موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٣

أعرب ما بين السطور!

بشار جرار

بشار جرار

بشار جرار :

 

في امتحانات العربية بالمدرسة الأردنية ترد عبارة: أعرب ما تحته خط.

 

ومن أدوات الاستفهام وأحيانا الاستهجان، الرد على الآتي بكلام غير مسؤول بأن ما محل فلان من الإعراب حتى يصدر أحكاما من مصيفه أو مشتاه.

 

بعض التصريحات والهتافات العنترية ترى -على تناقضها الظاهري- ما يجمع بينها في النتائج، وكأن في الأمر حاجة إلى قراءة ما بين السطور، ووضع خطوط حمراء تحتها جميعها، تتطلب الإعراب لكشف الضمير الغائب أو المستتر فيها..

 

ما معنى أن يدعو أحدهم إلى ما يريده غلاة المتطرفين فيمن يدعي عداوتهم؟ ما معنى أن يطالب آخر في عاصمة أخرى-وكلاهما لا يغرد خارج السرب- بما يسقط الدولة الوطنية في استجرار لجمعات وتنسيقيات شهدنا حقيقتها السوداء في الربيع العربي المزعوم المشؤوم؟

 

قد لا يكون مناسبا في هذا المقام تسمية مروجي الخطابات العبثية إبان حروب العراق وسورية مع «الصهيونية والإمبريالية»، أسطوانة يعلم الجميع أنها ليست أكثر من شمّاعة لمن أرادوا اعتلاء عروش مغتصبة ولو من جماجم.

 

إن دعوة شخصيتين من اتجاه واحد في أقل من يومين إلى «فتح الحدود» و«تسليح العشائر» وتحويل مملكة تعبر بثقة إلى مئوية ثانية إلى ساحة تجمع للقتال في معركة يؤخذ قرارها من خارج البيت العربي، ما هو إلا كما قال فادي الرسول الأكرم علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه: كلمة حق يراد بها باطل.

 

الأردن كما مصر كما جميع الدول العربية دول ذات سيادة لا تنتظر من زعيم تنظيم أيا كان لا المروءة ولا الشجاعة ولا الحكمة ولا الإقدام، لاتخاذ قرار الحرب والسلم. لا ترانسفير ولا وطنا بديلا. محاولة استدراج الجماهير للفوضى وللصدام مع الأمن صارت مخططا قميئا خسيسا لئيما مكشوفا للجميع.

 

من سمح أو غض الطرف عن «عسكرة» الانتفاضة، إنما اتخذ وبفارق ثلاثة عقود ونيف، قرارا أقل ما يقال فيه إنه غير حكيم على الأقل من وجهة نظر المجتمع الدولي الذي قد لا يعجبنا لكننا شئنا أم أبينا مضطرون للتعامل معه والاعتماد عليه في كثير من مناحي حياتنا. حتى أولئك الذين يزعمون معاداتهم لتلك القوى الدولية فإنهم في انصياع تام لسلطات محلية على وفاق تام وتحالف كامل مع تلك القوى. فلم الاستقواء والميل كل الميل على الدول التي فتحت ذراعيها وقدمت التضحيات الجسام، وعلى رأسها الأردن ومصر وسورية ولبنان «دول الطوق».

 

يقتضي الواجب الوطني كما يراه خبراء الأمن والجيش والسياسة وحدهم لا الشعراء ولا الخطباء، تقرير المصلحة الوطنية العليا بما يحفظ السيادة الوطنية أولا حتى تكون قادرة على مد يد العون للأخ القريب والبعيد.

 

(الدستور الأردنية)