موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
عزيزي وأخي المحبوب أشكرك جزيلا على محبتك ومشاعرك الطيبة تجاه الآخرين. جميعا يحب أن يقدم النذور والتبرعات والمساعدات. بل وأغلبنا مواظب على هذا الأمر بشكل دائم. لدرجة ان البعض منا قد يمتنع عن حضور الكنيسة وحضور الأجتماعات. لكن عند النذور والتبرعات والعشور هذا أمر بالنسبة لنا في قمة أولوياته أمر مقدس صعب تجاهله.
إن هذا أمر مستحسن ومستحب. أن نقدم النذور والتبرعات وما شابه ذلك. لمساعدة ومؤازرة كل المحتاجين والفقراء. عظيم جدا أن يكون بداخلنا مثل هذا الشعور ومثل هذا الفكر. أن نقدم مما لنا لسد عوز الآخرين. فخيرات الأرض هي للجميع على السواء. وكما فعل معنا الرب وقدم لنا من الخيرات ما يكفينا ويفيض عن حاجتنا. علينا أن نعي وندرك أحتاجات أخوتنا في البشرية. إن أمر محمود جدا أن نأخد مما قد وهبه الله لنا ونقدمه عربون محبة لمن حولنا.
إن مشاعرنا الطيبة هذه ما هي إلا عمل روح الله فينا. فهو الذي يصرخ داخلنا باناة لا توصف قائلا: أفعلوا ما هو حسن وتجنبوا ما هو رديء. فكل عمل محبة هو بدافع من الروح القدس. روح الله يزرع فينا كل الدوافع الطيبة والنبيلة لخدمة جميع البشر وخدمة الكل. سواء كانوا يستحقون أو لا يستحقون.
لكن المهم في هذا الشأن أن ندرك ونعي تماما. أن روح الله لا يحثنا على أن نفعل الخير بوسيلة لا خير فيها. أو من خلال وسيلة شريرة. بمعني أن روح الله يريدنا عندما نفعل الخير نفعله بطريقة كاملة ووسيلة ترضي الله ولا نتعدى على وصاياه وشرائعه. يظهر كلامي هذا لأول وهلة وكأنه لغز عسر الفهم. لكن هذا ليس لغزا ولا خلافه. هذا ما يجب أن ننتبه إليه عندما تقودنا مشاعرنا الكريمة لأن نحسن للآخرين. أولا يجب أن نفعل ذلك برضى وبدون تذمر ومحبة. ثانيا علينا أن نقدم إحساننا للجميع على السواء دون النظر إلى الجنس واللون. ثالثا نقدم عطايا من المال الحلال. فلا يحق لي أن أسرق وأنهب وأحتال وأعتدي على ممتلكات الضعفاء لأتصدق بها. أي دين وأي إله يأمرنا بذلك؟ تصدق من مالك الحلال الذي أجتنيته من عرق جبينك. الذي حصلت عليه بدون أن تغش آحدا أو تضل آحدا. في رأيي الشخصي يفضل أن لا تدفع نذورا ولا عشورا ولا تبرعات ولا ما شابه. مقابل أن تكون أمينا في عملك وفي صنعتك وفي تجارتك وفي حياتك. يفضل أن تعطي لكل ذي حق حقه. ويفضل أن تراعي الله في كل شيء والأكثر في ما أوكله الله لك. أخيرا تصدق من مالك الخاص. فأنت لست مضطرا أن تأخد ما لا يحق لك لتتصدق به. فالصدقة يجب أن تكون من مالك. وليس من مال آحد غيرك..
إذا قدمت لله صدقتك بأيدي مملوءة من الدنس بأيدي سافكة دماء بأيدي غاشة بأيدي سارقة ومحتالة. فهل هذا سيلاقي قبولا عند المولى عز وجل. هل الله إله شرير لهذه الدرجة لأن يقبل منك نذورا وتبرعات منهوبة ومسروقة ويعطيك عنها جزاء يوم الدين. إذا قبل الرب صدقة من يديك خالية من الشروط السابق ذكرها. فهو ليس بإله. لأنه يحثك في هذا على النصب والأحتيال والغش وتضليل الناس. إلهنا غير ذلك. فرب البشر جميعا لا يستحسن ولا يستطيب مثل هذه الأمور التي تتنافى وقداسته وسموه.
أخي المحبوب ليس هناك أفضل من الصدقة. فهي على نفس قيمة وأهمية الصلاة والصوم. ولكن يجب أن تقدم بأيدي غير ملوثة بالنهب والأحتيال ولا تقدمها أيادي تسعى إلى غسيل الأموال وحسب رضا السماء. بصرف النظر عن الوسيلة التي تقدم بها عطايانا. لتكن عطيتك ذبيحة حية مرضية مقبولة عند الله. إلهنا صالح ولن يقبل منا ما هو غير صالح. فعمل الخير كغاية مليئة بالخير. تحتاج إلى وسيلة ملئة بالخير والصلاح. فالغاية لا تبرر الوسيلة. ويجب علينا ألا نستخدم وسيلة سيئة لنجني من ورائها غاية جيدة. الرب يبارك الجميع.