موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٠ ابريل / نيسان ٢٠١٨

القيامة انتصار لكل إنسان

بقلم :
الأب انطونيوس مقار ابراهيم - لبنان

نحتفل بعيد القيامة المجيدة وأفراح زمن الخماسين المقدّسة ونتبادل التّحيّة "المسيح قام، بالحقيقة قام". يصل التّجسّد الإلهيّ إلى غايته والهدف منه القيامةُ المجيدة، التي هي انتصار على الشيطان والموت. مات المسيح من أجل خطايانا وقام من أجل تبريرنا، لكي ما يقيمنا لنكون معه فى السّماء. قام السّيّد المسيح وبرهن على قيامته المجيدة بالعديد من الظّهورات والأحداث والنتائج وهذا ما أكّده القدّيس بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنتس التي سمعنا منذ قليل وملخّصها قول الرسول "إن لم يكن المسيح قد قام فباطلةٌ كرازتُنا وباطلٌ ايضا ايمانُكم".... تحرّرنا بقيامة السّيد المسيح من عبوديّة إبليس إلى البنوّة الكاملة لله فنحن قد ولدنا لله في المسيح يسوع بكر الرّاقدين وصرنا ورثة في الملكوت الأبويّ وقد نلنا غفران خطايانا. القيامة انتصار لكلّ إنسان ففيها انتصر يسوع على: 1- الشّهوة: رأينا في العهد القديم مشهد الحيّة التي حاربت حواء القديمة بالإغراء والخداع والشّهوة فدعتها إلى أن تأكل من شجرة معرفة الخير والشّرّ. فأجابتها حوّاء "إنّ الله أمرنا ألّا نأكل من تلك الشّجرة لأنّنا لو أكلنا منها سوف نموت". لم تلقِ الحيّةُ سلاحها بل تابعت قائلةً لحوّاء "لن تموتا لكنكما ستكونان مثل الله فرأت حواء أن الثّمرة شهية للأكل فأكلت وأعطت زوجها وأكل هو أيضًا"، فوقعا في الخداع وانقادا للشهوة وكانت النتيجة أنهما طُردا من الفردوس الى الصحراء، حيث الشّوك والتعب والموت. تكرّر المشهد عينُه في العهد الجديد في التجربة على الجبل أن الشيطان جاء ليجرب المسيح بعدما صام 40 يوما وأربعين ليلة واخيراً جاع وطلب منه أن يحوّل الحجارة إلى خبز لكن المسيح قال"مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله". بهذه الكلمة انتصر يسوع وعاد بالإنسان من التعب والموت، الى حياة النور وحياة الملكوت، الى التغذّي بكلمة الله. 2- العالم: في المشهد الثاني من التجربة على الجبل قال له الشيطان "سوف أعطيك ممالك العالم كلّها إن سجدت لي". ماذا يمتلك الشّيطان حتى يعطى باسطَ السماء والارض وخالق الكون والكائنات كافة. علّمنا المسيح بقيامته، وهْو القائل "مملكتي ليست من هذا العالم"، أنّ علينا ألّا نقع في أشراك مغريات هذا العالم وما فيه من ممتلكات. علينا، بالتّالي، أن نقتدي به كما اقتدى به القدّيسون على غرار بولس الرسول الذي قال "خسرت الكلّ وجعلت كل شيء نفاية وخسارة كي أربح الكلّ" والقديس يوحنا القائل "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم" لأنّ العالمَ وشهواتِه يزولان، أمّا الذي يصنع إرادة الله فإنّه يدوم الى الأبد. هكذا وقف القدّيسون والآباء والشهداء أمام الملوك والولاة رافضين الرفض القاطع الخضوعَ لمطلبهِم التخليَّ عن التمسّكِ بالمسيح. وكانوا واعين تماما لقول المسيح "سيقدّمونكم إلى المحاكم والمجامع ويفترون عليكم بكلّ كلمة باطلة من أجل اسمي، لكن ثقوا، لا تخافوا، فأنا معكم ولا تهتمّوا بما تقولون أو تدافعون به لأنّ روح أبيكم يتكلّم فيكم. 3- الخطيئة: جلبت الخطيئةُ التي دخلت العالمَ بسبب تمرّد آدم وحواء وعصيانهما، الموتَ للإنسان "غرسًا واحدًا نهيتني عن الأكل منه هذا الذي أكلت أنا منه بإرادتي فجلبت على نفسي حكم الموت". جاءت قيامة المسيح بالحياة للعالم وبكسْرٍ لشوكة الموت فقال القدّيس بولس" أين شوكتك يا موت وأين غلبتك يا هاوية". جاء يسوع في ملء، الزمن وتجسد من عذراء، وتحمّل الآلام من أجل أن يغفر خطايانا نحن البشر و"صارت الحياة لنا فيه، فمن ملئه نلنا نعمة فوق كل نعمة، لأنّ الناموس بموسى أُعطيَ، أما النعمة والحق فبالمسيح يسوع قد صارا". 