موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢ أغسطس / آب ٢٠٢٠
قداس بدء الرسالة في كنيسة قلب يسوع الأقدس للاتين في تلاع العلي، عمّان
جانب من قداس بدء الرسالة في كنيسة قلب يسوع الأقدس للاتين - تلاع العلي (تصوير: أسامة طوباسي/أبونا)

جانب من قداس بدء الرسالة في كنيسة قلب يسوع الأقدس للاتين - تلاع العلي (تصوير: أسامة طوباسي/أبونا)

أبونا :

 

أقيم في كنيسة قلب يسوع الأقدس للاتين في منطقة تلاع العلي، غرب العاصمة الأردنيّة عمّان، مساء أمس السبت، قداس بدء الرسالة لكاهن الرعية الأب رفعت بدر، والكاهن المساعد الأب سيمون حجازين، بحضور النائب البطريركي للاتين المطران وليم شوملي، وأسقف أرضروم والممثل الشخصي لبطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في رومانيا المطران قيس صادق، والقائم بأعمال السفارة البابوية في عمّان المونسنيور ماورو لالي، والأب أكرم مشربش، بمشاركة لفيف من عائلات الرعيّة وفعالياتها.
 

من قلب يسوع إلى قلب يسوع

 

وبعد إعلان الإنجيل المقدس، خاطب الأب بدر أبناء رعيته في عظته الأولى، وقال: "يشرّفني أن أقف أمامكم اليوم خادمًا جديدًا لهذه الرعية: رعيّة قلب يسوع الأقدس، قادمًا مع أخي الأب سيمون حجازين، من رعيّة قلب يسوع الاقدس في ناعور. أشكر سيادة المدبّر الرسولي وسيادة المطران وليم شوملي، وأسرة البطريركية اللاتينية، على ثقتهم المتواصلة بكهنتنا الأحباء، وبهذه التنقلات لهذا العام".

 

وأوضح أنّ ما يميّز هذا القلب الأقدس هو أنّه قلب شفوق، حيث "نتأمل في إنجيل هذا المساء، ويقول لنا النص الإنجيلي: إنّ السيد المسيح، بقلبه الرقيق، قد أخذته الشفقة على الجموع الجائعة. إنّه صاحب القلب الكبير الذي يشفق علينا، ويتحنّن على أوضاعنا. وبالترجمة الأساسية الأصلية لهذه الكلمة، فإنّ الشفقة تعني بأنّ أحشاء يسوع قد تحرّكت من الداخل، وكأنّها نار مشتعلة".

خبزه هو، لا خبزنا نحن

 

وقال: "في إنجيل هذا المساء أيضًا، يقول السيد المسيح له المجد، للتلاميذ، أمام مرأى وعلى مسمع الناس الجائعين: أعطوهم أنتم ما يأكلون! ويستغرب تلاميذ يسوع: ولكننا يا رب لا نستطيع أي شيء بدونك! نحن ليس لدينا شيء لنعطيه، ولكن نحن بانتظار كلامك لكي نقول، ولكي نعمل ما تريد أنت، ولكي لا نوزّع خبزنا نحن، وماءنا نحن، وتعليمنا نحن، وأفكارنا نحن، وعقلياتنا نحن... بل نريد أن نوزّع خبزك أنت، وماءك أنت، وتعاليمك أنت، وأفكارك أنت، وأن نزرع عقليتك أنت. نحن يا رب ما نحن سوى حاملين لهذه القفف لكي نوزّع فيها ماءك وخبزك وسمكك وصيدك للجموع العطشى والجائعة".

 

وأضاف: "نتنقّل أيها الأخوة والأخوات نحن الكهنة، مثل تلاميذ يسوع، نحمل القفف بأيدينا الممسوحة بزيت السرّ المقدس، ونوزّع خبز يسوع عليكم. لا نوزّع خبزنا نحن، بل خبزه هو. والقفف التي تزيد هي رمز أنّ الرب يعطي بدون حساب، باستمرار وبمجانيّة، يعطي فيفيض. يعطينا أكثر من حاجتنا. ويعطينا حنانًا أكثر مما نحتاجه، ويعطينا عونًا، لكن علينا أن ندرك بأنه يعطي بغير حساب وبغير انتظار لمقابل، إلا أن نقابل الحبّ بالحبّ، إلا أن نعطي العالم الأخلاق التي تشع من عينيه ومن قلبه الشفوق".

