعِيشَ الحُريّةَ بِمِلئِهَا،

وَلَكِن وِفقَ مَشِيئَةٍ إلَهِيَّةٍ مُتَنَاغِمَةٍ مَعَ مَشِيئَتِنَا،

(لِتَكُن مَشِيئَتُكَ)

(متى 6: 10)

 

وَهُنَا لَابُدَّ مِن ضَبطِ إيقَاعِ الحُريَّةِ،

التي هِي الجَوهَرَةُ البَرَّاقَةُ المَجانِيّةُ التي أعطَاهَا اللهُ للإنسَان،

لِيُعَبرَ مِن خِلَالِهَا عَن كَامِلِ كيانِهِ الإنسَانِيّ،

وَمِن دُونِهَا تَسقُطُ  كُلُّ مَشَاهِدِ الحَيَاةِ وَنصبِحُ وَكَأنَّنَا قَيدَ فِيلمٍ أو مَسرَحِيّةٍ مِن صُنعِ يَدِ الله.

 

إنَّ الحُرِيُّةَ هِي ذاكَ القَلَم الذي نَكتُبُ فِيهِ قِصَّةَ قَدَاسَتِنَا أو تَعَاسَتِنَا وَنَحنُ مَن نَملِكُ الخَيَارَ والقَرَار. ...

 

صلَاةٌ مِن أجلِ نَيلِ الحُريَّة:

 

رَبي وَصَدِيقِي يَسوعُ المَسِيح،

حَرِرنَّا مِن رُوحِ العَالَم وامنَحنَا حُرِيَّةَ أبنَاءِ الله،

وَلَكَ كُلُّ المَجدِ،

آمين.

 

بَلِّغ سَلَامِي لِمَريَم أُمِّي،

تَحِيَّاتِي القَلبِيَّة،

 

المراجع:

(2تيموثاوس 3)

(يوحنا 36:8)

(متى 6: 10)