4- الجسد: علّمنا يسوع في حياته أن نعمل دائمًا للطعام الباقي للحياة الأبدية وليس للطعام الفاني، بالتغذّي بكلمته "كلامي روح وحياة". ولكن للأسف، انقاد الإنسان بجسده الى متطلّبات الحياة الجسديّة فكان مصيره الفناء إلّا انّ يسوع انتصر على الجسد الترابي لمّا قام بجسد ممجَّد وصار لنا الطريقَ نحن لأن نقوم معه بأجساد نوارنيّة " باركْتَ طبيعتي فيك". 5- الموت: ارتُهنت حياة الإنسان للموت قبل القيامة لا سيّما منذ حكَمَ هو على ذاته بالموت بعدما خالف وصية الله له بعدم الاقتراب من شجرة معرفة الخير والشّرّ وقد قال له الله يوم تأكلان من هذه الشجرة موتًا تموتان. من هنا خرج الإنسان عن طريق الحياة سالكًا طريقَ الموت لا بل صار الموت هو الشبح الرابض دائماً امامه كنهاية حياة له وفناءٍ تامّ، ولكن مع قيامة المسيح يسوع من بين الاموات تغيّر الموقف وتبدّلت الأحوال ولم يعد الموت نهاية بل صار بدايةَ حياة جديدة وطريقَ عبور من الفناء الى البقاء وقد كرّس الرب يسوع المسيح القائم من بين الاموات هذا الطريق ودشّنه، قال "أنا هو الطريق والحقّ والحياة"، و"أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا". طريقٌ كرّسه يسوع بجسده ودمه الأقدسين "من يأكل جسدي ويشرب دمي تكون له الحياة الأبديّة". يمكننا في حياتنا أن نعيش بأشياء كثيرة وأن نستغنيَ عن أشياء كثيرة ولكن لا يمكننا العيش من دون الرّجاء "نترجّى قيامة الاموات وننتظر حياة الدهر الآتي". فالرجاء هو أحد أركان مثلث الفضائل المسيحيّة، سرِّ حياة الإنسان: الإيمان والرجاء والمحبة حسب ما عبّر بولس الرسول في 1 كورنتس فصل 14. باسم صاحب الغبطة أبينا البطريرك إبراهيم وباسمكم جميعًا، نتقدّم بالتّهاني القلبيّة لصاحب السيادة المطران بولس مطر رئيس اساقفة بيروت، ونرجو من المسيح القائم من بين الأموات، أن يمنحه المزيد من الخدمة والعطاء وسنين كثيرة وأزمنة سالمة في حب الله والوطن والكنيسة. نتقدّم بالشكر الجزيل الى إدارة التيلي لوميير والنور سات مسؤولين وموظفين وعاملين على محبتهم ومشاركتهم لنا. ونرفع صلواتِنا متّحدين مع غبطة البطريرك وقداسة البابا والآباء البطاركة والأساقفة من أجل الذين يحملون أمانة مسؤولية بلدنا الحبيب، في هذه الفترة التاريخيّة الدقيقة والحاسمة جميعهم. نتضرّع إلى الربّ أن ينيرَهم ويساندَهم ليقودوا مسيرة مصر الغالية إلى ميناء الأمن والأمان، والاستقرار والتقدّم. فيحقّقوا للأجيال الحاضرة والمستقبلة أمانيهم الغالية، ونرى مصر ولبنان منارتين للفكر المستنير، والعمل البنّاء، والقلب المنفتح، والسّلام النابع من العدالة والحرّية والمساواة. ولتتكلّل جهود كلّ من يعمل من أجل البناء بالتضامن والمحبة، بالنّجاح، وليعمّ الأمن والأمان والسلام والحب الشّعوبَ جميعَها. تحتاج مصر وطنُنا الغالي، أرضُ الشعب الطيّب، باني الحضارةِ للعالم كافة، إلى تضامن أولادِها وإخلاصِهم في العمل مشاركين ومساندين لرئيسنا عبد الفتاح السيسي. نصلّي من أجله ومن أجل فخامة الرئيس ميشيل عون ليظلّ قائدين إنسانيَّين، ورئيسين وطنيّين، ومصلحاين شجاعين، حفظهما الله وأيّد مساعيهما مع المخلصين المتعاونين معهما كلّهم والعاملين بكلّ أمانة من أجل بناء مستقبل أفضل لمصر ولبنان وبلدان الشّرق. المسيح قام حقا قام