موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
دلبند رواندوزي في مشتلها في اربيل، 12 كانون الثاني 2021
ترعى العراقية الكردية دلبند رواندوزي داخل خيمتها الزراعية نباتات صغيرة ستصبح قريبا أشجار بلوط باسقة، آملة في أن تسهم بإعادة الحياة إلى غابات إقليم كردستان في شمال العراق حيث تبددت نصف الثروة الحرجية بفعل الحروب والحرائق وعمليات القطع غير القانونية.
وتسعى هذه الشابة البالغة 26 عاما المولعة بالتسلق الجبلي والنزهات في الطبيعة، إلى إعادة الحياة لغابات الإقليم عبر زرع مليون شجرة بلوط خلال السنوات الخمس المقبلة.
وهي اختارت البلوط لقدرة هذه الأشجار على مقاومة درجات الحرارة المنخفضة ولجذورها التي تمتد بعمق داخل الأرض ما يساعدها على مقاومة الجفاف ولعمرها المديد الذي قد يستمر قروناً.
وتقول دلبند لوكالة فرانس برس إن "أول تجربة لنا كانت في خريف 2020، وزرعنا خلاله ألفي شجرة بلوط ".
وبدا الرضى جلياً على هذه الشابة المتحدرة من بلدة رواندوز شمال مدينة إربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ العام 1991.
ولتحقيق هدفها الأكبر وزراعة أشجار البلوط التي تكسو أغلب غابات العراق، حشدت دلبند مؤيّدين كثيرين لها.
وتبدأ المهمة على يد رعاة ومتنزهين محليين ينقلون البذور خلال رحلاتهم عبر الجبال لتزرعها دلبند داخل خيمتين زراعيتين تموّلهما مؤسسة تعليمية خاصة في أربيل.
بعدها تحدد لها وزارة الزراعة في الإقليم المواقع التي يمكن زرعها مجدداً عند كل خريف.
وبعد غرس تلك الشتلات في المنطقة التي يؤمل تحويلها إلى غابة، تنتقل رعاية كلّ منها إلى أحد المراقبين مقابل ألف دينار (0,70 دولار).
حرائق تفتك بالمحميات
وتوضح دلبند أن الهدف هو "خلق عادات جديدة في المجتمع من خلال غرس الأشجار من أجل الوصول الى مناخ أفضل، لأن التغير المناخي تهديد كبير ويجب ألا يقتصر عملنا على زراعة الأشجار".
وأصبح أقليم كردستان على مر السنوات ملاذا رئيسيا لأكراد من العراق ودول أخرى خصوصا بعدما الصراعات التي مزقت الشرق الأوسط.
وشهدت التشيكية أنتيرا تيبسيتاويوات (50 عاما) من خلال جولاتها المتكررة في جبال كردستان، على ما لحق من أضرار على طبيعة الإقليم.
وهي تقول لوكالة فرانس برس "قررت رعاية 500 شجرة، وهي مساهمة صغيرة من أجل الطبيعة في كردستان".
وفقد الإقليم 20 % من نباتاته منذ 2014، وتصل هذه النسبة الى 47% في حال مقارنتها بإحصاءات تعود للعام 1999، وفقا لسلطات الإقليم.
وانعكس ذلك من خلال زوال أكثر من 8000 كيلومتر مربع الغابات الطبيعية أو المزروعة على يد البشر، وأيضا تبدد الحماية من تأكل التربة وفقدان المياه، وفقا لمنظمة "فاو" للأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
ويعزى هذا الوضع إلى الغارات وقطع الأشجار غير القانوني على يد عائلات فقيرة طلبا للحطب من أجل التدفئة، أو إلى أطماع حطابين أو الرعي الجائر، إضافة إلى التمدد السكاني العشوائي الذي يتحدى الطبيعة في مناطق كثيرة.
وخلال الصيف الماضي الذي تعرّض خلاله إقليم كردستان إلى غارات متكررة من سلاح الجو التركي، جرى القضاء على 20 ألف هكتار من الأراضي "نصفها تقع في مناطق محمية غنيّة بالتنوع الحيوي" خصوصا الغابات، وفق منظمة "باكس" غير الحكومية استنادا إلى صور أقمار اصطناعية.
"لا لقاح" للمناخ
وتشير منظمة "فاو" إلى أن مساحة الغابات في العراق لم تعد تتجاوز 8250 كيلومتراً مربعاً، ما يمثل 2% من المساحة الإجمالية.
وتنتشر أغلب غابات هذا البلد الذي تغطي الصحارى نصف مساحته، في إقليم كردستان، على طول الحدود الشمالية مع تركيا وفي سلسلة جبال زاغروس على الحدود مع إيران.
وبسبب حالة الطوارئ المناخية في سائر أنحاء العالم، انضم هوكر علي (35 عاما) لهذه المبادرة.
وهو يقول لوكالة فرانس برس "على الجميع المشاركة للحد من تهديدات وعواقب التغير المناخي، لأنه لا يشبه كوفيد-19 الذي يمكن للعلماء تطوير لقاح" لعلاجه.
من جانبه، يرى المتخصص في شؤون البيئة أحمد محمد الذي قاد الهيئة المسؤولة عن التوعية البيئية في الإقليم بين عامي 2012 و2015، أن على سلطات الإقليم مراجعة سياستها بشؤون المناخ.
ويدعو محمد إلى تطوير شبكات النقل العام لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة البالغ عددها مليونين من أصل خمسة ملايين نسمة في كردستان.
كما يوصي بوقف رمي قناني البلاستيك التي تستخدم مرة واحدة، مؤكدا على ضرورة "تثقيف الناس قبل كل شيء".
ويضيف "الناس هنا يحبون الأماكن المفتوحة، ويذهبون للنزهة أسبوعيا وأغلبهم لديهم في الجبال، لكن أكثرهم لا يدركون أهمية الطبيعة وخطورة الكوارث المناخية الآتية".