موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٠ يونيو / حزيران ٢٠٢١

أحد الآباء القديسين 2021

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد السادس المعروف بأحد الآباء القديسين (المجتمعين في نيقية)

الأحد السادس المعروف بأحد الآباء القديسين (المجتمعين في نيقية)


الرِّسالَة

 

مُبَارَكٌ أَنْتَ يا رَبُّ إلهَ آبائِنَا
فإنَّكَ عّدْلٌ في كلِّ ما صَنَعْتَ بِنَا

فصل من أعمال الرسل القديسين الطهار (أعمال الرسل 20: 16-18، 28-36)


في تلكَ الأيَّامِ ارتأَى بولسُ أنْ يتجاوَزَ أَفَسُسَ في البحرِ لِئَلَّا يعرِضَ له أن يُبْطِئَ في آسِيَةَ، لأنَّه كان يَعْجَلُ حتَّى يكون في أورشليمَ يومَ العنصرةِ إِنْ أَمْكَنَهُ. فَمِنْ مِيلِيتُسَ بَعَثَ إلى أَفَسُسَ فاسْتَدْعَى قُسوسَ الكنيسة. فلمَّا وصَلُوا إليه قال لهم: ﭐحْذَرُوا لأنفُسِكُم ولجميعِ الرَّعِيَّةِ الَّتي أقامَكُمُ ﭐلرُّوحُ القُدُسُ فيها أساقِفَةً لِتَرْعَوا كنيسةَ اللهِ الَّتي ﭐقْتَنَاهَا بدمِهِ. فإنِّي أَعْلَمُ هذا: أَنَّهُ سيدخُلُ بينَكم، بعد ذهابي، ذئابٌ خاطِفَةٌ لا تُشْفِقُ على الرَّعِيَّة، ومنكم أنفُسِكُم سيقومُ رجالٌ يتكلَّمُون بأمورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلامِيذَ وراءَهُم. لذلكَ، ﭐسْهَرُوا مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي مُدَّةَ ثَلاثِ سنينَ لم أَكْفُفْ ليلًا ونهارًا أنْ أَنْصَحَ كلَّ واحِدٍ بدموع. والآنَ أَسْتَوْدِعُكُم يا إخوتي اللهَ وكلمةَ نعمَتِه القادِرَةَ على أَنْ تبنيَكُم وتَمْنَحَكُم ميراثًا مَعَ جميعِ القدِّيسين. إنِّي لم أَشْتَهِ فِضَّةَ أَحَدٍ أو ذَهَبَ أَحَدٍ أو لِبَاسَه، وأنتم تعلَمُونَ أنَّ حاجاتي وحاجاتِ الَّذين معي خَدَمَتْهَا هاتان اليَدان. في كلِّ شيءٍ بَيَّنْتُ لكم أنَّه هكذا ينبغي أن نتعبَ لنساعِدَ الضُّعَفَاء، وأن نتذكَّرَ كلامَ الرَّبِّ يسوعَ. فإنَّه قال: إنَّ العطاءَ مغبوطٌ أكثرَ من الأَخْذِ. ولـمَّـا قال هذا جَثَا على رُكْبَتَيْهِ مع جميعِهِم وصَلَّى.

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (يوحنا 17: 1-13)

 

