موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٤ فبراير / شباط ٢٠٢١

بين طيات الواقع

لارا علي العتوم

لارا علي العتوم

لارا علي العتوم :

 

يعتبر تأثير الشائعات على واقع القرار بجانب اتساع استعمالات الاعلام الاستخدامات الزخمة لمنصات  التواصل الاجتماعي من مشكلات العدالة المعاصرة، إذ الرأي العام في الشائعات لا يصدر حكما ذات اهمية عامة بعد أن يدرسها بعقلانية ووعي بل يتناقل أخبار تتغلغل بطريقة ما بينه بغض النظر عن مصداقيتها أو رفضه أو قبوله لها، كما  تقوى قيمة الشائعات في الحياة العامة عند تحقيق جزءا منها وربما كلها رسميا فيضعف الاعلام الرسمي من جهة وتزداد الفجوة بين الحكومة والشارع.

 

كانت الشائعات أداة لصناعة رأي عام اتجاه قضية ما ولكن نجاح تلك الاداة لا ينجح في غالب الاوقات الا لوقت قصير او في الامور البسيطة، ولم تكن ابدا أداة لفرض الاحترام وتقليل سعة الفجوات، وفي ظل الديموقراطية الصحيحة  يكون استخدام منصات التواصل الاجتماعي أداة لقياس الوعي العام بسبب اتصال اصحاب التواصل الاجتماعي بالشكل المسنتير وتبادل الاراء بانصاف فيصبح التعبير السليم عادة مستفيضة، ففي كل مجتمع يتولد شعور عام يهتم بالمسائل العامة وتحرك مشاعره وتفرض عليه منطقها وفي نفس الوقت يتولد نوع من التوافق في الافكار حتى عند الاختلاف في الرأي لأن الاهتمام صادق وهو المصلحة العامة.

 

يوجد خيط رفيع  يكاد يكون واهيا بين تزريق خبر ما لمعرفة رد الفعل وبين نشر خبر للغرض نفسه من باب التشاركية في اتخاذ القرار وحق الشعب بالمعرفة، فالمخرجات والنتائج مختلفة تماما ،فالمصلحة العامة نتاج اتحاد الافكار فتجمع الاختلافات في قوالب متماثلة فتكون عندها الشائعات ما هى الا عوامل مصطنعة للتأثير،وتبقى العلاقة متينة بين الشارع وصناعة القرار، فالمصلحة العامة هى الضمير للعمل العام والخاص ويكون فيه الرأي العام مستندا على الواقع والقرار مستمدا من الواقع وتصبح الشائعة نكتة.

 

 تتعدد الشائعات بأنواعها وألوانها وألسنتها ولم تنجح أبدا بإستخدامها فيما يخص أي إجراء أو إصلاح أو تشريع بل العكس كان أثرها سلبيا للغاية خاصة في ظل فهم بسيط وسطحي للحرية والديموقراطية والادراك الواعي للعلاقة بين الحقوق والواجبات والمشاركة في صناعة القرار وحماية انفسنا التي أثبتت جائحة كورونا حجم الاستهتار بالنفس من طرف صاحبها.

 

لم تكن يوما الشائعات أداة لقياس التفاعل والتعاون بين أفراد المجتمع، إذ يأتي التفاعل من خلال  تنفيذ الواجبات وتحمل المسؤولية ومتطلب اساسي لتخطي المرحلة من خلال صحة القرار بدراسته دراسة واقعية شافية بعيدة عن كل الحسابات والتكنهات وليس حسب أمزجة وأراء عفوية أو نشر شائعة لسماع الرأي العام او كما يسمى جس نبض الشارع فهنا يكون القرار بمثابة الحاضر الغائب في معادلة تضييق الفجوة بين الشارع والحكومة ويكون الفصل او اتساع الفجوة نتيجة حتمية  تكون نخبة العقول في صناعة القرار قد عجزت عن تحقيق التشاركية في صنع القرار وتحقيق التفاعل المجتمعي المنشود ونحصل على ما يسمى بالقرار الخاطئ او المتسرع او غير المدروس.

 

حمى الله الأردن.

 

(الدستور الأردنية)