 

وتابع: "نسير معكم في هذه المسيرة الجديدة، في هذه الرعيّة الرائعة، أنا وأخي الأب سيمون، نحمل ليس فقط القفة لنوزع خبزًا عاديًا، نحن نحمل الكأس المقدسة، والصواني المقدسة على الهيكل. نشكر الرّب على نعمة ما تحقّق من كهنة أفاضل، خدموا هذه الرعية بتفانٍ وإخلاصٍ، وشجاعةٍ ونبلٍ وعطاءٍ من غير حساب على حساب المعلم المعطاء. نترحم على من انتقل للديار الأبديّة، نخص بالذكر الأب يوسف الربضي، والأب إبراهيم حجازين، ونطلب الصحة والعافية للأب جهاد شويحات والأب علاء مشربش، والكهنة المساعدين الأب سامر صوالحة والأب مروان حسّان والأب جوزيف صويص".

أسرة واحدة متماسكة

 

وأردف الأب بدر في عظته الأولى: "أتطلّع أنا والأب سيمون إلى خدمتكم في هذه الرعيّة لنكون كما يقول القديس بولس الرسول في قراءة هذا النهار: ألا يفصلنا شيء عن محبّة المسيح. نقول ذلك في كنيسة قلب يسوع الأقدس، رمز المحبّة الصافية، ولكن هنالك تحديات كثيرة تواجه أبناء عصرنا وشبابنا وشاباتنا، تريد أنّ تفصلنا عن حبّ المسيح الحقيقين تريد أن تختطفنا من الحب الحقيقي والصافي".

 

تابع: "نقول في هذا المساء، مع القديس بولس: من يفصلنا عن محبّة المسيح؟ لا سيف، لا طوفان، لا زلزال، لا وباء، ولا جائحة، ولا كمبيوتر، ولا واتساب ولا فيسبوك.. يفصلنا عن محبة المسيح، نحن نتمسّك معًا أسرة واحدة، نبنيها معًا، ونتضامن الكاهن والراهبات والشعب، مع كل إنسان محتاج في هذه الرعية، وخاصة من يحتاجون إلى العون، إلى كلمة تشجيع، إلى زيارة مريض، وإلى محبّة خالصة، لكي نبني الأسرة الواحدة المتماسكة. ومن الذي يجعلنا متماسكين؟ هو حبنا المشترك لقلب يسوع الأقدس، هو تعلقنا لمحبة المسيح، لنصرخ مع القديس بولس الرسول: من يفصلنا عن محبّة المسيح؟ فنقول معًا: لن يفصلنا شيء عن محبّة المسيح!".

 

وأضاف: "نتطلّع لمزيدٍ من العطاء الروحي في هذه الرعيّة، وهنالك رصيد كبير لرعيتنا العزيزة. أتذكر يوم تدشين هذا الهيكل، سنة 2000، قبل عشرين سنة إلا شهر، كنتُ أنا موجّه الاحتفال، أتذكر لحظة إنارة الهيكل لأوّل مرّة، بعدما مسح البطريرك الهيكل بالزيت، وكرّسه، وأضاء البخور على 5 أجزاء رمز جروحات المسيح الخمسة، ووضعت الذخائر المقدسة، وضع الغطاء، أشعلت الشموع، وضعت الورود، صار فيه بهجة للكنيسة. عند ذلك، صراحة، قلت: أيها الإخوة والأخوات في هذه اللحظات يضيء نور المسيح القائم (لأننا كنا بالزمن الفصحي) أرجاء هذا المكان، نحيي ونصفق للمسيح القائم.. المسيح قام حقًا قام. اشتعلت الكنيسة يومها بالتصفيق، للمسيح القائم".

ستبقى رعيّة مُستقبِلة

 

وقال كاهن الرعيّة: "بعد 20 سنة، ونحن نحيي تذكار تدشين هذه الكنيسة بعد شهر من اليوم، نشكر الرب عليها، وعلى كل الأسرار التي أقيمت فيها، وعلى كل إنسان دخلها ضارعًا الرب أن يعينه في متاعب هذه الحياة. نشكر جميع الفعاليات: للأخوات الراهبات والشماس، المجموعة الكشفية، وفرق الشبيبة، وجوقة الترتيل، وخدام الهيكل، والشدايقة، والأخوية ولجنة المحبة، والمتطوعين وحركة الرجاء، ومجموعة الصلاة والعائلة المقدسة". كما وجّه تحيّة للأسرة الأردنية الواحدة، لجلالة الملك والمواطنين بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وللأجهزة الأمنية والصحيّة في هذه الأيام الصعبة".

