موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٠ ابريل / نيسان ٢٠٢٣

الأحد الأوّل المعروف بأحد توما الرسول

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
باليمين الوادّة التفتيش أيها المسيح الإله

باليمين الوادّة التفتيش أيها المسيح الإله

 

الرسالة

 

عظيمٌ هو ربنا وعظيمة قوته

سبحوا الربَّ فإنه صالح

 

فصل من أعمال الرسل القدّيسين الأطهار (أعمال 5 : 12-20)

 

في تلك الأيام، جَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ. وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ. وَأَمَّا الآخَرُونَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ لَكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ. وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى خَارِجاً فِي الشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ. وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ. فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الَّذِينَ مَعَهُ الَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ الصَّدُّوقِيِّينَ وَامْتَلأُوا غَيْرَةً فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى الرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ الْعَامَّةِ. وَلَكِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ فِي اللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ السِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ: «اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هَذِهِ الْحَيَاةِ».

 

 

الإنجيل

 

فصلٌ من بشارة القديس يوحنا الإنجيلي البشير والتلميذ الطاهر (يوحنا ١٩:٢٠-٣١)

 

لَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ لَهُمْ: «سلاَمٌ لَكُمْ». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «سلاَمٌ لَكُمْ. كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». وَلَمَّا قَالَ هَذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «ﭐقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ». أَمَّا تُومَا أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ التّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ: «سلاَمٌ لَكُمْ» ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً». أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلَهِي». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا». وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

المسيح قام... حقاً قام

 

نحتفل بقيامة الرب مرة أخرى. تريد الكنيسة دائمًا تذكيرنا بكل الأشياء العظيمة والخيرة التي تفعلها للإنسان. وأعظم خير هو قيامة المسيح التي هي ضمانة قيامتنا.

 

ويأتي يسوع كما يقول الإنجيل في مساء أحد الفصح العظيم عند مدخل أورشليم ، حيث كان التلاميذ مجتمعين خوفًا من اليهود. يدخل ودون أن يفتح الأبواب ، إنه الآن الترتيب الجديد للأشياء من خلال القيامة ، التي هي حقيقة وراء القبر ، دخل يسوع دون أن تُفتح الأبواب كما خرج من القبر وهو مغلق.

 

كان التلاميذ خائفين ، ظنوا أنه شبح. قال لهم: السلام عليكم فصمتوا وذهب إلى منتصف الغرفة ، حتى يراه الجميع ، حتى لا يكون على الحائط فيعتبرونه شبحًا. وأراهم جراح الصليب. أراهم الجراح حتى يتأكدوا من أنه الرب المصلوب ، وهو الآن قام. أعطاهم الروح القدس ، وتحدث إليهم عن رسالتهم ، بعد أن أعطاهم السلام مرة أخرى. وكما جاء ، ذهب. يسوع بيننا بعد قيامته ، لكنه لا يُرى إنه يرافقنا ويرافقنا ولا يتركنا أبدًا.

 

توما مع ذلك لم يكن موجوداً. لما أتى قالوا له: "لقد رأينا الرب". ويقول: "ما لم أبصر بعيني ، إلا إذا وضعت أصابعي في أثر المسامير ، وما لم أضع يدي في جنبه" "لا أؤمن".

 

مرت ثمانية أيام. كان توما في عدم إيمان وعاد يسوع مرة أخرى. والأبواب مغلقة خوفا من اليهود وقال لهم السلام عليكم. هذا ما أتى به المسيح بعد القيامة: سلام ، حب ، فرح. ثم قال لتوما: "تعال إلى هنا. ضع اصبعك. ارفع يدك. انظر بحذر. ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً ".

 

وسأل توما: "كيف علم الرب أنني قلت هذه الأشياء للرسل وهوغير موجود؟" فَفَهِمَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ اللهُ فَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وإلهي». إنه في كل مكان ، ويسمع كل شيء ، ويأخذ كل شيء ويقربنا منه.

 

لا نعرف ما إذا كان توما قد لمس سيده أخيرًا قبل أن يعبده على أنه "ربه وإلهه". لكنها أصبحت مناسبة لإظهار مدى خطأ الافتراء على المسيحية عندما ينسبون إليها "آمنوا ولا تحققوا". لا المسيحية لا تخشى التحقيق.

 

ثم يقول الإنجيلي أن يسوع صنع آيات أخرى ، أي معجزات بعد القيامة. أعظم معجزة قيامته. يقول الإنجيلي "مع ذلك ، كان هناك معجزات كثيرة لكنها لم تكتب"، لأن الناس غالبًا ما يجدون صعوبة في مواجهة معجزات الرب.

حقًا بالقيامة منح يسوع الحياة لأرواحنا ولجميع الأموات. أقامنا فلنتبع مسيحنا الذي هو الطريق والحياة والقيامة ليأخذ عدم إيماننا كما أخذه من توما فيجعل إيمانه فرح.