في ذلكَ الزَّمان رَفَعَ يسوعُ عَيْنَيْهِ إلى السَّماءِ وقالَ: يا أَبَتِ قد أَتَتِ السَّاعَة. مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ٱبنُكَ أيضًا، بما أَعْطَيْتَهُ من سُلطَانٍ على كُلِّ بَشَرٍ ليُعْطِيَ كُلَّ مَن أعطيتَه لهُ حياةً أبديَّة. وهذه هي الحياة الأبديَّةُ: أن يعرِفُوكَ أنتَ الإلهَ الحقيقيَّ وحدَكَ، والَّذي أرسلتَهُ يسوعَ المسيح. أنا قد مجَّدْتُكَ على الأرض. قد أَتْمَمْتُ العملَ الَّذي أعطَيْتَنِي لأعمَلَهُ. والآنَ مَجِّدْني أنتَ يا أَبَتِ عندَكَ بالمجدِ الَّذي كانَ لي عندَك من قَبْلِ كَوْنِ العالَم. قد أَعْلَنْتُ ٱسْمَكَ للنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَهُمْ لي مِنَ العالم. هم كانوا لكَ وأنتَ أعطيتَهُم لي وقد حَفِظُوا كلامَك. والآنَ قد عَلِمُوا أنَّ كُلَّ ما أعطَيْتَهُ لي هو منك، لأنَّ الكلامَ الَّذي أعطَيْتَهُ لي أَعْطَيْتُهُ لهم. وهُم قَبِلُوا وعَلِمُوا حَقًّا أَنِّي مِنْكَ خَرْجْتُ وآمَنُوا أنَّك أَرْسَلْتَنِي. أنا من أجلِهِم أسأَلُ. لا أسأَلُ من أجل العالمِ بل من أجل الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي، لأنَّهم لك. كلُّ شيءٍ لي هو لكَ وكلُّ شيءٍ لكَ هوَ لي وأنا قد مُجِّدتُ فيهم. ولستُ أنا بعدُ في العالمِ وهؤلاءِ هم في العالم. وأنا آتي إليك. أيُّها الآبُ القدُّوسُ ٱحْفَظْهُمْ بـٱسمِكَ الَّذينَ أعطيتَهُمْ لي ليكُونُوا واحِدًا كما نحنُ. حينَ كُنْتُ معهم في العالم كُنْتُ أَحْفَظُهُم بٱسمِكَ. إِنَّ الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي قد حَفِظْتُهُمْ ولم يَهْلِكْ منهم أَحَدٌ إلَّا ٱبْنُ الهَلاكِ لِيَتِمَّ الكِتَاب. أمَّا الآنَ فإنِّي آتي إليك. وأنا أتكلَّمُ بهذا في العالَمِ لِيَكُونَ فَرَحِي كَامِلاً فِيهِمْ.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

هذا الأحدُ، الواقعُ بين عيدين كبيرين هما صعود ربّنا يسوع المسيح والعيد الخمسينيّ "العنصرة"، يسمّى "أحدَ آباء المجمع المسكونيّ الأوّل". فيه تذكّرنا الكنيسة المقدّسة بدور آباء الكنيسة الذين وضعوا أسس الإيمان الأرثوذكسيّ، في دستور الإيمان الذي نتلوه نحن الأرثوذكسيّين لنعبّر عن إيماننا المستقيم الرأي، وهو أهمّ ما وضعوه في المجمع المسكونيّ الأوّل الذي انعقد في نيقية في العام 325م.

 

هؤلاء الآباء الذين نعيّد لهم هم خلفاء الرسل الذين يوجّه لهم الربّ يسوع وصيّته "ليكونواواحداً كما نحن واحدٌ"… والرسل القديّسون وآباء المجمع المسكونيّ عملوا وعلَّموا، لذلك منهم عظماءُ في ملكوت المسيح.

 

أحبائي: أما المقطع الإنجيلي المخصص لهذا الأحد مِن إنجيل يوحنّا يُسمّى "صلاة يسوع الكهنوتيّة". وفيه يتجلّى تواضعُ يسوعَ رغمَ مجدِه.

 

"أن يعرفوك أنت الإله الحقيقيّ وحدك ويسوع المسيح الّذي أرسلته". بعد أن أنهى يسوع كلماته الفريدة والإلهية لتلاميذه عن أبيه، وهي نفس العلاقة التي تربطه به، والفرح الدائم منذ ولادة المؤمنين، عطايا الله الثرية باسم المسيح.

 

ما كان قد تنبأ به عن الآمه، والانتصار على الروح الدنيوية، ومن ثم صلى من أجل تلاميذه (بعد أن حول عينيه إلى السماء، التي تظهر حضور الله الروحي ومصدر الله. عطايا النعمة)، وكشف أيضًا عن علاقته البنوية مع الله، قائلاً لأبيه ما يلي:

 

لقد حان وقت شغفي، وهو الوقت الذي ستمجدني فيه مرة أخرى (لأنه على الرغم من أنني الله، فقد عانيت كثيرًا كإنسان، ولكن أيضًا من خلال إظهار الناس لخلاصهم أنا الوحيد على الأرض، والآن في السماء). بهذه الطريقة سيتم تمجيدك مع الآب من خلال الابن والروح القدس، وسيظهر اسمك على نطاق واسع للبشر على أنه الثالوث الأقدس. لأنك أعطيتني (كإنسان) القوة على البشرية جمعاء، لأمنح الحياة الأبدية للمؤمنين.