 

ورفع الأب بدر شكره أيضًا "على كل عطاء قام به الكهنة والراهبات والأحباء من مختلف الفعاليات الرعوية، وكل الرعايا التي صلّت في هذه الكنيسة، في رسامات كهنة، في نذور راهبات أو مكرسات، وفي زواجات وعماميد، وجنانيز... هذه الرعيّة كانت وستبقى مُستقبِلة لكهنتنا الأعزاء، وللأسرار المقدسة، ليس فقط من رعيتنا، ولكن من مختلف كنائس الأردن الحبيب. سوف نفتح الأبواب لإخوتنا الكهنة، لمن يترأس إكليل يخصّه، سواء من أقربائه، أو من بنات وأبناء رعيته. نفتح الباب للفعاليات الرعوية لكي تكمل نشاطها بعدما يتاح لنا ذلك".

 

وأضاف: "أيها الأحباء، نتكّل على صلاتكم، وعلى تعاونكم. نشكر طبعًا عائلة امسيح الكريمة، ونصلي من أجل راحة نفس الكوماندر المرحوم كرم امسيح، ومن أجل عائلة الفارس أسامة امسيح (أبو كرم) وإخوته ووالدتهم العزيزة، على عطائهم ببناء هذه الكنيسة قبل عشرين عامًا، ونشكر كلّ شخص قدّم مالاً ووقتًا لخدمة الكنيسة، ونتطلّع دائمًا نحو الأفضل. والأفضل كما قلنا هو التركيز على البعد الروحي والبعد الثقافي خاصة في تاريخ الكنيسة وفي العقائد المسيحية، وفي تعليم الكنيسة الأخلاقي والاجتماعي. إن شاء الله سوف نقوم بعقد دورات تثقيفية حول التاريخ الكنسي والإيمان المسيحي لكي نكون دائمًا محصنين بالمعرفة المسيحية لمجابهة أي سؤال، والافتخار بأننا مؤمنون بالمسيح، مشاركون في الكنيسة، وشاهدون في المجتمع".

 

وخلص الأب رفعت في عظته إلى القول: "نطلب ذلك بشفاعة الأم البتول مريم، صاحبة القلب الطاهر التي أعطتنا قلب يسوع الأقدس. وهي التي وصفها القديس ألفونس دي لوغوري الذي تحتفل الكنيسة اليوم بعيده، وكان يتمتع بتقوى مريمية بشدة: الشريكة في الفداء ووسيطة النعمة والأم والمحامية والسلطانة. فلتحرسنا ولتكن دائما نصيرتَنا الآن وكل أوان. آمين".

كلمتان

 

وقبل منح البركة الختاميّة، ألقى المطران وليم شوملي عبّر فيها عن سعادته للمشاركة في القداس الأول لكاهن الرعيّة الجديد الأب رفعت بدر، ونائبه الأب سيمون حجازين، مشيرًا إلى أن عظة الأب بدر "كانت مليئة بالإندفاع لخدمة هذه الرعيّة الحبيبة". وأوضح المطران شوملي بأنّ كنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي، بالعاصمة عمّان، معروفة عنها بـ"التقوى والاحتفالات الجميلة. فطوبى للكاهن الذي يخدم في هذه الرعيّة"، متمنيًا في النهاية التوفيق للكاهنين في رسالتهما الجديدة.

 

كذلك بارك المطران صادق للأب بدر باليوبيل الفضي لكهنوته، وأشار إلى أن الخدمة الرعوية هي "الإنسحاق أمام الرعية، وهي الإنحناء أمام الجميع، لهذا نجتمع معًا لكي نصلي في هذا المساء لكي يقيمك الرب الإله على غرار بولس الرسول الذي قال: لست أنا أحيا، بل المسيح يحيا فيّ. فأنت أخذك المسيح مخلصًا، والكنيسة أمًا، والشعب رعيتك. لهذا أمامك صليب، وأنت مستحق له". وفي الختام، قدّم المطران صادق للأب بدر أيقونة الكاهن الأعظم، لتكون معزيّة في خدمته المباركة.

 

هذا ومنح المطران شوملي البركة الختاميّة في نهاية القداس الإلهي.