موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٥

أحد العنصرة (حُلول الروح القدس)

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن
المجد لك أيها الروح القدس، محبة الآب والابن

المجد لك أيها الروح القدس، محبة الآب والابن

 

ما هو أحد العنصرة؟

 

العنصرة وتعني باللغة اليونانية الخمسين، ولهذا سميت أيضًا بعيد الخمسين، والعنصرة عيد ديني له دلالات في كل من اليهودية والمسيحية.

 

كانت العنصرة تعرف في اليهودية باسم عيد الأسابيع، وكان يُحتفل به بعد سبعة أسابيع كاملة من عيد الفصح اليهودي. كان هذا العيد في الأصل عيدًا زراعيًا للاحتفال بباكورة حصاد القمح، ويُعرف أيضًا بـ"عيد الحصاد". ارتبط العيد أيضًا بذكرى تسليم التوراة والوصايا العشر لموسى على جبل سيناء.

 

في المسيحية، اكتسب عيد العنصرة معنىً جديدًا ومهمًا، حيث يُحتفل به كعيد حلول الروح القدس. ويصادف هذا العيد دائمًا بعد خمسين يومًا من عيد الفصح، وعشرة أيام بعد صعود المسيح إلى السماء.

 

في هذا اليوم، بينما كان التلاميذ مجتمعين معًا بنفس واحدة في علية صهيون يصلون، انطلق من السماء بغتة دوي كريح عاصفة، فملأ جوانب البيت، وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم، وابتدأوا يتكلمون بلغات غير لغتهم على ما وهبهم الروح القدس ان يتكلموا كما ورد في سفر اعمال الرسل.

 

تعتبر العنصرة بمثابة انقلاب عميق حلّ في نفوس التلاميذ، وأخذوا يتحدثون بعجائب الله، ويشهدون أن الروح القدس الذي وعدوا به من قبل المسيح قد جاءهم من الله فلا سبيل الى الخوف والتخبط والضياع بعد الان، فقد نالوا من القوة ما يمكنهم من نشر الانجيل في العالم. وقد قام القديس بطرس بإلقاء أول عظة مسيحية، فآمن الآلاف واعتمدوا في ذلك اليوم.

 

 

ما هو الروح القدس؟

 

الروح القدس هو أحد أقانيم الثالوث الأقدس في المسيحية، إلى جانب الله الآب والله الابن (يسوع المسيح). هو ليس قوة مجردة أو طاقة، بل هو الله نفسه، كائن إلهي كامل، له شخصية وصفات إلهية.

 

طبيعة الروح القدس:

 

يظهر الكتاب المقدس الروح القدس على أنه:

 

* الله: يُشار إليه على أنه "روح الله" و"روح المسيح". تُنسب إليه صفات الله مثل العلم بكل شيء (يعلم كل شيء)، والوجود في كل مكان (موجود في كل مكان)، والقدرة المطلقة (قادر على كل شيء).

 

* شخصية: لا يُذكر الروح القدس كقوة غير شخصية، بل ككيان له إرادة (يتخذ قرارات)، ومشاعر (يحزن، يفرح)، ويقوم بأفعال (يتكلم، يُعلم، يشهد).

 

* المصدر الإلهي للحياة والقداسة: هو الذي يمنح الحياة الروحية ويُقدّس المؤمنين ويُعينهم على النمو في الإيمان.

 

دور الروح القدس:

 

للروح القدس أدوار متعددة وهامة في الإيمان المسيحي وحياة المؤمنين، منها:

 

* الوحي والإلهام: هو الذي أوحى للأنبياء والرسل بكتابة الكتب المقدسة (الكتاب المقدس).

 

* الندم على الخطية: يُقنع الناس بخطاياهم ويُظهر لهم حاجتهم إلى التوبة والخلاص.

 

* التجديد والميلاد الجديد: هو الذي يُجدّد قلوب المؤمنين عند إيمانهم بيسوع المسيح، ويمنحهم حياة جديدة.

 

* التعزية والإرشاد: يُعزي المؤمنين في الشدائد ويُرشدهم إلى الحق ويكشف لهم عن مشيئة الله.

 

* منح المواهب الروحية: يوزع مواهب مختلفة على المؤمنين (مثل التعليم، الشفاء، النبوة) لبناء جسد المسيح (الكنيسة).

 

* الساكن في المؤمنين: بعد التوبة والإيمان، يسكن الروح القدس في قلوب المؤمنين، ويُعينهم على عيش حياة ترضي الله.

 

* الشهادة ليسوع المسيح: يشهد للناس عن شخصية يسوع المسيح وعمله الفدائي.

 

باختصار، الروح القدس هو الحضور الفعال لله في العالم وفي حياة المؤمنين، وهو الذي يُمكنهم من فهم كلمة الله، العيش حياة مسيحية، وأداء دورهم في خطة الله.

 

اذن نستطيع القول ان الروح القدس ليس ظلاً روحياً غامضاً ولا هو مجرد قوة، ولكنه الله بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهو مساوي لله الآب والله الإبن في كل شيء. الله هو الآب والإبن والروح القدس وكل الصفات الإلهية المنسوبة إلى الآب والإبن تنسب بالتساوي إلى الروح القدس.

 

إن أحد الأدوار الرئيسية للروح القدس هو أن يكون شاهداً عن المسيح.

 

إن الروح القدس أعطي ليسكن في الذين يؤمنون بيسوع المسيح ليحيوا حياة كما يريد الله.

 

أما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب بإسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يوحنا 14: 26) • "وأما متى جاء روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يوحنا 16: 13).

 

لنصلي ونطلب من الروح القدس، روح الحق المقيم عندنا، أن يجمعنا ويوحدنا، وان يهب لنا الحياة، وان يمنحنا مواهب الحكمة، ومعرفة وفهم كلمة الله، والقوة، والعلم، والتقوى، والخوف، وليسكن في قلوبنا واجسادنا، وليتسلم قيادة قلوبنا وافكارنا ومشاعرنا، وليضرم نار حبه فينا منذ معموديتنا وتثبيتنا، وفي ذبيحة كل قداس نشارك فيها، وفي كل قانون ايمان نتلوه، وفي كل سبت نور نجدد فيه مواعيد المعمودية، وليثبت ايماننا عند الشك، وليقونا عند الخوف، وليشددنا عند التردد، وليساعدنا عند الصعوبة، وليكن معنا عند التجربة، وليزدنا ايمانا ورجاء وحبا، وليفض علينا لغة المحبة والتسامح والغفران، وليخلصنا من القلق والذنب والكبرياء والجهل والمرض والظلام.

 

ولنصلي أيضًا:

 

المجد لك أيها الروح القدس، محبة الآب والابن.

 

أيها النار التي اضرمت العالم بالبشارة، لتشرق الوجوه وتعكس صورة المسيح.

 

المجد لك أيها المذكر والمعلم، ذكرنا بما قاله يسوع، وبذله من أجلنا، فنصحو ونهتدي، ذكرنا فنكتشف دعوة اطلقتها فينا بالعماد والتثبيت.

 

علمنا فنعلن بشارة الملكوت بكلامنا والحياة.

 

المجد لك أيها المؤيد، أعضد جميع المربين والدين ومعلمين، رعاة ومبشرين، فيشهدوا للحق بلا حياء ولا وخجل.

 

المجد لك أيها الناطق بالأنبياء والرسل، ألهم المبشرين فهمًا عميقًا للكلمة، هبهم الحكمة والفطنة في طريقة نشرها، فتنمو وتثمر في قلوب السامعين، واجزل عطاياك على جميع القائمين على التعليم المسيحي بشفاعة العذراء مريم. آمين.