موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٦
قداس في ماعين بمرور عشرين عامًا على رحيل الأب يوسف دوسيتي
أرشيفية

أرشيفية

أبونا :

 

استذكرت رهبانية عائلة البشارة الصغيرة، اليوم الأحد، مرور عشرين عامًا على رحيل مؤسسها الأب يوسف دوسيتي، الذي أحب أن يكون أبناؤه في الأرض المقدسة، من خلال دير ماعين في الأردن منذ العام 1983، ودير في عين عريك بفلسطين منذ العام 1989.

 

ففي كنيسة القديس يعقوب بماعين، ترأس النائب البطريركي للاتين المطران مارون لحّام القداس الإلهي، بمشاركة السفير الفاتيكاني المطران ألبيرتو أورتيغا مارتن، والمستشار في السفارة البابوية المونسنيور روبيرتو كونا، والسفير الإيطالي وعقيلته، وماريا ابنة شقيق الأب دوسيتي، وكاهن رعية مادبا الأب إياد بدر، ومدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر.

 

وقال المطران لحّام في عظته: "مَن منا عرف الأب دوستي يعلم أنه أمام إنسان فذّ، إنسان قد تلتقي بشخصين أو ثلاثة مثله في حياتك، إنسان يشبه البحر، وعندما تريد أن تتكلّم عن البحر تحتار، لأن البحر كلما تعمّقت فيه ترى أن ما تجهله عنه أكثر بكثير مما تعرفه. هذا هو الأب يوسف دوستّي".

 

وتحدث سيادته عن صفتين من صفات الأب دوستي هما البساطة والعمق، وقال: "بساطة في كل شيء. في لبسه المتواضع، اللبس أو الثوب الذي فرضه على نفسه قبل أن يفرضه على رهبانه وراهباته. بساطة وتواضع في مظهره الخارجي وفي سيره وفي تعامله مع الآخرين. بساطة تواضع في سماعه بانتباه لمن يكلّمه ويقترب منه ليأخذ رأيه في أيّ موضوع كان. بساطة وتقشّف في أكله وشربه، بساطة فرضها أيضًا على أكل وشرب رهبانه وراهباته. بساطة في تقبّله المرض وآلام المرض والشيخوخة بإيمان. بساطة في موته وفي الطريقة التي أراد أن يُدفن فيها ساعة دخوله إلى العالم الآخر".

 

وحول الصفة الثانية تابع النائب البطريركي: "عمق في روحانيته المسيحية الأصيلة، روحانية حملته على أن يترك عالم السياسة الذي كان فيه من أشهر رجالات إيطاليا في منتصف القرن الماضي، ويدخل الدير ويختار التكريس لله في الكهنوت، ليخدم الله والكنيسة وبلده بشكل آخر لا يقل أهمية عن عمله السابق في السياسة. عمق في تفكيره. فمن يقرأ كتاباته يضطر إلى أن يعيد القراءة مرتين وثلاثة كي يفهم معناها ويرتفع إلى مستوى تفكيره. ثم وخصوصًا عمق في صلاته. كان ينحني بسبب العمر والمرض ويغلق عينيه ويدخل في عالم الله لأكثر من ساعة. عمق في تفسيره للكتاب المقدس وفي عظاته التي لم تكن تكتفي بأن تبقى على السطح أو على المعنى الخارجي، بل كان يدخل في سر كلام الله ليصل هو أولاً، ومن ثم ليفتح الطريق لسامعيه أن يقفوا على ما أراد الله أن يقوله لبني البشر من خلال الكتب المقدسة. عمق في تحليله للواقع الذي تعيشه بلاده وتعيشه الكنيسة في الوقت الراهن، بحيث أنه كان مستشارًا لكاردينال بولونيا في المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني".

 

وخلص المطران لحّام عظته بالقول: "إن الإنسان الذي يجمع بين نقيضين هما البساطة والعمق، هو إنسان عملاق يتمتّع باتزان إنساني وثقافي وروحي نادر. فنحن إنا كنّا بسطاء غالبًا ما نكون سطحيين، وإن كنا عميقين غالبًا ما نكون متكبرين. لهذا السبب، فيما نصلي اليوم من أجله بعد مرور عشرين سنة على وفاته، نحن متأكدون أنه يتنعم الآن بمشاهدة وجه الله الذي تأمل فيه بالإيمان سنوات وسنوات قبل أن يراه وجهًا لوجه. فلنطلب منه أن يشفع فينا لدى العرش الإلهي كي يعطينا الله شيئًا من بساطته الإنجيلية ومن عمقه الروحي دون أن نقع في السطحية والكبرياء".

 

يذكر أن الأب يوسف دوسيتي ولد وعاش في الفترة مابين 1913 حتى 1996، وكان له دور بارز في أحداث ذلك العصر على الصعيدين السياسي والكنسي. فعلى الصعيد السياسي، تركز اهتمامه بحقوق المواطنين في بلده إيطاليا، وبشكل خاص حقوق الطبقات المهملة والفقيرة. وفي عام 1964، كان أحد المساهمين الرئيسيين في كتابة الدستور الإيطالي.

 

وفي عام 1953 اعتزل الحياة السياسية مكرسًا نفسه لخدمة الكنيسة الكاثوليكية، إذ ساهم في كتابة بعض وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني التي كان لها أثر كبير في تجديد حياة الكنيسة الكاثوليكية بشكل جوهري. وفي عام 1954، أسس رهبنة دعيت "عائلة البشارة الصغيرة". وفي عام 1959 تلقى درجة الكهنوت المقدس. رحل إلى الدار الخالدة في 15 كانون الأول 1996، ودفن في مقبرة Monte Sole في إيطاليا.