 

بعد كل شيء كما يقول الرب، هي الحياة الأبدية: أن تعرف (في الحياة الكنسية وليس فقط من الناحية النظرية) الآب باعتباره الإله الحقيقي الوحيد، وكذلك يسوع المسيح (على قدم المساواة مع الآب)، الذي أرسلته لإنقاذ العالم.

 

"ان الآب مجدك على الأرض"

 

 لقد قدمت عمل الإيمان الحقيقي والحياة للناس، مع تضحياتي وشغفي، الذي سيحدث قريبًا. إن جذر الإيمان السليم مزروع الآن في العالم. لذلك فإن ثمار الشجرة تنمو بطريقة غامضة ومن خلال الحياة التي وهبتها لنا. الآن مجدني وأنت أيها الآب، اسمح لي أن يعترف الكون، منذ الأزل، كمسيح حقيقي وابنك وكإله أبدي، لأنني كنت أحمل هذا المجد فيك، قبل أن يتواجد العالم.

 

لقد كشفت اسمك للشعب ، من الأمم واليهود، لكل الذين دعوتهم ليأتوا إلي، وليجيبوا على حقيقة شخصيتي. كان لديهم معفاة من الرسوم الجمركية (الوثنيون) وصورة (يهود) أفضل عنك، بينما علمت الآن الحقيقة الحقيقية عنك. لقد كشفت بشكل خاص عن اسمك (وثالوث الإله الواحد) أيها الآب.

 

ان تلاميذي ورسلي الذين أنرتهم وقبلوا التعليم الكامل من الله. لقد فهموا من كل قلوبهم أن كل ما علمته جاء منك. قبول الرسل وسائر التلاميذ والمسيحيين إلى نهاية العالم تعليمي السليم. يعتنقونه ويعلمون الآخرين بعنايتك وبه تم الكشف عني للعالم والجميع قهم اني خرجت اليك وانك ارسلتني.

 

من أجل تلاميذي ورسلي أتوسل إليك أيها الآب ليس من أجل الناس الدنيويين، ولكن من أجل أولئك الذين أعطيتني، حتى يتحدوا معي ومع أتباعي والذين هم دائمًا لك. إنهم هم الذين سيكملون المهمة الإلهية التي أوكلتهم إليها، وسوف ينقلون إيماني وتعليمي إلى أقاصي الأرض.

 

بعد كل شيء هؤلاء التلاميذ لي وهم أيضا تلاميذك. تمجدني من خلال تلاميذي، ليس فقط لأنهم يؤمنون بألوهيتي، ولكن أيضًا لأنهم حملوا الوعظ بالإيمان والحياة الحقيقيين، ونور الإنجيل وأعمال الخير الإلهي الجذابة، في جميع أنحاء الكون. سوف آتي إليكم كإنسان قريبًا، لكن تلاميذي سيبقون في ضجيج ومعاناة العالم. لذلك أيها الأب الأقدس أرسل لهم مساعدتك باسمي، حتى نكون واحدًا في الطبيعة والجوهر، كذلك هم أيضًا دائمًا واحد، في الوحدة السرية للحقيقة، في الإرادة والإيمان.

 

طالما كنت في العالم، كنت أنا الشخص الذي حفظهم في الإيمان. لم يفلت أي منهم ولم يخالف تعليمي، باستثناء يهوذا، ابن الهلاك، بينما كان متنبئًا أن هذا سيتم من العهد القديم قبل حدوثه.