 

لم تكن الصعوبة الأكبر هي قيامة المسيح بقدر ما كانت إثبات ذلك. أقام لعازر أمام أعين مئات الشهود. ولكن عندما قام المسيح ، لم يسمع به حتى الجنود الرومان الذين يحرسون القبر. كانت علامات القيامة الوحيدة في المسيح نفسه. كانت آثار المسامير ، وجنبه. وأول من فكر في الأمر هو توما. يعبر توما عن طلب غالبية العالم. فإن "حسن نية" توما ، كما ترتل كنيستنا عادة ، أدى إلى أن يكون توما أول من أثبت القيامة. الآخرين ببساطة "رأوا وآمنوا" ، آمن توما على القيامة على أساس الأدلة. وهذه الأدلة كانت "آثر المسامير" وعلامة "جانب المسيح المطعون". هذه الحقائق والأدلة التي أسسها توما، كانت مقنعة لأنها كانت حقيقية وليست نظرية. لا أحد يستطيع أن يشك في حقيقة قيامة المسيح بعد الآن. لأن القيامة لم يوثقها الأقوال والشائعات بل بالأدلة الدامغة.

 

إنَّ ما عاشه توما يعيشه كثيرون منّا في عالمنا اليوم، إذ أضحى الكثير من النّاس يتهاتفون وراء الأعاجيب ليبنوا إيمانهم على الشيء المرئيّ والملموس، هذه الظاهرة بعيدة كلَّ البعد عنِ إيماننا المسيحيّ.  إنَّ القائمَ مِن الموتِ قادِرٌ أنْ يُظهرَ قُدرته في وسط محن حياتنا وخاصّة في الأزمة التي ما زال يتخبّط بها المؤمن اليوم، رغم كلّ الأبواب المغلقة. هو قادر أن يحرّرنا من خوفنا وإحباطنا وفشلنا ويمنحنا سلامه الذي لا يستطيع أحدٌ أن ينزعه من قلوبنا. لذا فنحن مدعوُّون أنْ نؤمن ونترجّى أنَّ الله ما زال يُظهر ذاته لكلِّ واحدٍ منّا وبطرقٍ مُتَعدِّدة في محن إيماننا وشكوكِنا. إنَّ كلَّ أزمةٍ نعيشها في حياتنا تدفعنا لأنْ نكتشفَ الله كما هو يريد لا كما نريده نحن، إذ نردّد ما قال توما: "ربّي وإلهي". فانتقل توما من أقصى الشكِّ إلى أقصى الإيمان واليقين.

 

إنَّ اكتشاف الله لا يمكنُ أنْ يتمَّ خارج جماعة التلاميذ أي الكنيسة. إنَّ يسوع لم يُظهر ذاته لتوما عندما كان خارج جماعة التلاميذ بلْ أظهر ذاته له عندما كان مُجتمعًا معهم. فمن أراد أنْ يؤمن به فليؤمن بكنيسته، ومَن أراد كنيسة بلا عيب بقيَ دون كنيسة. هذا ما يقودُنا نحن عندما نكون في قلب جماعة الرُّسل المُتمثلة بالكنيسة التي نحن منتمون إليها. في هذا يردِّدُ القدِّيس إيريناوس ما قاله عن إيمان الكنيسة: "... فهي تحفظ هذا الإيمان بكل دقّة كأنّها تعيش في مكان واحد، وتؤمن إيمانًا واحدًا، لها قلبًا واحدًا وروحًا واحدًا. وباتّفاقٍ تام تبشّر بهذا الإيمان وتعلّمه وتمنحه، كأنها تملكُ للنطق به فمًا واحدًا". فالإيمانُ المسيحيُّ المَبنيّ على الشهادة لا على العيان، لا يقلُّ بشيءٍ عن إيمانِ الرُّسل أنفسهم. إنَّ الله نختبرُهُ في الكنيسة وهناك يُظهر لنا ذاته في سِرِّ الإفخارستيّا الذي يملؤه بحضوره وهو الأعجوبة الكُبرى في تاريخ حياتنا.

 

 

الطروباريات

 

الطروبارية باللحن السابع

إذ كان القبر مختوماً أشرقتَ منه أيها الحياة، ولما كانت الأبواب مغلقة، وافيت إلى التلاميذ أيها المسيح الإله قيامة الكل، وجدّدت لنا بهم روحاً مستقيماً بحسب عظيم رحمتك

 

القنداق باللحن الثامن

باليمين الوادّة التفتيش أيها المسيح الإله، فتش توما جنبك الواهب الحياة، لأنك حين دخلت والأبواب مغلقة، هتف إليك مع بقية التلاميذ صارخاً: أنت ربي وإلهي