موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الإختلاف بين البشر أمرٌ طبيعي، فقد خلق الله عزّ وجلّ الناس مختلفين ولا يزالون كذلك "ولو شاء ربُّك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مُختلفين" (سورة هود 118). إنّ أهمية الإختلاف بين أجناس البشر، يكمن أولاً في التواصل مع الآخر، لا سيمّا لاكتشاف الآخر وما عنده من تنّوعٍ وغنىً. ثانياً: وسيلة تكامل. لقد خلقنا الله تعالى مختلفين، لنتعارف لا لنتعارك، ولنتكامل لا لنتصادم... وإنّ هذا التكامل يفسرّ لنا كيف أن الإنسان لا يعيش منعزلاً عن المجتمع، بل يُلبيّ حاجاته بالتعاون مع أفراد المجتمع. فعلى سبيل المثال: الرجل والمرأة مختلفان، ولكن كلّ منهما يكمل الآخر على أكثر من صعيد. ثالثاً: سبب ارتقاء: إن التكامل بين البشر يؤدي حتماً إلى الإرتقاء والتقدم، وهذا ما يحصل، في المجال العلميّ و التكنولوجيّ. فاذا كان الإختلاف والتعددية بين البشر هاماً ومفيداً، ولا سيمّا لجهة التقرب من الآخر والتكامل والإرتقاء إلاّ أن عدم استيعابه والقبول به يقودان حتماً إلى نشوء الخلافات والنزاعات والصراعات على أنواعها. ومن هذا المنطلق، يمكننا أن نقول: إنّ أسوأ العقول هي من تحّول الإختلاف إلى خلاف "فالإختلاف في الرأي ينبغي ألاّ يودّي إلى العداوة، والإّ لكنتُ أنا وزوجتي من ألدّ الأعداء" كما قال غاندي. وعليه، فالإختلاف بين البشر بنّاء، وأمّا الخلاف فهدّام، الإختلاف دليل صحةٍ وعافية بين الناس، وأمّا الخلاف فمؤشّر انحطاطٍ و تخلّفٍ في المجتمع الإنسانيّ. وعلى الرغم من تعدّد الأسباب المباشرة للخلافات، يمكن للإنسان العاقل أن يعمل على احتوائها والتخفيف من حدتّها، بوسائل عدة ومنها: اللجوء إلى الحوار، واحترام الآخر في اختلافه. فالحوار لغة الإنسان العاقل، ووجه من وجوه المحبّة، ووسيلة حضارية للتعّرف على رأي الآخر وفهم أفكاره. فما أحوجنا في هذه الأيام أن نتعلم ثقافة الإختلاف لا الخلاف، وهذا لا يتم إلاّ عبر التلاقي والحوار، ومهما اختلفت وجهات نظرنا وآرائنا، تجمعنا الإنسانية والقيم المشتركة، ويقربنا التفاهم والتعاون.