 

الآن آتي إليكم (بقيامتي وصعودي). لهذا السبب أقول هذه الحقائق، حتى يسمع تلاميذي أنني سأظل معهم دائمًا، ولن أتخلى عنهم ، ومع ما يسمعونه هم سعداء تمامًا. علمتهم كلماتك المقدسة. لذلك كرههم العالم لأن الذين فكروا وعملوا روحيًا كرهوا كلمة الله. لكن تلاميذي ليسوا من العالم (لا يفكرون ماديًا)، لأنني لست مفكرًا مخادعًا، على الرغم من أنني رجل الله تمامًا. لذلك أطلب منك أن تحميهم من الشر، ومن الأخطار والاضطهادات المتوقعة، ليبقوا راسخين في إيماني وتعليمي، مما ينتج حياة لا نهاية لها ونوعية. قدسهم في حقك، لأن كلمتك حق. احفظهم بروحك القدوس، وقودهم إلى التفسير الصحيح لتعاليمك.

 

كما أرسلتني لإنقاذ الناس، أرسلتهم إلى العالم كشهود على الحقيقة. وبما أنني  طوعًا أقدم التضحية من أجل الناس. للتضحية من أجل الحقيقة الحقيقية لله. لكي يكون الجميع واحدًا، من خلال السلام والوحدة، وعندها فقط سيؤمن العالم (بالحب والوحدة) أنك أرسلتني وأن تعليمي ورسالتي ليست من شأني الشخصي.

 

لأن التعليم السماوي والمعجزات كهدية إلهية للقوة، السلام الروحي والمحبة التي لديّ منك، كإنسان، أعطيتها لتلاميذي (في كنيستي) ليكونوا في حياة الأسرار، ونحن واحد متحدون معهم.

 

أيها الآب من خلال وحدتنا في الوحدة السماوية الفريدة للكنيسة على الأرض. عندها فقط سيعرف العالم داخليًا أنني أتيت منك وأنك أرسلتني، وأنك أحببت الناس كما أحببتني. أريد من أعطيتني أن يتحدوا معي دائمًا. للاستمتاع من الآن فصاعدًا، وفي مملكتك السماوية، بنظرية مجدي المباركة. لأنك أحببتني قبل أن يتواجد العالم.

 

أبي البار، لم يعرفك العالم (لأن الوثنيين واليهود كان لديهم إيمان فظ وأناني على التوالي). لكنني بصفتي ابنك الطبيعي أعرفك تمامًا وتامًا. هكذا عرفك تلاميذي من خلالي، وشعروا أنك أرسلتني. لهذا السبب كشفت لهم اسمك، وسأعرفه دائمًا من خلال أجيال الناس، من خلال الروح المستدعى، حتى يستقر الحب الكامل الذي أحببتني به ويظل ثابتًا إلى الأبد. هكذا سأعيش دائمًا مع المؤمنين، في حقيقتك.

 

الطروباريات
 

طروباريَّة القيامة باللَّحن السَّادِس

إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.

 

طروباريَّة الآباء باللَّحن الثَّامِن

أنتَ أيُّها المسيحَ إلهُنا الفائِقُ التَّسبيح، يا مَنْ أَسَّسْتَ آباءَنا القدِّيسينَ على الأرضِ كواكِبَ لامِعَة، وبهم هَدَيْتَنَا جميعًا إلى الإيمانِ الحقيقي، يا جزيلَ الرَّحمةِ المجدُ لك.

 

طروباريَّة الصُّعود باللَّحن الرَّابِع

صَعِدْتَ بمَجْدٍ أيُّها المسيحُ إلهُنا، وفرَّحْتَ تلاميذَك بموعِدِ الرُّوح القُدُس، إذ أيقَنُوا بالبَرَكَة أنَّكَ أَنْتَ ٱبنُ اللهِ المنْقِذُ العالَم.

 

القنداق  باللَّحن السَّادِس

لـمَّا أَتْمَمْت َالتَّدبيرَ الَّذي من أجلِنا، وجعلتَ الَّذين على الأرض مُتَّحِدِينَ بالسَّمَاوِيِّين، صَعِدْتَ بمجدٍ أَيُّهَا المسيحُ إلهُنا غيرَ مُنْفَصِلٍ من مكانٍ بل ثابتًا بغيرِ ٱفتِرَاق وهاتِفًا: أنا معكم وليسَ أحدٌ عليكم.