موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٦ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠

الصّوت الصّارخ في البريّة

بقلم :
الأخت كلارا معشر - الأردن
الأحد الثّاني من زمن المجيء في السّنة الليتورجيّة "ب"

الأحد الثّاني من زمن المجيء في السّنة الليتورجيّة "ب"

 

من أجمل الصّور الّتي نراها في قراءات زمن المجيء المقدّس، هي صورة المعمدان، رجل الصّحراء الّذي يغطّي جسده وبر الإبل، ويغذيه بالجراد والعسل البريّ. إنّه الصّوت، أمّا الرّب يسوع فهو الكلمة، إنّه الخادم، ويسوع هو السّيّد، إنّه صديق العريس، ويسوع هو العريس.

 

جاء إلى البرّية ليعدّ الطّريق أمام الرّب، ولماذا اختار البريّة؟

 

لأنّ البريّة هي الكلمة المفتاحيّة بالنّسبة للشّعب الإسرائيلي، فهي تذكّرهم بذكريات عزيزة على قلوبهم. ففي البريّة امتُحنوا وجُرّبوا، وتذمّروا على الله وموسى، وفيها خُلّصوا وأصبحوا شعبًا عظيمًا، وفيها تعلّموا أن يعتمدوا على الله وحده ، واختبروا قيادته لهم. وفيها تحضّروا ليدخلوا إلى أرض الميعاد.

 

ومن البريّة انطلق صوت المعمدان صارخًا يدعو النّاس إلى التّوبة عن خطاياهم وطرقهم المعوّجة، و يشجّعهم على التّجدد الرّوحي وذلك بنيل المعموديّة الّتي كان يمنحها من أجل التّوبة، إنّ صوته الصّارخ هو دعوة إلى تغيير جذريّ في طريقة التّفكير، وفِي رؤية هذا العالم، والعيش بناء على مجموعة من القيم العليا.

 

و ما زال هذا الصّوت يصرخ اليوم في كنائسنا وبيوتنا وعائلاتنا، ويدعونا لأن نتهيّأ لمجيء الرّبّ يسوع.

 

لذا نحن بحاجة إلى الصّمت والعزلة والتّأمّل، والدّخول إلى بريّة قلوبنا، ذلك المكان الّذي يحدّثنا فيه الرّبّ.

 

فهل سأكون صوت المعمدان الّذي يصرخ في بريّة هذا العالم الغارق في تيارات الإلحاد والعلمنة والانحراف الفكري والسّلوكي والأخلاقي؟

 

كيف سأعدّ الطّريق لمجيء الرّبّ يسوع ؟ ماذا سأفعل في هذا الزّمن ليكون قلبي مهيّأ لاستقبال الطّفل الإلهي؟ ما هي الأشياء الّتي عليّ أن أغيّرها في علاقتي مع الله والآخر ونفسي والبيئة لأعيش في تناغم الوحدة والسّلام والسّعادة الكونيّة الّتي هي مضمون رسالة الميلاد.

 

تذكّر أنّ تحضير القلب وتهيئته هو أفضل تحضير لعيد الميلاد.